كان جحا يجلس مع إمرأته ،ثم قال لها :انهضى وضعى العليق للحمار ،قالت :انهض أنت وضعه ،فلم يرض جحا وتنازعا على ذلك.
وأخيرا انتهت المناقشة بالسكوت ،واشترطا على أن أول من يتكلم منهما هو الذى يقوم بتقديم العلف للحمار.
إنزوى جحا فى جانب من غرفة الدار وظل ساعات متوالية لا يحدث صوتا ،ولا حركة ،ولا يتكلم .
ضاق ذرع زوجته فخرجت من الدار تاركة جحا ،وذهبت إلى الجيران وبعد أن قصت القصة على جاراتها قالت : أنا أعلم أنه عنيد.
وفى هذه الأثناء دخل لص إلى بيت جحا فوجد الدار هادئة لا يصدر منها أى صوت ،واعتقد اللص أن أصحابها قد خرجوا ، فأخذ يجمع كل ما يمكنه حمله .
دخل اللص الغرفة التى يقيم فيها جحا فوجده جالسا فى إحدى زواياها ،ولم يهتم جحا بشئ من كل ما فى البيت من الجلبة ،وقف اللص وقد حار فى أول الأمر.
ظن اللص إن جحا مريض ،ولا يستطيع الحركة أو الكلام ،فجمع ما رآه نافعا حتى تناول العمامة من على رأس جحا ؛ليرى إن كان يتكلم ام لا؟
لم يتحرك جحا ،وظل صامتا ،فأخذ اللص العمامة والأشياء التى جمعها وهرب ،وترك جحا مكانه .
بعد قليل دخل ابن الجيران يحمل وعاء إلى جحا فوجده جالسا لا يتحرك .
قال الطفل :لقد بعثت لك زوجتك بهذا الطعام فقد تكون جائعا!
لم يتكلم جحا ،ولكنه أخذ يشير بيده إلى رأسه ليفهم الغلام ما حدث من سرقة البيت وعمامة جحا ،طالبا أن تحضر زوجته ،ولكن الغلام لم يفهم غرضه ،وإنما فهم عكس ذلك.
واقترب الغلام من رأس جحا ،وأفرغ وعاء الحساء فوق رأس جحا ،فنزلت المرقة وبقايا الشوربة على وجهه ،وذقنه ،وغسلته ،وقع كل ذلك ولم يتكلم جحا .
ذهب الغلام إلى زوجة جحا ،وقص عليها ما حدث ،وكيف أن الدار أصبحت خاوية.
أدركت المرأة أهمية ما حدث وأسرعت إلى الدار ،فرأت شيئا مضحكا مبكيا وجحا جالس كالتمثال تماما.
فهجمت عليه بكل هياج ،وقالت له :ما الذى حدث؟
فأجابها :اذهبى وأعطى الحمار علفه ،وكفاك عنادا يا إمرأة.