Site icon جريدة الدولة الآن

“محمد نجيب”. .اليد التي انتشلت مصر من حقبة الملكية

 

تقرير: حبيبة عبدالسلام

من يقرأ عن أحوال مصر في حقبة الملكية يعلم حقا كيف كان يعاني الشعب حينها، حيث كانت تظهر شوارع القاهرة جميلة ونظيفة والموسيقى تعزف على نواصي الشوارع التي كانت تحمل غالبية المصريين وهم حفاة ،لا سيما أن مصر أقرضت بريطانيا مبلغا ضخما يعادل الآن “٢٩مليون” دولار أمريكي ، في إشارة خادعة أن الحياة في مصر كانت ممتازة وجميع الأمور كانت على ما يرام ، ولم تطالب مصر بهذه الديون ، وأغلق هذا الموضوع بعد تأمين قناة السويس ، وكان الإقتصاد قبل ثورة “٢٣” يوليو تابعا للاحتكارات الرأسمالية الأجنبية ، ويسيطر عليه بضع عشرات على أقصى تقدير حيث كانت نسبة البطالة بين المصريين” 46″% من تعديد الشعب ، وكانت آخر ميزانية للدولة عام”١٩٥٢”تظهر عجزا قدره “٣٩مليون” جنيه مصري، في حين كانت مخصصات الاستثمار في المشروعات الجديدة طبقا للميزانية” صفر”.

لم يكن هناك أملا سوى في الثورة ، تلك الثورة التي خطط لها الضباط الأحرار لشهور طويلة مما نتج عنه نجاح الثورة ، وأصبح الحكم في مصر جمهوريا بعد الإطاحة بالملك “فاروق” ، وتم اختيار “محمد نجيب “رئيسا لمجلس قيادة الثورة ، ولد “محمد نجيب” يوم “٢٠”فبراير من عام “١٩٠١”بالخرطوم ، والتحق بالكلية الحربية في مصر في إبريل عام”١٩١٧” وتخرج في يناير “١٩١٨” ، حصل نجيب على شهادة البكالوريا عام”١٩٢٣ والتحق بكلية الحقوق ، ثم تمت ترقيته إلى رتبة ملازم أول عام “١٩٢٤”.

يعد نجيب أول ضابط بالجيش المصري يحصل على ليسانس الحقوق”١٩٢٧” ثم دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي”١٩٢٩”، حتى أصبح ضمن اللجنة التي أشرفت على تنظيم الجيش المصري في الخرطوم بعد معاهدة”١٩٣٦”.
يقول “ثروت عكاشة” أحد الضباط الأحرار في كتابة (مذكراتي بين السياسة والثقافة):”كان اللواء “محمد نجيب “أحد قادة الجيش المرموقين لأسباب ثلاثة، أولها أخلاقه الرفيعة، وثانيها ثقافته الواسعة، فهو حاصل على ليسانس الحقوق، وخريج كلية أركان الحرب ويجيد أكثر من لغة، وثالثها شجاعته في حرب فلسطين التي ضرب فيها القدوة لغيره “.

شهد عام”١٩٤٨” أول معركة له كقائد لفوج مشاة عندما دخلت مصر الحرب ضد إسرائيل لأنه اعتبر الجيش غير مؤهل للقتال بنجاح بحسب صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، وقد أصيب “ثلاثة” مرات في ساحة المعركة، وتمت الإشادة به كبطل بعد الحرب، وقد تعزز اعتقاده بعد هذه الحرب بوجوب عزل الملك فاروق.
ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن مجموعة الضباط الأحرار قد اختاروا اللواء “نجيب”، بطل حرب”١٩٤٨” كقائد لهم، وكان هؤلاء الضباط يخططون للإطاحة بالملك “فاروق “الذي اشتهر بالفساد، وفي صباح”٢٣”يوليو من عام”١٩٥٢” كان اللواء “نجيب” هو من ذهب إلى الإسكندرية للمطالبة بتنحي الملك.

بمرور الوقت كانت وجهات نظر اللواء “محمد نجيب” الليبرالية ورغبته في نظام ديموقراطي تلقي استياء متزايد من”جمال عبد الناصر” وأنصاره، وبحلول فبراير من عام “١٩٥٤” وصل الضغط عليه إليه النقطة التي قرر فيها اللواء “نجيب” تقديم استقالته إلى مجلس قيادة الثورة.

في”١٤” نوفمبر “١٩٥٤” أجبره مجلس قيادة الثورة على الاستقالة، ووضعه تحت الإقامة الجبرية مع أسرته في قصر زينب الوكيل بعيداً عن الحياة السياسية ومنع أي زيارات له، حتى عام “١٩٧١” حينما قرر الرئيس “السادات “إنهاء الإقامة الجبرية المفروضة عليه، لكنه ظل ممنوعاً من الظهور الإعلامي حتى وفاته في “٢٨”أغسطس “١٩٨٤”.

بالرغم من الدور السياسي والتاريخي البارز “لمحمد نجيب”، إلا أنه بعد الإطاحة به من الرئاسة شُطب اسمه من الوثائق وكافة السجلات والكتب ومنع ظهوره أو ظهور اسمه تماما طوال “ثلاثين” عاماً حتى اعتقد الكثير من المصريين أنه قد توفي، وكان يذكر في الوثائق والكتب أن عبد الناصر هو أول رئيس لمصر، واستمر هذا الأمر حتى أواخر “الثمانينيات” عندما عاد اسمه للظهور من جديد وأعيدت الأوسمة لأسرته، وأطلق اسمه على بعض المنشآت والشوارع، وفي عام “٢٠١٣” منحت عائلته قلادة النيل العظمى.

Exit mobile version