Site icon جريدة الدولة الآن

تقدير الطفل لذاته يحقق إنجازاته

      كتبت / هدير الحسيني
نجد كثيرٌ منا لا يتقبل ذاته وغير راضاً عن حياته ، كما نجد أغلبنا يتهم نفسه بكلاماً سلبياً مع ان النفس البشرية أعظم وأكبر من أن نتهمها ونقلل منها ، كذلك نجد أشخاص غير مؤمنين بقدراتهم ومميزاتهم ،وللأسف هذا نجده أيضاً في كثيرٌ من الأطفال و هذا بسبب إنعكاس تربية الآباء للأبناء علي هذة الصفات والمشاعر السلبية والمدمرة للذات.
تحدثنا في أولي حلقاتنا من سلسلة مقالات ( كيفية تنمية المهارات الحياتية لدي الأطفال ) عن كيف نُنمي المفهوم الذاتي الإيجابي لدي أبنائنا ، والأن سوف نتحدث في ثاني حلقاتنا عن( كيفية تنمية التقدير الذاتي لدي الأبناء) ليصبحون يعرفون ويقدرون ذاتهم جيداً ، إن التقدير الذاتي لدي الطفل هذا الذي يدفعه للتعلم والتميز بالأخلاق والفكر والعقيدة والصلاح والإستقامة ، فعندما يُقدر الطفل ذاته جيداً هذا يساعده أن يُصبح إنساناً مستمتعاً بنجاحاته وإنجازاته وأيضاً سوف يشعُر بالإفتخار والإعتزاز بها ، لذلك أن من أهم الخطوات والطرق التي يجب أن يعرفها الآباء لتنمية التقدير الذاتي لدي الأبناء هو تحقيق الأمن والطمأنينة للطفل وهذا يتم بإزالة المخاوف لديهِ (فابتعد عن أسلوب التحذير المستمر والتهديد والتخويف وأيضاً عليك أن لا تستخدم أساليب العقاب المستمرة ) لأنكِ إذا إتبعت هذة الأساليب السيئة سوف يشعُر طفلك بأنه لا قيمةٌ له وأنه دائماً تحت التهديد والتخويف، فعلم طفلك ما تتوقعه منه وأقنعه بهِ دائماً وهذا يتم بالتحاور معه دائماً حول ما تُريد منه وما تتوقعه وأقنعه بذلك من خلال حديثك معه عن القيم والمعتقدات التي تكمن وراء ما تتوقعه منه من صلاح الدنيا والآخرة ، فركز دائماً على ما تريده من طفلك بدل التركيز علي ما لا تريده ، فبدل من قولك له ( لا تقلق الضيوف ) قل له ( سلم وابتسم في وجوه الضيوف ) ، فأن هذا يبني لدي الطفل معايير لازمة تُحدد السلوكيات المطلوب الإلتزام بها وتلك التي ينبغي الإبتعاد عنها فهذة المعايير تُشكل الأمان بالنسبة للطفل ،كذلك معايير (الحق والباطل ،والصواب والخطأ) هذة كلها معايير عندما تُغرس في نفس الطفل تُحقق له الأمان ويُشعر بتقدير وإحترامه لذاته .
كذلك من طرق تنمية التقدير الذاتي لدي الأبناء هو شعورهم بالإنتماء والحب لأن هذا الشعور يتولد من خلال إشباع حاجة الطفل للقبول من داخل أسرته فالمطلوب منهم هو قبول الطفل دون ربط هذا القبول بإنجازات محددة يقوم بها ، لأننا إذا علمنا أبنائنا بأنه مقبول إذا أحسن وأنه مرفوضاً إذا أخطأ فذلك سوف يُنشأ طفلاً ضعيف الشخصية وضعيفاً في تقديره لذاته ، فأن قبول الطفل كما هو يُعني إنتماءه لأسرة يُشكل أحد أعضائها فأن هذا يساعده فيما بعد علي الإندماج في مجموعات إجتماعية أخرى فقبول الطفل كما هو في الواقع وليس بالصورة المثالية التي نتمني أن يكون عليها هذة من الأساليب التربوية المهمة فإظهار الحب الغير مشروط للطفل هذا يُشعره بقيمته وأنه مهم لذاته علي الرغم من عيوبه وأخطائه ، هذا نجده أكثر في أطفال ذوى القدرات الخاصة عندما يكون لديهم والدين يُعاملونهم بهذا الأسلوب التربوي ويبينوا لهم بأنهم الأجمل وأنهم أكثر إبداعاً وأكثر قدرات وإمكانيات فهؤلاء الذين يتحدون كل الصعاب ويحققون كل الإنجازات التي لا يقدر عليها الأصحاء ، فلنحرص دائماً علي إتباع هذا الأسلوب المبدع في التربية ، كما أن الحديث الإيجابي للذات يُساعد في تقدير الذات فأننا نعرف ما يُسمي بقوة الكلمة وهناك أيضاً ما يُسمي بقوة العقل الباطن فأنكَ عندما تُحدث نفسكَ بطريقة إيجابية وقوية هذا سوف ينعكس عليك في أفعالك وإنجازاتك وتقديرك لذاتك ، فعليك أن تُعلم طفلك أن يُحدث نفسه دائماً بطريقة إيجابية وأن يقول لنفسه بمثل هذة العبارات ( إنني أستطيع أن أفعل هذا فهذا ليس مستحيلاً ) وأيضاً عبارة ( من المهم أن أبذل جهداً ولا أهتم بغيري وماذا يفعل ) فمثل هذة العبارات وأكثر تُحسن لدي أبنائنا نظرتهم لأنفسهم كأشخاص لديهم شجاعة وأشخاص أكثر كفاءة وبذلك يُصبحون أكثر تميزاً ، وعليك أيضاً أن تُعلم طفلك أنه يُقدر ويتقبل كل الصفات والعيوب البسيطة لديهِ مثل (شكل الأنف ، وحجم الجسم ) لأن التفكير الكثير في مثل هذة الأشياء قد تُصيب الشخص بالإحباط ، فعليك أن تعرفه جيداً بأن الله خلق كلُ إنساناً بل كلُ شيٌ جميلاً وخلق كل إنسان وكل شئ بصفات وأحجام لحكمة لا يعرفها إلا هو سبحانه وتعالي ، ومع آخر الطرق الجيدة لتقدير الذات هو عدم لوم النفس بشكلاً مُفرط ، فعليك أن تُعلم طفلك بأنه إذا أخطأ يجب عليهِ أن يعتذر ولا يطعن ويقسى علي نفسهِ لأن هذا سوف يهدر من وقته كثيراً فالنجاحون لا يهدرون أقاتهم في جلد الذات .
فأنك عندما تُقدر ذاتكَ جيداً فأنك في الأصل تُقدر القيمة الكبري التي خلقها الله سبحانه وتعالي ألا وهي النفس البشرية ، والتي خلق فيها الطاقات والقدرات العظيمة والتي كرم الله بها الإنسان وفضله على سائر المخلوقات لأن الله استخلفه في الأرض لكي يقوم بتعميرها ونهضتها ، والنهضة والتعمير لا تكون إلا بعبادة الله تعالي وتحقيق الإنجازات وهذة الإنجازات لا بد من تحديد أهدافاً لها لكي تتحقق . (وهذا سوف نتحدث عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله)

Exit mobile version