عندما يسيطر الفكر السلبى على الإنسان، ويكون فى صراع مع أفكاره وحياته العامة والخاصة، مما يدفعه ذلك إلى ارتكاب سلوك وفعل خاطئ وهو الانتحار، حيث يقرر هذا الفعل حينما يريد إنهاء علاقته مع الحياة، كما يقرر الإنسان الطلاق والخروج من هذه العلاقة المؤذية لنفسه، فلا يجد طريقه للتخلص من تراكم مشاكله النفسية وغيرها سوى الانتحار، فظاهرة الانتحار هى قتل الإنسان لنفسه وإزهاق روحه باستخدام وسائل عديدة منهم من يأخذ جرعة كبيرة من الأدوية ومنهم من يلقي بنفسه من أرتفاع عالٍ، أو باستخدام المسدس ليطلق عيار ناري على نفسه أو بقطع الشرايين وغيرها من الوسائل التي تؤدي إلي الوفاة بنسبة كبيرة. وهذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير فى مجتمعنا، حيث شهدت ف الآونه الماضية العديد من حالات الانتحار فى مصر ولعل أبرز هذه الحالات هى انتحار طالب جامعي بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة الشهير ليسقط جثة هامدة، وسط ذهولِ مَنْ تصادف وجودهم في الطابق الأخير. وبدأت القصة عندما تلقى قسم شرطة قصر النيل بلاغاً من العاملين في برج القاهرة يفيد بانتحار شاب مصري بإلقاء نفسه من أعلى البرج، الذي يعد أحد أشهر معالم القاهرة، ويبلغ ارتفاعه “١٨٧” مترا وعلى الفور انتقلت قوة أمنية إلى موقع الحادث، حيث تبين أن الشاب يدعى نادر محمد جميل، طالب في كلية الهندسة بجامعة حلوان، وأنه كان برفقة صديق له لحظة الانتحار. وبحسب أقوال العاملين في البرج، صعد الشاب إلى الطابق الأخير برفقه صديقه، ثم فاجأ الجميع بالقفز من أعلى البرج، ليسقط جثة هامدة على الفور، وبعد معاينة جثة المتوفى، اتضح وجود كسور في أنحاء متفرقة من جسده ونزيف داخلي أودى بحياته، وأمرت النيابة بتشريح الجثة، فيما تكثف الأجهزة الأمنية جهودها لكشف غموض الواقعة. وتحفظت النيابة العامة على صديق المتوفى، كما استجوبت عائلته لمعرفة ملابسات الحادث، وبحسب ما نقلت تقارير محلية، فإن صديق “نادر”، أوضح خلال التحقيقات، أن الشاب المنتحر يعاني أزمة نفسية حادة، وأنه ذهب معه للتنزه لمحاوله إخراجه من حالته، إلا أن نادر غافله وألقى بنفسه من البرج ليضع حداً لحياته، كذلك خضعت أسرة الشاب المنتحر لاستجواب مماثل من قبل النيابة العامة، ذهبت فيه أقوال الأسرة إلى أن الشاب كان يمر بأزمة نفسية دفعته إلى التخلص من حياته. ولعلها تكون القضية الأولى من نوعها، بل هناك العديد من القضايا مثل:أقدم طالب بكلية الهندسة جامعة حلوان على الانتحار، اليوم السبت، وذلك بإلقاء نفسه من أعلى برج الجزيرة، وذلك لمروره بضائقة نفسية، ما أدى إلى مصرعه في الحال ، فيما أكد شهود عيان أن أحد أصدقائه طالب بكلية طب جامعة حلوان كان برفقته، ولم يستطع إقناعه بالعدول عن قرار الانتحار، مؤكدا أنه كان يمر بظروف نفسيه صعبة، وهو ما دفعه للانتحار،وايضا قام طالب بكلية طب بالانتحار خنقا، بوضع كيس بلاستيك على رأسه حتى لفظ انفاسه لرسوبه المتكرر بالكلية، تلقى اللواء إسماعيل حسين مدير أمن مياط إخطار من مركز شرطة فارسكور يفيد تلقيهم بلاغ من أهالي قرية تفتيش السرو بدائرة المركز بالعثور على جثة هامدة داخل منزله. ووصل الأمر إلى ما يسمى بالانتحار اونلاين حيث تخلص شاب يدعى “إسلام”، سائق “توك توك”، ويقيم بشارع النيل المجاور لمنطقة المرور بمدينة السلام، من حياته، صباح أمس، شنقا في بث مباشر على موقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك، وذلك بعدما صنع الضحية مشنقة داخل غرفته بشقته في منطقة السلام ، حيث كشفت مناظرة النيابة لجثة المنتحر، وجود آثار لقطع فى شريانه، وأنه حاول من قبل الانتحار أكثر من مرة ولكنه فشل. وخلال السنوات الأخيرة تزايدت حالات الانتحار في مصر بين صفوف الشباب والكبار، ولم يقتصر الأمر على طبقة اجتماعية بعينها، ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، ذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية بشأن ظاهرة الانتحار حول العالم، أن شخصاً واحداً ينتحر كل “40” ثانية، ليصل العدد، طبقا للتقرير، إلى “800 ألف” شخص سنوياً، وأن مصر تصدَّرت قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام “2016” ، حيث شهدت “3799” حالة انتحار. وبحسب التقرير ذاته، تفوقت مصر على الدول العربية، حيث شهدت “3799” حالة انتحار في عام “2016،” وتجاوز عدد الرجال المنتحرين أعداد النساء المنتحرات “3095” مقابل “704”وحل السودان الثاني عربياً بـ*3205″ حالة انتحار، ثم اليمن ثالثاً بـ “2335” منتحرا، و هناك تزايداً ملحوظاً في عدد حالات الانتحار في عام “2019”، فمنذ يناير (كانون الثاني) وحتى بداية أغسطس (آب) سُجِّل أكثر من” 150″ حالة انتحار أغلبها لشباب في الفئة العمرية ما بين “20” و”35″ عاماً. وأكدت سالي عاشور، مدرس العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نسبة الانتحار في مصر هي” 1.29″ شخص لكل” 100 ألف” نسمة في عام” 2018″منظمة الصحة العالمية أعلنت أن عدد حالات الانتحار في مصر بلغت” 4″ حالات ل كل” 100″ شخص، معلقة: أرقام غير دقيقة لكونها تعتمد على تقديرات وليس أرقام. أثبتت الكثير من الدراسات والأبحاث أن معظم المنتحرين يعانون من اضطرابات نفسية ولكن ليس بالضرورة أن كل المنتحرين يعانون من اضطرابات نفسية بل هناك العديد من الأسباب الأخرى منها : الاضطرابات النفسية : قد يعاني بعض المنتحرين من اضطرابات نفسية والانفصام و الاضطراب الاكتئابي الحاد كلها أمور من الممكن أن تدفع الشخص إلى الانتحار. الصدمات والخذلان التي يتعرض له بعض الأفراد من الممكن أيضا أن يؤدي للإكتئاب. إدمان المخدرات : تعمل المخدرات علي ذهاب عقل المدمن فلا يدرك ما يفعله وتراه يقبل على فعل أشياء هو غير مدرك لها مثل الأنتحار والقتل والأختصاب. هناك بعض الأدوية التي تسبب أثار جانبية خطيرة، تدفع بالإنسان إلى الانتحار. القلق والأرق وعدم القدرة على النوم تؤدي إلى شعور الفرد بالاكتئاب الذي يؤدي به إلى الانتحار. البطالة والفقر وأحساس بعض الأفراد بالعجز لعدم القدرة على سد احتياجات أسرته فتدفع به إلى الانتحار. تأثر بعض الأفراد ببعض الحوادث مثل الأعتداء الجنسي والتحرش الجنسي كلها أمور من الممكن أن تدخله في حالات نفسية سيئة فتدفع به إلى الانتحار. وسائل الإعلام : تقوم وسائل الأعلام بعرض حالات الأنتحار والطرق المستخدمة، فتدفع الفرد إلى الفضول فيقوم بتطبيق الأسلوب ذاته. التفكك الأسري والعنف الأسري تجاه أحد أفراد الأسرة قد يؤدي به إلى الانتحار. التقدم في السن قد يدفع البعض للتفكير بالانتحار. ولعلنا نشير إلى أراء بعض المواطنين من الشارع المصرى اوضحت الطالبة منه صلاح بكلية الهندسة: أنه لا يوجد دافع كاف لدفع الإنسان لإنهاء حياته مهما كان بارادته، ولكن من طبيعة النفس البشرية الضعف، فكأن العلاقه بين الإنسان والحياة قد وصلت إلى طريق مسدود يصعب العيش معه فيضطر إلى إنهاء هذه العلاقه بالانتحار، كما أضافت الطالبة سماح الشحات بكلية دراسات انسانية :أن الانتحار قرار سئ يصل اليه الإنسان بعد تفكير سلبى كثير ومن وجهة نظرها انه حرام واستشهدت بقوله تعالى(ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة). وفى سياق متصل قال أحد المواطنين انه بالتأكيد جميعنا نتفق ان المشاكل والمصاعب جزء من حياة كل إنسان، وبالتالي فلنتفق انها لا يمكن أن تكون سببا أساسيا او دافعا مباشرا للانتحار، بل الوحدة هى الدافع كأن تجلس فى غرفتك وحيدا حيث لا أخ، ولا صديق ولا قريب، وايضا البعد عن الله وعدم إقامة الشعائر الدينية التى أمرنا بها الإسلام. واستنادا لما سبق فإن ظاهرة الانتحار من أكثر الظواهر التى تشكل خطرا كبيرا على البشرية فهى تنهى حياة الإنسان بشكل بشع، وتدمر أسر واطفال، وقد يكون ذلك الفعل الشنيع لسبب ليس جدير بالاهمية ولكن يكون هدف المنتحر هو أنه صعب عليه التعامل مع الحياة فقرر الانتحار،وقد يكون لأسباب نفسية وعائلية وعاطفيه، لقد حرمت كل الأديان السماوية الانتحار، وحرمة الدين الأسلامي تحريما قاطعا لا جدال فيه فقد حرم الله تعالى على المسلم أن يؤذي نفسه ويؤدي بها إلى التهلكة وإذا حاول إلحاق الضرر بها ناله عقابا شديدا من الله حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا )، وقال الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم). فلا يجوز أن يتدخل الإنسان لإنهاء حياته مهما كان ما يصيبه من أذى فالله سينقذه، فهو عليه الصبر والأيمان بالله واليقين في رحمته. وللحد من هذه الظاهرة يجب على الحكومات والأسر التكاتف والتعاون لإنها هذه الظاهرة وتقع المسؤولية على الجميع ومن أجل ذلك هناك عدة طرق تساعد على تلاشي هذه الظاهرة ومنها : التربية والتنشئة الأسرية السليمة للأبناء، فالأسرة هي أساس المجتمع، فإن صلحت الأسرة صلح المجتمع وأختفت هذة الظاهرة وأن فسدت الأسرة وكانت سيئة غرق المجتمع في مثل هذة الظهور. معرفة الناس بدينهم و حثهم على الإيمان بالله والصبر على قضائه وإن المؤمن القوي هو الذي لا يفقد الثقة بالله وتخويفهم من عقوبة الله لهم إذا أقبلوا على مثل هذا الفعل. نشر الروح الإيجابية بين الأفراد سواء عن طريق الوسائل الإعلامية أو مواقع التواصل الاجتماعي. محاولة الحد من المشاكل الأسرية والبعد عن العنف الأسري الذي يؤثر على الأبناء منذ الصغر ويدفعهم الانتحار للخلاص من هذه الضغوطات. محاولة القضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة للفرد فالعمل يملأ أوقات الفراغ ولا يدفع الأفراد إلى التفكير بطريقة سلبية. فرض القيود على الحصول على الوسائل المسهلة للانتحار مثل الأسلحة النارية والسموم وحبوب الغلة وغيرها.