Site icon جريدة الدولة الآن

تنجب مرة وتتنازل عن الآخرى..سرقة الأجنة واقع يلهب العقول

تحقيق: رحمة سيد

نُولَد في هذه الحياة مع حلم يصحبنا وهو تكرار نفس المسيرة التي عشنا بها من قِبَل عائلتنا ولكن مع أطفالنا، تحلم وتخطط ولكن في الواقع ليس كل شئ مجاب، فتستيقظ على واقع مرير وهو استحالة تحقيق حلمك، ولكنك لا تيأس وتحاول لتحقيقه فتجد شعاع من النور يلمع وسط الظلام فتذهب للمسه وتحقق حلمك، لكنك تجده ستار لحقيقة مظلمة متبادرًا لذهنك سؤال ما الضمان أن طفلي الذي أنجبته هو طفلي بالفعل؟

الحقن المجهري أحد عمليات التلقيح الصناعي المستخدم في علاج مشكلات تأخر الإنجاب للأزواج، عن طريق تلقيح بويضة واحدة ناضجة بحيوان منوي واحد خارج الجسم في المختبر ثم إرجاع البويضة المخصبة إلى رحم الزوجة بعد مرور من “ثلاث” “لخمس” أيام من وقت التخصيب لاكتمال عملية الحمل، وهذه العملية لا تتم بشكل عشوائي ولكن لها ضوابط صارمة تحكمها لمنع اختلاط الأنساب تبدأ من لقاء بين الزوجين والطبيب للتأكد من البطاقة الشخصية وصلاحية عقد الزواج، وفي كل خطوة يتم التأكد من قِبَل شخصين مسؤولين من أن الأرقام الموضوعة على العينات هي أرقام وأسماء مطابقة للزوجين ويتم توثيق ذلك في ملف، كما أن التعامل داخل المختبر يكون مع عينة واحدة، وحديثًا تم إدخال برامج إلكترونية في مختبرات أطفال الأنابيب لزيادة الدقة وذلك عن طريق تخصيص بصمة إلكترونية ترصد الحيوانات المنوية والبويضات والأجنة الملقحة للزوجين.

ومع كل هذه الاحترازات والضوابط لتحقيق حلم الأزواج في الإنجاب ومنع اختلاط الأنساب، إلا أن هناك بعض المراكز تعتبره مصدر للربح وتتهاون في الالتزام بهذه الضوابط وتتنازل عن بعض المبادئ في سبيل تحقيق الربح الوفير، ونتيجة لذلك ظهر على الساحة وقائع عن تبادل الأجنة، وعلى الرغم من الموقف الشرعي الواضح لهذه الحالة إلا أنه لا يوجد قانون يحدد عقوبة من يتعدى على الضوابط للحد من هذه الجرائم.

هذه الواقعة من الوقائع المستحدثة على الساحة ولكنها ليست الأولى من نوعها فهناك وقائع آخرى حدثت في العديد من المناطق الآخرى، ففي عام “2012” قاضت امرأة صينية الأصل من سنغافورة مركزًا طبيًا بعد أن اختلط عليهم الأمر بين الحيوان المنوي لزوجها وحيوان منوي لرجل غريب، وذلك بعدما وجدت بشرة طفلها ولون شعره يختلفان عن بشرة ولون شعر زوجها القوقازي.

أيضًا بولاية كاليفورنيا تقدم زوجين بدعوى قضائية ضد مركز للصحة الإنجابية بعد شكهما في نسب طفلتهما التي أنجباها عن طريق عملية التخصيب الصناعي في “2019” وذلك بسبب بشرتها الداكنة، وعند إجرائهما تحليل الحمض النووي للطفلة تبين صحة شكوكهما وتعرضهما لخلط في الأجنة.

في إطار ذلك رصدت جريدة الدولة الآن آراء لبعض الأشخاص تعرضوا لهذه الواقعة ويحاولون الخلاص منها ذاكرًا الدكتور “جندي جرجس” استشاري ودكتوراه التخدير وعلاج الألآم بأحد مراكز أمراض النساء وأطفال الأنابيب أعمل في المركز منذ “25” عام ولكن في “الأربع” أعوام الأخيرة بدأت تظهر بعض التجاوزات والتنازلات في العمل بشكل متكرر، وقمت بالحديث مع العاملين في المركز أكثر من مرة وردهم كان هذا ليس في نطاق عملك، وفي أكتوبر “2022” سمعت محادثة هاتفية بين رئيسة التمريض ومديرة المركز مفادها (لو الدكتور “جندي” عرف موضوع “مروة” بتاعة “أ.” هيولع فينا)، فبحثت في الكشوفات ووجدت سيدة تدعى “مروة ع.” تابعة ل”أ.” ويتشابه اسمها الثنائي مع آخرى حيث أُخِذ من إحدى السيدتان أنبوبة بها “ثلاثة” أجنة عمرها “خمسة” أيام وزُرِع في رحم الأخرى، فقدمت بلاغ للنائب العام بذلك والذي وافق على شكواي وأحالها إلى نيابة النزهة الجزئية التابعة لمنطقة مصر الجديدة وقيد المحضر برقم “5386” لعام “2023” ولكنه حُفِظ إداريًا، فتواصلت مع الأسرتين الآتي تعرضا لخلط في الأجنة وأخبرتهم بما توصلت له.

كما أفاد “أحمد ع.” والذي يبلغ “38” عام أنه متزوج من “15” عام وظل “12” عام بدون إنجاب حتى رشح له الطبيب عدة مراكز للحقن المجهري فأختار المركز لمناسبته ماديًا معه، وأجرى العملية في “29” نوفمبر “2020” وأنجب فتاة تدعى “ندا أ.” وجمد أنبوبة آخرى تحتوي على “ثلاث” أجنة عمر كل منهما “خمس” أيام لزراعتها في وقت لاحق، وأعطاه المركز إيصال وتقرير طبي بذلك مع دفعه رسوم التجميد كل عام بانتظام، وفي “28” سبتمبر “2023” إتصل به أحد أطباء المركز علم فيما بعد أنه دكتور التخدير وأخبره بعدم وجود أجنه له في المركز، فذهب للمركز وكان ردهم (ملكش أجنة عندنا)، فتقابل مع دكتور “جندي” والذي عرض عليه أوراق مطابقة لما معه من وصولات تتعلق بالتجميد، وقدم بلاغ في قسم شرطة النزهة الجزئية آخذين أقواله وزوجته مقيدًا المحضر بنفس رقم المحضر المقدم بواسطة دكتور التخدير.

أضافت “مروة ع.” البالغة “38” عام أنها كانت آملة في الأنبوبة لتنجب مرة آخرى لعدم إمكانية سحب عينة منها ثانيةً، وتريد عمل تحليل الحمض النووي (DNA) لتحديد نسب الطفل، وإن ثبت أنه طفلها فلن تتنازل عنه فهو أولى بالعيش بأحضانها على أن يعيش بأحضان أسرة آخرى ليست أسرته.

بالنظر للآراء السابقة يتبين أنها جريمة ارتكبت في حق هذه الأسرة سواء كانت عمدًا أو عن طريق للخطأ، أسرة كان أملها في الحياة أن تنجب أطفال يكونوا سند لبعضهم، ومع وجود التطورات الطبية استطاعوا تحقيق هذا الحلم، لكنهم استيقظوا من غفوة الأمل مُحَطمِين بالحقيقة وهي أن طفلهم الآخر الذين قاموا بتجميده لزرعه في وقت لاحق لم يعد موجود وأنهم ظلوا لأكثر من عامين محاطين بوهم الابن أو الابنه الثانية، حقهم في الحياة تم نهبه بمنتهى البساطة، وفي ظل التنازع على احتمالية وجود خطأ طبي أم اُرتُكِب عمدًا يحاولون إيجاد الحقيقة وتحديد نسب الطفل، مؤكدين على عدم تنازلهم عن الطفل في حالة إثبات نسبه لهم فكيف يتنازل المرء عن لحمه!

ختامًا علينا جميعًا التكاتف من أجل إظهار الحقيقة قبل بلوغ الطفل لسن تؤثر فيه أحداث القضية سلبًا على صحته النفسية، كما يلزم وضع قوانين صارمة تنظم العمل في مراكز الإخصاب وأطفال الأنابيب وتحدد عقوبة من يتعدى عليها، ووجود إشراف مباشر من وزارة الصحة على المراكز والمستشفيات التي تعمل في هذا المجال لمنع تحوله إلى استثمار.

Exit mobile version