Site icon جريدة الدولة الآن

أمسى البكاء مبتذلاً.. ربما لأن الدموع صارت تستحي من نفسها

كتبت: حبيبة عبدالسلام

غادرنا البيت، طبقت أمي البوابة، أغلقتها بالمفتاح الكبير، استغربت فلم أرَ باب بيتنا مغلقاً أبداً، ولا رأيت المفتاح، كان حديدياً كبيراً أدارته أمي في القفل “سبع” مرات، ووضعته في صدرها.

صرخت فجأة وجذبت ذراع أمي، وأنا أشير بيدي إلى كومة من الجثث، نظرت أمي إلى حيث أشير وصرخت، “جميل”، “جميل” ابن خالي! ، ولكني عدت أجذب ذراعها بيدي اليسرى وأنا أشير بيدي اليمنى إلى حيث أبي وأخويّ، كانت جثثهم بجوار جثة جميل، مكومة بعضها لصق بعض على بعد أمتار قليلة منا.

هكذا حكت “رضوى عاشور” في روايتها (الطنطورية)، عن التهجير القسري الذي تعرض له أهالي قرية الطنطورة في عام “1948”، والتي تحولت الآن إلى منتجعاً سياحياً تابعة لقوى الاحتلال على بعد عدة أمتار قليلة من المقابر الجماعية التي تحوي جثث مئات الفلسطينيين الذين تم قتلهم في ذلك اليوم، والذي يعد مثالاً بسيطاً على التعديات المستمرة لقوى الاحتلال، وصولا إلى يومنا هذا حيث مازال يعاني ملايين الفلسطينيين من القهر والقتل والاعتداء، وخصوصاً أهل غزة الذين يعيشون تحت القصف المستمر والإبادة الجماعية والتهجير القسري.

على مدار “أربعة” أشهر لم يفلح القانون الدولى، ولا الوقفات الاحتجاجية، ولا التدخلات الخارجية العربية أو الأجنبية عن منع الإبادة التي تحدث في كل شبر من أراضي غزة، وظل أهالي غزة تحت القصف المستمر في مواجهة القوى الطاغية، بلا مأوى ولا غذاء ولا مكان واحد آمناً.

كان “السابع” من أكتوبر شرارة لبدء سلسلة لم تنتهِ حتى الآن من القتل والتدمير لكل مكان بغزة، ذلك العدو الخائف الجبان يقتل كل من بوجهه، ربما لأنه قد أدرك قوة المقاومة التي تزداد يوماً بعد يوم، أدرك أنه لا قوة لأسلحته ومدرعاته أمام طفل له ثأر وله أرض، تلك الأرض التي قد سرقت منه منذ عشرات السنين، أدرك العدو أخيراً بل والعالم أجمع أنه لا قوة تغلب صوت الحق، فمهما طال العذاب على أهل غزة سينتصرون رغم خذلان العالم ورغم اختلال موازين العدل.

Exit mobile version