كتبت: تقى نور
زمن أصبحت الوسامة فيه تقي شر العقوبة، من فترة قريبة كانت السوشيال ميديا تضج بواقعة القاتل المدعو “كاميرون هيرين” والذي بمعايير المجتمع يتم وصفه بشخص (وسيم) ،إذ كانت وسامته سبباً كافياً لبعض الناس (والفتيات تحديدًا) للتعاطف معه متناسيين حقيقة أنه (قاتل)!! وكانت ضحيته أم وطفلتها التي لم تكمل سنة من عمرها!
والحقيقة أكثر شئ لفت نظري في تلك الأحاديث المنتشرة عن الواقعة هو بوست فيه اقتباس للراحل “رجاء عليش” والتي أبكتني قصته.
“رجاء عليش”أديب مصري مغمور لم ينل حظه من الشهرة _حسب وصف المصادر التي تكلمت عنه _ عاش في حقبة الستينيات تقريبًا، كان “رجاء عليش” يقع تحت تصنيف (قبيح الشكل)، وكان يشكو دائماً من نفور الناس منه لسوء خِلقته و قِصر قامته!
لدرجة أنه كتب كتاب بعنوان : (لا تُولَد قبيحًا)، وكتاب آخر بعنوان (كلهم اعدائي) في إشارة للمجتمع الذي كان يكرهه لعدم وسامته.!
كتب “عليش”:(أصبحت أؤمن أن القبح ربما كان أفظع العاهات وأكثرها إيلاما وتدميرا للنفس الإنسانية على الإطلاق) معللاً ذلك بقوله: (فالإنسان القبيح لا يثير إشفاق أحد من الناس أو إحساسه بالعطف عليه أو الرثاء له.. القبح يستفز مشاعر الآخرين العنيفة.. يستفز كل حاستهم النقدية الساخرة، فيوجهونها بضراوة عنيفة ناحية الإنسان القبيح قاصدين إهانته وتدمير معنوياته).
بعد “٤٧” عاماً من معاناته في مجتمع أناني وحقير، قرر إنهاء حياته بالانتحار بضرب رصاصة من مسدسه إلى رأسه ، بعد انتهائه من تأليف رواية كتب على غلافها: (نم هانئًا سعيدًا يا من لم تعرف الراحة في حياتك، أحس بالأمن يا من عشت دائمًا بعيون مفتوحة من الخوف).
و تمر السنين و تظهر قضية القاتل الوسيم الذي يحظى بتعاطف من الفتيات، لتكشف جزء لا يستهان به من تفاهة و سطحية وعقم بعض المجتمعات القائمة على فكرة (حصانة الجمال) والتي هي نوع خطير من أنواع العنصرية الغير واضحة ومعروفة.
الأسرة والمجتمع##
بشكل جديد .. هنفيد##