Site icon جريدة الدولة الآن

إختيار أسماء الأبناء حق كفله الإسلام للطفل

كتبت: أسماء البردينى

جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق إبنه فأحضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إبنه وأنبه على عقوقه لأبيه، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (القرآن). فقال الابن: يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك: أما أمي فإنها زوجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً (جعراناً)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت أمير المؤمين إلى الرجل، وقال له: أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك
وفي زماننا انتشرت ظاهرة الاسماء الغريبة نتيجة للانفتاح الكبير لمجتمعاتنا دون وعي وبسبب بعدنا عن ديننا وعن عقيدتنا ونتيجة طبيعية لترك التقاليد والموروث والعادات.

ولهذه الاسباب فقد وجدنا الذين يعجبون بمشاهدة الافلام الهندية يختارون لأبناءهم أو بناتهم أسماء” هندية بينما نجد المغرم ” بمشاهدة الافلام الغربية او ربما درس في جامعات الغرب يختار لأبناءه أسماء” أجنبية غريبة وقد نجد بعض الآباء المولعين ببعض الرياضيين أو المغنين أو الممثلين يطلقون على أبناءهم أسماء من أحبوا من هؤلاء الرياضيين او الممثلين والمغنين ولو كانت غريبة وشاذة ولا توافق الدين والعادات،والكثير من التكنولوجيا التى أصبحت من الامور المهمة فى كل بيت فربما يتاثر اآباء بكل ما يجدونه فى مواقع التواصل الاجتماعى ويسمى به أطفاله بلا معرفة معنى هذا الإسم وهل يناسب ديننا وعاداتنا.
وقد كانت هذه الظاهرة موجودة في تلك الفترة ولكنها محصورة عند فئات قليلة تعاني الجهل وقلة الثقافة الدينية والحياتية كما كان الحال في المجتمعات النائية والبعيدة …. عندما كان المجتمع العربي ملتزما” بدينه وعقيدته ورسالته لم تكن ظاهرة الاسماء الغريبة والشاذة للابناء لها وجود قوي في مجتمعاتنا .
ولكل امرئٍ من اسمه نصيب هذه المقولة صحيحة جداً ، و غالباً ما يصيب الاسم صاحبه و يؤثر عليه لذلك أوصى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بحسن اختيار الاسماء للأبناء
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تحسين اسم الولد، وذلك من أول حقوق الولد على والديه، فكل اسم دلّ على معنى حسن شرعاً فهو مندوب إليه، وما دلّ على خلاف ذلك فهو مذموم شرعاً وبعض الأسماء أحسن من بعض، وهي ما ندب إليها الشارع صلى الله عليه وسلم بعينها.
و اهتمت العرب قديما بالأسماء فكانوا يسمون أولادهم أسماء تحمل الرعب ليدب الخوف في قلوب أعدائهم، أما خدمهم فيعطونهم أسماء رقيقة محببة لهم فقالوا نسمي أولادنا لأعدائنا وخدمنا لنا فأولادهم يحملون اسما مثل (كليب – أسد – سيف) أما العبيد فـ(جوهر – ياقوتة – مرجانة – ياقوت) وقال العرب في الأمثال لأهمية الاسم: لكل امرئ من اسمه نصيب. وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغيير اسم العديد من الصحابة لأسماء تحمل معاني أفضل وأنبل،
لقد ساد إعتقاد في ذهن البعض مفاده بأن الاسم مرافقا للمولود الجديد لذا فقد ربط هؤلاء أسماء مواليدهم بأحداث رافقت قدوم المولود الجديد ولو كانت تلك الأحداث لها أسماء ومسميات غريبة وشاذة
فلو استعرضنا بعض من أسماء القادة والعظماء العرب والمسلمين سنجد أن أغلبهم قد كان له من أسمه نصيب بدء” من خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم الذي نزل اسمه من السماء ليكون محمودا” في الارض وفي السماء فكان له ذلك صلوات الله عليه … كما أن سيف الله المسلول خالد بن الوليد قد خلد اسمه وبقي يذكر في التاريخ الاسلامي والعالمي كواحد„ من أعظم القادة والفاتحين ولا ننسى صلاح الدين الايوبي الذي سماه والديه بهذا الاسم لعله يصلح الدين وامور المسلمين وفعلا” فقد جعل الله على يديه الانتصار لدين الاسلام وتحرير بيت المقدس من الصليبين …
ويقول علماء النفس : إن جهل كثير من الآباء وعدم وعيهم وقلة ثقافتهم وضع أبنائهم تحت ضغط هذه الاسماء الغريبة والشاذة طوال حياتهم وبعض من الآباء قد تخير لابنه اسما” غريبا” جاء مواكبا” لحالته النفسية وردة فعله على الأحداث ، وإن الاسم الشاذ قد يسبب لصاحبه الكثير من الاحراج وقد يدفعه الى العزلة الشديدة والابتعاد عن المجتمع وربما سيولد هذا الاسم الغريب لديه شعورا بالنقص.

توضح الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، إن الأسماء الغريبة تسبب العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية لصاحبها نتيجة تعرّضه لسخرية الآخرين، وهذه المشاكل تبدأ منذ الصغر، أي منذ أن يدخل إلى المدرسة، حيث يجد نفسه أمام سخرية أصدقائه، وتتراكم هذه المشاكل مع الزمن إلى أن يلجأ أحياناً الى المحاكم لتغيير الاسم، وقد أجمعت كل الدراسات النفسية والاجتماعية على أن من حق الطفل أن يكون له اسم لا يسبب له الإساءة، لأن البعض يسمي أولاده بأسماء غريبة خوفاً من الحسد أو للتباهي، وتزداد هذه الظاهرة في القرى، ومع مرور الزمن بدأ المجتمع يعيد النظر فيها فتقلّصت حدتها لكنها ما زالت مستمرة.
وتشير الدكتورة الساعاتي إلى أن الدراسات الاجتماعية والنفسية تؤكد أن اسم الطفل عندما يكون مقبولاً ومنتشراً في مجتمعه وبيئته، يساهم كثيراً في النمو الاجتماعي والنفسي والتكيف والتوافق مع هذه البيئة التي يعيش فيها، حتى أن علماء الاجتماع بجامعة سايكس البريطانية لاحظوا أن غالبية الطلبة الذين يترددون على العيادة النفسية من ذوي الأسماء الغريبة، وأنهم في أكثريتهم يتعرضون في طفولتهم لمتاعب ومضايقات لا يتحمّلها بعضهم، فيصاب بأمراض نفسية.

وينصح الدكتور إيهاب عيد، أستاذ علم النفس في جامعة عين شمس، بضرورة التأني في اختيار أسماء الأبناء وعدم الإصرار على الرغبة المطلقة في التميز والتفرد في اختيار هذا الاسم أو ذاك، وفي النهاية تكون النتيجة تسبُّب الأب والأم بعقدة نفسية لأبنائهما، تجعلهم يشعرون بالخجل كلما نودي باسمهم أمام الناس. وبالتالي يفضل اختيار الأسماء التي اعتاد عليها المجتمع.
يضيف الدكتور إيهاب: «اسم الابن دائماً ما يتسبّب بخلافات بين الوالدين، فهناك من يصر مثلاً على تسمية ابنه على اسم والده، أياً كان اسم الوالد، وشيء جميل أن تخلّد اسم والدك، لكن من الممكن أن يكون هذا الاسم قد عفّى عليه الزمن، كمثل أن يسمي أحدهم ابنه «الشحات»، فهذا الاسم في وقت ما لم يكن يسبب أي أزمة لصاحبه بصرف النظر عن معناه، لأن المجتمع قد اعتاد عليه، لكن لا يصلح في الوقت الحالي أن يُطلق على طفل، وبالتالي تكون قد ظلمت ابنك وسببت له عقدة نفسية بسبب أول شيء يعرف به وسط الناس، وهو اسمه».
وهناك أيضا من يسمى أطفاله أى من الأسماء ولكن الصدمة من معرفه معانيها وأصولها والتى كان يظن الكثير منا أن هذة الاسماء جميلة واعتمد على سهولة نطقها فقط دون النظر إلى ما تحمله من معنى مسئ للإسلام أو مسئ لصاحبه أو يحملة صفه مكروهه.
كإسم ريناد إسم سهل وبسيط ولكنه يعني ظلمة القلب بسبب كثرة الذنوب والمعاصي التى ارتكبها الشخص في حياته.
وإسم ريماس وهو من ضمن الأسماء التى ظهر عليها الجدال أيضًا في العصر الحديث ، وذلك لما تردد حول أن معناه هو ظلمة القبور الموحشة والتى تقبض القلب وهو ما أخاف الكثير من تسميته.
ولذا كان من واجب الآباء أن يحسن اختيار اسم المولود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم ) رواه أحمد وأبو داود. فالإسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين.

Exit mobile version