Site icon جريدة الدولة الآن

وراء كل مثل حكاية : جنت على نفسها براقش

كتبت : أسماء البردينى

تعكس الأمثال الشعبية عادات وتقاليد وأفكار ومعتقدات الشعوب، ويعد ضرب المثل أكثر شكل تعبيري ينتشر في كل الثقافات، فهو بمثابة عصارة الحكمة والذاكرة الحية للشعوب، وتمتاز الأمثال بسرعة انتشارها وانتقالها مشافهة من جيل إلى جيل، ومن لغة إلى أخرى عبر أزمنة طويلة وأماكن عديدة ومختلفة، والخاصية الأكثر أهمية في الأمثال الشعبية هي كثافة معانيها و إيجازها اللغوي المحمل بالدلالات .

من الأمثال العربية التي تضرب في جالب الخطر والشؤم سواءً على نفسه أو لغيره. فكثيرًا ما يتردد المثل القائل: “على أهلها جنت براقش”، أو “جنت على نفسها براقش”،ويردده المصريون للتعبير عن شخص تسبب في إيذاء نفسه بفعل ما، أو إيذاء نفسه ومن حوله، أو حول محبة شخص له إلى عداء.

حيث يرجع أصل المثل إلى قصتين وهما :

– القصة الأولى :
يقال أن براقش كانت كلبة وكانت لبيت من العرب في إحدى القرى الجبلية في المغرب العربية ، وكانت تحرس القرية وأيضا المساكن من اللصوص والأعداء، فكانت الكلبة تقوم بالنباح كلما اقترب العدو لتحذير أهل القرية. وفي إحدى المرات، هاجم أعداءٌ أشداء القرية. فقامت براقش كعادتها بالنباح لتحذير أهل القرية للخروج من مساكنهم والاختباء.

وبالفعل هذا ما حدث. فقد كان العدو أكثر قوةً من أهل القرية ما دفعهم للخروج من المنازل والاختباء في مغارة قريبة حتى يخرج العدو من قريتهم، بحث الأعداء عن أهل القرية دون جدوى. وعندما هموُّا بالخروج من القرية، تبحت الكلبة براقش فرحًا بخروجهم من قريتهم وسلامة أهل القرية، وعلى الرغم من محاولة صاحب الكلبة إسكاتها، إلا أن العدو انتبه إلى نباح الكلبة وهاجم المغارة واستباح أهل القرية فقتل منهم الكثير، كما وقاموا بقتل الكلبة براقش.

فكانت براقش سببًا في هلاكها وهلاك أهل قريتها. فأصبح المثل منذ ذلك الحين يُضرب في من يجلب الهلاك والشؤم لنفسه أو لأهله.

وقال “حمزة بن بيض” أحد شعراء الدولة الأموية في ذلك الموقف : لم تكن عن جناية لحقتني، لا يساري ولا يميني رمتني، بل جناها أخ عليَّ كريم وعلى أهلها براقش تجني .

–بينما القصة الثانية :
يقال أن براقش كانت امرأة “لقمان بن عاد”، وهو شخصية ورد ذكرها كثيرًا في حكايات وقصص خرافية عربية، استخلفها زوجها، وكان لهم موضع إذا فزعوا دخُنوا فيه، فيجتمع الجند، وفي إحدى الليالي عبثت جواريها، فدُخن، فاجتمعوا فقيل لها : إن رددتيهم، ولم تستعمليهم في شيء، لم يأتك أحد مرة أخرى، فأمرتهّم فبنوا بناء فلما جاء لقمان، سأل عن البناء، فقيل له : على أهلها تجني براقش.

Exit mobile version