ما زالت الأسباب المتعلقة بالإصابة بمعظم الاضطرابات النفسية التي تتضمن انفصام الشخصية أو الفصام ليست مفهومة أو معروفة تماماً، إذ إن العلماء أجروا دراسة على العديد من الحالات وكانت تودي بهم هذه الدراسات إلى المزيد من التعقيد، وذلك لعدم معرفة سبب واحد للإصابة بالفصام، إذ إنه من المحتمل أن يكون هذا المرض نتيجة تفاعل معقد للعديد من العوامل المختلفة.
حيث تزداد احتمالية الإصابة بانفصام الشخصية أكثر بـ “ستة” مرات في حال كان أحد الأقارب كأحد الوالدين أو الأشقاء مصاباً به، ومن الجيد ذكره أن وجود عامل وراثي واحد فقط لا يكفي للإصابة بالفصام، وأنَّ وجود هذه الجينات في الجسم لا يعني الإصابة بالمرض، حتى وإن كانت العوامل الوراثية تجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالفصام؛ وذلك لأن للعوامل البيئية أيضاً دوراً في ذلك، إذ إن اندماج العوامل البيئية مع العوامل الوراثية يصبح ذا تأثير قوي ويجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالفصام.
أشار بعض العلماء إلى أن مرض الفصام قد يكون اضطراباً جزئياً دماغياً، إذ لوحظ وجود اختلافات في بنية الدماغ لبعض المصابين، لكن لوحظ أيضاً بأن هذه الاختلافات غير موجودة عند جميع المصابين، وكذلك قد تظهر لدى أشخاص أصحاء لا يعانون من أية أمراض عقلية، كما يعتقد بعض العلماء أنَّ مشاكل النمو بالدماغ التي تحدث قبل الولادة تتسبب بحدوث أخطاء في الرسائل التي يرسلها الدماغ، وأن للتغيرات الكبيرة التي تحدث في الدماغ أثناء مرحلة البلوغ دورا مهما في ظهور أعراض الاضطرابات العقلية لدى الأشخاص الذين لديهم عوامل وراثية.
يوجد رابط بين النواقل العصبية بمرض الفصام، وهي المواد الكيميائية التي تنقل الرسائل بين خلايا الدماغ، ويظهر ذلك من خلال زوال بعض الأعراض لدى الشخص المصاب عند تلقي العلاجات الدوائية التي يقوم مبدأ عملها على تغيير نسبة هذه النواقل في الدماغ، إذ يعتقد بعض العلماء أن سبب الإصابة بمرض الفصام قد يكون ناتجاً عن تغيير مستوى اثنين من النواقل العصبية وعدم التوازن بينهما، وهما الدوبامين، كما وجد علماء آخرون بأن تغير حساسية الجسم اتجاه هذه الناقلات العصبية هو أحد أسباب الإصابة بالفصام.
وقد تلعب دورًا أحد المضاعفات التي حدثت أثناء مرحلة الحمل أو الولادة الإصابة بمرض الفصام، إذ إنَّ لهذه المضاعفات تأثيراً خفياً في نمو الدماغ، فقد يؤثر كل من سوء التغذية والتعرض لبعض المواد السامة أو الفيروسات، أو الولادة المبكرة، أو ولادة طفل بوزن منخفض، أو التعرض لنقص الأكسجين أثناء الولادة سلباً في نمو الدماغ وتطوره، وهذا بدوره قد بسبب الإصابة بالفصام.
توجد العديد من العوامل التي تحفز الإصابة بالفصام لدى الأشخاص المعرضين للإصابة به، ومن هذه العوامل مثل التوتر والاستخدام الخاطئ لبعض أنواع الأدوية، حيث اشار بعض العلماء إلى أنَّ الاستخدام الخاطئ لبعض أنواع الأدوية يزيد من خطر الإصابة بالفصام أو أي اضطراب عقلي آخر، إذ إنَّ ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك والقنب الهندي المعروف باسم الماريجوانا، وقد يسببان ظهور انتكاسات الفصام، كما أنَّ تناول القنب قد يحفز ظهور النوبة الأولية للأمراض العقلية للأشخاص المعرضين للإصابة بها، وبالإضافة إلى ذلك يُعتقد أنَّ تناول بعض الأدوية كالمنشطات والستيرويدات.
