إن المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية_مرصد حلوان سابقاً_ يعد من أهم مراكز البحث العلمي في مجال رصد الفضاء والأجرام السماوية، فهو مرصد فلكي يقع في منطقة حلوان جنوب القاهرة بمصر تأسس سنة”1903″ ويعد أحد أقدم وأكبر وأهم المراصد الفلكية في الوطن العربي، خصوصاً في تحديد المسائل الفلكية في الإسلام كرصد الأهلة وتحديد مواقيت الشهور بالتقويم الهجري، وقد اختارته منظمة اليونسكو في سنة”2011″ كأحد مواقع التراث العالمي في مصر.
ولمعرفة آخر التحديثات والأخبار المتعلقة بالمعهد، قامت (جريدة الدولة الآن) بمحاورة رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية الدكتور”جاد محمد القاضي” وهو أستاذ الچيوفيزياء البيئية والتطبيقية بالمعهد منذ عام”2011″ ، وقد شغل منصب نائب رئيس المعهد بين”2018″و”2019″،وكان رئيس قسم المغناطيسية والأرضية في المعهد ذاته، ورئيس( المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد) في مصر، ليشغل منصب رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية في يناير عام”2019″.
أوضح الدكتور”جاد القاضي” رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أنه عند تقدمه إلى رئاسة المعهد كان قد قدم خطة عمل أو مقترح لتطوير المعهد، مضيفاً أنه قد قام بتقديمه آخذاً في الاعتبار تطوير محطات الرصد، سواء زلازل أو أقمار صناعية أو فلك، كما أنه قد وضع خطة لتعزيز الشراكة والتعاون الدولي، كما أنه اهتم بتوفير بيئة مناسبة للباحثين لتطوير المعهد والنهوض بتصنيفه بالنسبة لباقي المعاهد حول العالم، حيث أنه بدأ العمل على هذه العناصر بميزانية مناسبة، وبالفعل تم تحقيق جميع المحاور الموجودة بالمقترح من تولي سيادته رئاسة المعهد.
بيّن “القاضي” أنه يتم التكامل بين المعهد والمعاهد الفلكية حول العالم عن طريق تقديم مقترح لمذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون يتم مناقشتها مع المعهد أو الجهة المناظرة دولياً، ويتم الاتفاق على صيغة للمشاركة، ثم يتم أخذ الإجراءات السياسية والأمنية ليتم توقيعها، وبموجبها يبدأ التعاون والزيارات والمؤتمرات والندوات العلمية، مضيفاً أن هذا قد تم تحقيقه بنجاح كبير خلال الفترة الماضية، حيث أن المعهد قد استضاف أكثر من مؤتمر دولي، وكان آخر هذه المؤتمرات مؤتمر فريد من نوعه وهو (الاجتماع المشترك لمفوضية الزلازل الأفريقية مع مفوضية الزلازل الآسيوية).
وكما يتم التعاون مابين المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية مع الجهات المناظرة له حول العالم، فإنه يتم أيضاً التعاون بينه وبين المؤسسات الدينية المصرية، حيث أعلن رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية أنه هناك بروتوكول تعاون بين المعهد ودار الإفتاء المصرية في أكثر من شأن منها الحسابات الفلكية المرتبطة ببداية الشهور العربية، وبالتالي الدليل الفلكي للأرصاد، فيتم التعاون بين المعهد كجهة علمية، ودار الإفتاء كمؤسسة دينية، وأيضاً مع الأزهر الشريف على رأس المؤسسات الدينية، ذاكراً أنه قد أقام الأزهر (المركز الدولي للتدريب للفلك الشرعي) والذي يقوم الدكتور”جاد القاضي” بعضوية مجلس إدارته، فيتم توفير الرؤية العلمية للجهات الدينية، بحيث لا يكون هناك لبس.
هذا وقد صرح الدكتور “جاد القاضي” أن معدلات تسجيل الزلازل داخل وخارج مصر معدلات طبيعية حيث لا توجد زيادة في قوة أو أعداد الزلازل التي حدثت في الفترة الأخيرة، وأن الفزع الذي يسيطر على الناس في الأيام الماضية السبب الرئيسي به هو وسائل الإعلام، ويرجع ذلك إلى سببين،أولهما أنه قد حدث في الفترة الأخيرة زلازل كبيرة، ولأن المعهد بنشر بيانات الزلازل بشكل مستمر، فزاد متابعة الناس للزلازل وزاد تربصهم لها، والسبب الثاني هو غلق المساجد والكنائس إثر جائحة كورونا فزاد هلع الناس، كما أنه قد قام بعض عناصر المجتمع المدني بترويج فكرة نهاية العالم فأصبحوا ينتقون الأخبار المرتبطة بالكوارث مثل الزلازل طبعاً وينشرون الشائعات لترويج فكرهم، ولكن المعهد يقوم بالتواصل مع الإعلام لتوضيح حقيقة الأمر وتكذيب الشائعات.
وفي نفس السياق بين محاورنا أن الشبكة القومية للزلازل تستطيع من خلال عناصر الرصد التي تحتوي عليها أن ترصد الزلازل ليس بداخل مصر فقط بل بخارجها أيضاً، كما أن بيانات الشبكة أصبحت متاحة على موقع المعهد، مضيفاً أنه هناك خط ربط مباشر مع مركز دعم واتخاذ القرارات وإدارة الأزمات برئاسة الوزراء، وأيضاً مع القوات المسلحة،
مشيراً أنه عندما يحدث زلزال فإنه يتم إرسال بيان لجميع الجهات المعنية في حينه، وأيضاً في حالة بعض الزلازل يتم إرسال بيان إعلامي، لاسيما إن هناك تواصل مستمر بين المعهد وجميع الجهات المعنية، سواء الجهات التنفيذية وعلى رأسها رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع، أو الجهات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، بهدف توضيح الصورة للناس، وحماية المشروعات والاستثمارات وبالطبع حماية المواطنين.
ذكر رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية أنه يتم العمل على تطوير كود البناء المصري والذي يمثل المواصفات التي يجب أن يتبعها المواطنين والشركات فبل البدء في بناء منشآتهم، لمعرفة المواصفات الصحيحة التي تمكن المباني من تحمل الزلازل.
وعلى صعيد آخر أشار “القاضي” إلى مشكلة التلوث الضوئي وكيف تعيق سير عملية الرصد ليلاً، لذا فقد وصف المراصد بأنها دوماً مطاردة خارج العمران، فقد أصبحت عملية الرصد بسبب التوسع العمراني في الأرض المحيطة بالمعهد، لذا فإنه تم نقل المرصد إلى صحراء القطامية بشرق القاهرة عام “1954”، وحالياً بسبب التوسع العمراني بشرق القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة صدر قرار من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لإنشاء مرصد بمكان آخر، وتم بالفعل الوصول لمكان مناسب بمنطقة جنوب سيناء، مؤكداً أنه دوماً الرصد البصري مطارد نتيجة التلوث الضوئي، كلما زادت الإضاءة قلت دقة الرصد، لذلك وجب النقل في مكان أكثر ظلمة لأن المراصد الفلكية ترصد أثناء الليل على عكس المراصد الراديوية التي تستطيع الرصد ليلاً أو نهاراً.
وفي نهاية حوارنا مع الدكتور”جاد القاضي” رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية قدم نصيحة لهواة الفلك ومشاهدة الفضاء بمتابعة الدليل الفلكي المتوفر على الموقع الإلكتروني للمعهد، حيث أنه يحتوي على جميع الظواهر الفلكية حول العالم سواء إن كانت يتم رصدها داخل مصر أم لا، وينصحهم أيضاً أن يتابعوا موقع المعهد ويطالعوا البيانات والتقارير الإعلامية التي يتم إصدارها عن الظواهر الفلكية، ويمكنهم زيارة مقر المعهد بحلوان أو في مرصد القطامية الفلكي أو أي من فروع المعهد المنتشرة حول أنحاء الجمهورية، وإن كان هناك معلومة يريد أن يستفيض منها فيمكنه التواصل مع المعهد عن طريق وسائل الإعلام المسموعة أو المقروءة، كما يمكنهم أيضاً زيارة المعهد عند حدوث أي فعاليات فلكية حيث يوفر لهم المعهد تليسكوبات محمولة تمكنهم من متابعة الفلك، وختم نصيحته قائلاً: ” أنصح كل من يهتم بالظواهر الفلكية أن يتحقق من المعلومات التي ينشرها لأنه هناك كموكبير من المعلومات المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يرجع للمعهد كجهة علمية متخصصة في هذه المجالات ويستفيد من معلومات الباحثين، فأهلاً به للاستمتاع بالظواهر الفلكية ومعرفة المعلومات الصحيحة”.