Site icon جريدة الدولة الآن

العنف الأسري يخالف الشرع

      تحقيق:دنيا عادل

ضرب وإهمال وإهانة ، تلك هي مظاهر العنف الأسرى ، والتي لها تأثير سلبي علي المجتمع بأكمله ،وذلك لأن الأسرة هي التي تشكل المجتمع ، وكل ما يؤثر علي الأسرة يؤثر على المجتمع كلة ، وبرغم من كل التقدم والرقي الذى وصل إليه العالم إلا أن العنف الأسرى ما زال موجوداً بل أصبح منتشراً بصورة كبيرة في مجتمعنا الشرقي خاصة ، وأن الأديان السماوية حثتنا على عدم العنف.

فما الدوافع التي تعمل علي انتشار تلك الظاهرة ؟!
‏ وهل لها تأثير على نفسية الأطفال والزوجات ؟

العنف الأسرى له مسميات عده ومنها الإساءة الأسرية أو الإساءة الزوجية ،ويمكن تعريفه بأنه شكل من أشكال التصرفات المسيئة الصادرة من قبل أحد أو كلا الشريكين في العلاقة الزوجية أو الأسرية ،وهذه التصرفات المسيئة يمارسها شخص ما على مجموعه من أفراد عائلته سواء الأطفال أو الزوجات أو المسنين ، و له أشكال كثيرة منها الاعتداء الجسدي كالضرب والرمي بالأشياء التي تسبب اذى وغير ذلك ، فضلا عن التهديد النفسي والمتمثل في الاعتداء الجنسي و العاطفي والسيطرة والترهيب ، بالاضافه للاعتداء السلبي كالإهمال أو الحرمان الاقتصادي .

وعلى حسب مدي الرقي والوعي في المجتمعات يختلف من بلد لبلد ومن عصر لأخر تعريف العنف الأسري فلا يقتصر فقط علي الإساءاه الجسدية فهو أيضا يشتمل علي أمور أخري كالتعريض للخطر أو الإكراه علي الأعمال الإجرامية بأشكالها أو الحبس الغير قانوني ، حيث أنه من كل سيدات أنحاء العالم تعاني كل واحده من العنف الأسرى وبعضهن يتعرضن للضرب خلال فترة الحمل ، والنساء اللاتي تُستاء معاملتهن جسدياً أو جنسياً فهن أكثر من يعانون من مشاكل وعيوب صحية طويلة المدي ، ومنهن من يحاولن الإنتحار بسبب ما يتعرضن له من حزن شديد .

ظهرت الفترات الماضية العديد من القضايا والأحداث الناجمة عن العنف الأسري ، والتي صدمت الجميع وأوجعت قلوبهم، وكان ضحية العنف الأسري محاسب يدعو “م.أع”البالغ من العمر”٢٨”عامر لقي مصرعة علي يد زوجتة “ريهام سعيد”البالغه من العمر”٢٥”عام ربة منزل، إثر خلافات زوجية تطورت لمشاجرة بينهما فتعدي المجني علية عليها أولا أثناء وقوفها في مطبخ شقيقتها فأمسكت الزوجة سكينا وطعنت الزوج في صدرة، ليسقط علي الفور جثة هامدة ، وتم نقل الجثة إلي المستشفي وتم القبض علي الزوجة .

لا نمل ولا نكل حول الحديث حول هذة القضيه، ولم تكن تلك القصه الأولي من نوعها ، وأيضا ضحية العنف الأسري الشابة ” إسراء غريب ” والبالغة من العمر “21 ” عام من بيت لحم ، حيث تم تعذيبها حتي الموت ذلك كان بسبب أنه تقدم شاب لخطبتها وقامت بالخروج معه وبرفقتها شقيقتها وذلك بعلم والدتها وقاوموا بالتقاط فيديو تم نشره علي موقع ” انستجرام ” وشاهدت بنت عمها مقطع الفيديو , وقامت بإبلاغ والدها وأشقاؤها والتحريض علي الفتاه ، فقام زوج شقيقتها وأشقاؤها بضربها ضرباً مبرحاً تسبب لها بإصابات بالغه أدت إلي دخولها المستشفى ، فعائلتها لم تكتفي بذلك بل لحقوا بها إلي المستشفى وادعوا بأن الفتاة بها جان ويجب عليهم استخراجه منها، فقاموا بالاعتداء عليها بالضرب دون أي تحرك من فريق المستشفي ، وخلت في غيبوبة وتم توقف قلبها وفارقت الحياة ،فالأسرة نفت ما تم تداوله علي مواقع التواصل الإجتماعي بشأن وفاه ابنتهم ،مشيرين الا انها توفيت بسبب تعرضها لنوبه قلبية واثر حادث سقوطها بفناء المنزل .

فالدين الإسلامي أمرنا بالتحلي بالأخلاق الحميدة والرحمة , اقتداء لقول سيدنا محمد (صل الله عليه وسلم ) ” ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ولم يعرف حق كبيرنا ” وقوله أيضاً ” من لا يرحم لا يُرحم ” كما نهي النبي” محمد “عن ضرب وجوه الزوجات بقوله ” لا تضربوا إماء الله ” أي النساء ،فالنبي كان ذو ذوق رفيع في تعامله مع زوجاته، وقوله تعالي : ” وعاشروهن بالمعروف .
‏وأيضا في المسيحية توصية على الرحمة حتى مع أعداءنا ففي إنجيل ( متي 5:38 – 40 ) : “سمعت أنه قيل : عين بعين وسن بسن ، وأما انا فأقول لكم : لا تقاوموا الشرير ،بل من لطمك علي خدك الأيمن فأدر له الأخر أيضاً , ومن أراد أن يحاكمك ويأخذ قميصك ، فاترك له رداءك أيضاً ” بالإضافة إلي الدعوة إلي المحبة والإحسان تجاه الأعداء ففي ( متي 5:44 ) : “وأما أنا فأقول لكم : أحبوا أعداءكم ، باركوا لأعينكم ، أحسنوا إلي مبغضيكم،وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم “،وهذا دليل صريح من الديانات الإسلامية بالدعوة إلي الرحمة ونبذ العنف .
‏رصدت عدسة جريدة الدولة أراء بعض المواطنين في هذة الظاهرة وذكر الأستاذ ” ممحمد.ف ” بأن العنف الأسرى له أسباب كثيرة أولها وأهمها الفقر ، والذي له أثار سلبية علي كلاً من الأب والأم والأبناء ، وتلك الأثار تحدث نتيجة إنفصال كلا من الأبوين أو هروب أحداهم من المسؤولية(يطفش)،أو يتعايش كلاً من الأبوان مع بعضهما ولكن يتم إهانة الأبناء ، ويتم معاملتهم بطريقة سيئة لا تليق بهم كأطفال، وأيضا المخدرات والتي لها اثار سلبية فهناك اباء يضطرون الي بيع احد ابنائهم كي يحصل علي مال لشراء المخدرات ، ويقوم احياناً بضرب زوجته كي يحصل منها علي المال أو الذهب، وذلك غير مقتصر علي الوالد فقط او الزوج فهناك ابناء يفعلوا تلك الأشياء بأبائهم وامهاتهم بسبب المخدرات، مضيفا بأن الجهل والفقر وجهان لعملة واحدة بل اسوء بمراحل فالجهل يدفع الأهل إلي الزج بأبنائهم إلي العمل دون النظر إلي عمرة مهما كان،وكما يوجد الفقر يوجد الثراء والذي بسببه في كثير من الأمور ينشغل الأب بعمله فقط وجمع الاموال، وكذلك بعض الامهات اللاتي ينشغلن بأمور الدنيا فقط ناسين أبنائهم , مما يؤثر علي العامل النفسي للأبناء وعلي تربيتهم كذلك .

أوضحت “بثينة. م” بأن العنف الأسرى له أضرار كثيرة ويسبب ضعف في الشخصية , ويؤثر علي النفسية بالرهبة والعنف ، وتكون شخصية الطفل شخصية انطوائية غير عملية وغير متصلة بالمجتمع وكارة الجميع ونظرته للمجتمع بالسلب دائماً ،وأسلوبه دائما ما يكون غير لائق ، والعنف الأسرى يؤدي إلي الوقت ارتكاب بعض الجرائم،مشيرة” أحلام .ص ” بأن العنف الأسرى يمكن أن تنطلق شرارته بتأخير وجبة العشاء أو عدم إنهاء العمل المنزلي في المحدد أم عدم الطاعة، وأن الزوجات هن الفئات الأكثر ضرراً من العنف الأسرى وحالات العنف الأسرى يكون مصدرها رجل ثم بعد ذلك يأتي الأطفال والأولاد والبنات كضحايا للعنف الأسرى الممارس عليهم من قبل الأب أو الشقيق الأكبر أو العم .

في السياق ذاته نشير الي أن هذه الظاهرة من أخطر الظواهر التي تشكل خطراً علي المجتمع ويجب علينا أن نضع حلول للتخلص منها ، وان العنف الأسرى له اثار كثيرة ومنها اصابة من يتعرضون للعنف الأسرى بالعُقد والاضطرابات النفسية و تفكك الأسرة وفقدان الثقة وارتفاع فرص ممارسة الشخص الذى تعرض للعنف إلي الي نهج ممارسته مع اسرته مستقبلاً ، فيجب علي الآباء والأمهات التعامل برفق مع الأولاد ،ويجب علي الزوج عدم ضرب زوجته وخاصة أمام الأولاد .

في هذا الصدد يجب علينا جميعا وعلي الدوله أيضا الوصول إلي حلول لمشاكل العنف الأسري، للحد من إنتشارها ومنها، الحرص علي تقديم الإستشارات الإجتماعيه والنفسيه والأسريه للأسر التي ينتشر فيها العنف، إعطاء أطفال ضحايا العنف الأسري إلي أسر بديله ترعاهم، توضيح أهميه التراحم والتربط بين أفراد الأسره، وذلك من خلال تقديم الدعم والإرشاد الديني، الوصول بضحايا العنف الأسري بالجهات المختصه لتقديم المشوره اللازمه لهم. ومساعدتهم فى حال لزم الأمر.‏

Exit mobile version