عن الفن والتاريخ.. المخرج الكبير “مجدي أبو عميرة” في حوار مع جريدة الدولة الآن
noor
حوار: حبيبة عبدالسلام
إن التاريخ المصري زاخراً بالعديد من العلامات البارزة، والعظماء الذين تركوا علامة في مجالهم، ليسير على خطاهم كل من تبعهم، ولاسيما في مجال الإخراج السينمائي والتليفزيوني، فالمخرج هو الشخص الذي يجمع بين الفن والتقنية لتحقيق رؤية إبداعية متكاملة، تثير المشاعر وتنقل الأفكار بشكل فعال إلى المشاهد.
ومن أبرز هؤلاء المخرجين الذين لمع نجمهم في تاريخ الدراما المصرية المخرج “مجدي أبو عميرة”، وهو مخرج سينمائي وتلفزيوني مصري بارز، وُلد في “25” أغسطس “1949” في القاهرة، بدأ مسيرته الفنية في السبعينيات وشارك في إخراج العديد من الأعمال الدرامية التي حققت نجاحًا كبيرًا في الوطن العربي.
تخرج المخرج “مجدي أبو عميرة” من المعهد العالي للسينما وبدأ العمل كمساعد مخرج قبل أن يتولى إخراج أعماله الخاصة، ومن أبرز هذه الأعمال مسلسل (المال والبنون)، ومسلسل (ليالي الحلمية) حيث شارك في إخراج بعض أجزاء هذا المسلسل الشهير، بالإضافة إلى إخراج مسلسل (حدائق الشيطان) وهو عمل درامي هام حاز على إعجاب النقاد والجمهور.
هذا بالإضافة إلى تقديمه للعديد من الأعمال الدرامية التي لا تزال تعرض حتى وقتنا الحالي، ولم يزدها الزمان سوى قيمة أكبر وإقبالاً جماهيرياً في تزايد، ومن هذه الأعمال مسلسل (الحقيقة والسراب)، ومسلسل (ذئاب الجبل)، ومسلسل (الضوء الشارد)، كما حصل المخرج “مجدي أبو عميرة” على العديد من الجوائز والتكريمات من مهرجانات سينمائية محلية ودولية، ونال إشادة واسعة من النقاد لأعماله التي تجمع بين الجودة الفنية والاهتمام بالتفاصيل.
وفي حوار لجريدة (الدولة الآن) مع المخرج العبقري “مجدي أبو عميرة” صرح بسعادته البالغة بكون أعماله مصدر إلهام كبير للعديد من صناع الدراما في مصر والشرق الأوسط، كما أن أعماله التي تم إنتاجها منذ عشرات السنوات لا تزال تحظي بجماهيرية كبيرة بين الأجيال المختلفة، فعلى سبيل المثال فإن “ثرية أبو الفضل” التي قامت بدورها الفنانة “فيفي عبده” من أشهر الشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي في وقتنا الحالي، بسبب العبقرية في إدارة المخرج للشخصية وجعل أداء الممثل صادق ليؤثر في المشاهد لسنوات عديدة.
وفي سياق متصل أوضح “أبو عميرة” عند سؤاله عن ملابسات اختيار الفنانة “فيفي عبده” لهذا الدور، أجاب بأن ذلك الاختيار كان بمحض الصدفة، فالاختيار الأول لأداء شخصية “ثرية أبو الفضل” كان للفنانة “نادية الجندي”، ولكن طلبت “الجندي” بعض التعديلات على السيناريو، وكانت وجهة نظر الكاتبة “فداء الشندويلي” أن لا تقوم بهذه التعديلات على السيناريو، فاضطر المخرج “مجدي أبو عميرة” بدوره إلى قبول اعتذار النجمة “نادية الجندي” وإعطاء الدور للفنانة “فيفي عبده”.
الجدير بالذكر أن اختيار “فيفي عبده” لأداء هذا الدور كان تحدياً كبيراً كما أوضح المخرج “مجدي أبو عميرة”، حيث أنه في أثناء عمله على إخراج أحد المسلسلات أخبره مؤلف ذلك العمل أنه باختياره ل”فيفي عبده” فإنه بكتب شهادة فشله بيديه، بسبب أن “فيفي عبده” قد كانت متوقفة عن التمثيل لفترة طويلة مما قد يؤثر على أدائها التمثيلي، ولكن ذلك الكلام لم بطفئ من عزيمة “أبو عميرة”، بل زاده إصراراً أن يقوم بتقديم العمل بأفضل شكل ممكن وقد كان، ليصبح مسلسل (الحقيقة والسراب) من أكثر المسلسلات شعبية بسبب أنه مسلسل شعبي قريب من الناس، وبالذات شخصية “ثرية أبو الفضل” التي تركت بصمة كبيرة في قلوبنا بسبب الأداء الصادق والإدارة العبقرية للعمل من خلال مخرج عبقري.
أما عن دراما الصعيد التي قدمها المخرج “مجدي أبو عميرة” فقد قدم مسلسلين من أروع مسلسلات الشاشة المصرية وهما (الضوء الشارد) و(المال والبنون) واللذان تركا بدورهما علامة فارقة في الدراما المصرية وفي الشخصية الصعيدية، فقد أوضح “أبو عميرة” عند سؤاله عن سبب اختياره لهذين العملين بالتحديد، أنه يحسب للكاتب الكبير “محمد صفاء عامر” أنه أعاد للشخصية الصعيدية هيبتها بعد أن كانت مثار للسخرية في الأفلام السينمائية، ولكنه استطاع من خلال شخصيات مثل “بدر بدار” و “رفيع بيه” أن يبين أن مثل هذه الشخصيات تتسم بالفروسية والنبل والشهامة، وفي الأساس فإن “محمد صفاء عامر” من الصعيد من إحدى قرى محافظة أسوان، مما جعله يتمكن من تصوير تفاصيل الحياة الصعيدية بعمق وواقعية في أعماله، فأصبح واحدًا من أبرز الكتاب الذين تناولوا تلك البيئة.
وعن مسلسل (ذئاب الجبل) بالتحديد فقد أوضح لنا المخرج “مجدي أبو عميرة” عند سؤاله عما إذا كان متوقعاً لنجاحه أم لا، مؤكداً أنه كان متوقعاً لذلك النجاح، ولكنه للأسف لم يكن حاضراً ليشهد هذا النجاح لأنه كان في دوله البحرين بقوم بإخراج أحد الأعمال، لكنه من قرائته لورق المسلسل وعرضه على صديقه “عبدالرحمن الأبنودي” بشره “الأبنودي” بدوره قائلاً (يا “مجدي” المسلسل ده هيكسر الدنيا) هتوسم المخرج العبقري النجاح للمسلسل، وقد كان، حيث يروى “أبو عميرة” أن الناس في قرى الصعيد كانوا يضعون التلفاز على المصطبة في الشوارع ويلتفوا حوله لمشاهدة المسلسل.
وفي تصريح حصري لجريدة (الدولة الآن) أكد المخرج “مجدي أبو عميرة” عند سؤاله عن إمكانية أن تحيا دراما هذه الأيام مثل الدراما التي قام بتقديمها، أن دراما هذه الأيام لن تستطيع أن تظل حية في ذهن المتفرج مثل الدراما التي قام بتقديمها في فترة التسعينات، رغم أنه شارك في الموسم دراما رمضان الماضي بإخراج مسلسل (عتبات البهجة) للفنان “يحي الفخراني”، وذلك نظراً لافتقار دراما هذه الفترة إلى النص الجيد، لأنه في البداية كانت الكلمة هي ما يقوم عليها العمل بأكمله، فالنص الجيد هو العمود الذي سيظهر العمل، وهي أساس العبارة.
على غرار مشاركته في الموسم الرمضاني الماضي بإخراج مسلسل (عتبات البهجة)، بيَّن “أبو عميرة” عند سؤاله عن فكرة دراما ال”15″ حلقة، أن فكرة المسلسلات ذات ال”15″ حلقة هي فكرة جيدة، فبدلاً من تواجد “10” مسلسلات على الشاشة يتواجد “20” مسلسل، وهو ما يخدم صناعة الفن، ويجعل هناك تنوعاً وتشغيلاً للعاملين في مجال صناعة الدراما.
وفي نهاية حوارنا الشيق وجّه المخرج الكبير “مجدي أبو عميرة” نصيحة قيِّمة لمن يريد تقديم أعمالاً بارزة ويصنع تاريخاً باهراً كما فعل “أبو عميرة” بدوره، وهي أن يعمل بجد ويجتهد ويضع نصب عينيه أن يجعل أعماله تتحدث عن أصله ومعدنه بطريقته الخاصة دون تزييف أو مبالغة فلكل مجتهد نصيب.