هو الذي نقش حب الله على القلب.. الشيخ النقشبندي سيرته وأبرز أعماله
noor
كتبت: حبيبة عبدالسلام
مع اقتراب شهر رمضان الكريم وهبوب نسيمه الطيبة، يتردد على أسماعنا دائماً ابتهالات لطالما اعتدنا على سماعها، ونشأنا على حبها، بأطيب الأصوات وأعزبها لمبتهلين وقراء قد برعوا في صنع البهجة في قلوبنا، ولربما أكتر هذه الابتهالات ألفة لأسماعنا هو (رمضان أهلاً) بصوت الشيخ الفضيل “سيد النقشبندي”.
كلمة (نقشبندي) مكونة من مقطعين هما (نقش) و (بندي) ومعناها في اللغة العربية القلب، أي نقش حب الله على القلب، ولد الشيخ “النقشبندي”، في “السابع” من يناير عام”1920″ بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية، انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره، وفي طهطا حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ “أحمد خليل” قبل أن يستكمل عامه “الثامن” وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية، حيث أن جده هو “محمد بهاء الدين النقشبندي”الذي قد نزح من بخارة بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف، ووالده أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية، فنشأ الشيخ “سيد النقشبندي” في بيئة دينية فاضلة أهلته ليكون من أعظم المنشدين الدينيين في العالم.
سافر”النقشبندي” الي حلب وحماه ودمشق لإحياء الليالي الدينية بدعوة من الرئيس السوري “حافظ الأسد”، كما زار أبوظبي والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية، وأدى فريضة الحج “خمسة” مرات خلال زيارته للسعودية، وبدأت رحلته في الإذاعة المصرية في عام “1966” حيث كان بمسجد الإمام الحسين بـ القاهرة والتقى مصادفة بالإذاعي “أحمد فراج”، فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج (في رحاب الله) ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج (دعاء) الذي كان يذاع يومياً عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التلفزيوني في نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذي يحكي قصة الصحابي الجليل “سلمان الفارسي”، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التي لحنها له نخبة من أعظم الملحنين المصريين منهم “محمود الشريف” و”سيد مكاوي” و”بليغ حمدي” و”أحمد صدقي” و”حلمي أمين” والذي جعل هذه الابتهالات تتردد على أسماعنا حتى يومنا هذا ويتجدد عشقنا لها في كل مرة نسمعها.
كان الشيخ “سيد النقشبندي” صوتاً متفرداً لم يأت الزمان بمثله، يشدو فينقلك إلى عالم أخر وتشعر أنك تسمع كروان من الجنة، يهتز قلبك حين تستمع إلى رائعته (مولاي إني ببابك) وتشعر بأنك تلمس قطعة من السماء حين تسمع أنشودته (الله يالله)، وظل يمتع أسماع مريديه في المناسبات الدينية المختلفة، ويؤذن للصلاة فيرق قلب من لا قلب له، حتى رحل عن عالمنا في “14” فبراير عام “1974” عن عمر”55″ عاماً، موصياً بأن يدفن مع والدته في مقابر الطريقة الخلوتية بالبساتين، وعدم إقامة مأتم له والاكتفاء بالعزاء والنعي بالجرائد، وأوصى برعاية زوجته وأطفاله، تاركاً تراثاً عظيماً لنا من تلاوة القرآن الكريم، والأناشيد والابتهالات الدينية ليظل صوته باقياً إلى نهاية الزمان.