Site icon جريدة الدولة الآن

استقرار التضخم في مصر وسط تحديات اقتصادية عالمية

 

تقرير : عبدالرحمن محمد

كشف بيان حديث للبنك المركزي المصري عن تراجع ملحوظ في معدلات التضخم الخاصة بالسلع الغذائية خلال الشهور الأخيرة، وهو ما يُعزى بشكل رئيسي إلى تأثير فترة الأساس، وتحسن توقعات التضخم منذ بداية العام الجاري، ساعدت هذه التطورات في خفض التضخم، لكن هذا التراجع جاء بشكل تدريجي ومقيد نتيجة للإجراءات الحكومية المتخذة لضبط الأوضاع المالية العامة، وعلى الرغم من التحسن، إلا أن تأثير تلك الإجراءات حد من سرعة الانخفاض في معدلات التضخم.

ووفقًا للتقرير، تعد السلع غير الغذائية هي العامل الرئيسي وراء ارتفاع معدلات التضخم خلال شهري أغسطس وسبتمبر “٢٠٢٤”، وأوضح البنك المركزي أن هذا الارتفاع جاء نتيجة لسياسات الدولة الهادفة لضبط أوضاع المالية العامة، ما أدى إلى تقليل التأثير الإيجابي لبعض العوامل الأخرى مثل انخفاض أسعار السلع الغذائية، ويشير هذا إلى أن التضخم بات يتحرك بشكل تدريجي نحو الاستقرار، إلا أن القيود التي فرضتها الإصلاحات المالية حجمت من تأثير التحسن.

بالإضافة إلى ذلك، استقرت معدلات التضخم السنوية عند “٢٦.٤”٪للتضخم العام و”٢٥.٠”٪ للتضخم الأساسي خلال شهر سبتمبر “٢٠٢٤”، وهي نسب تظهر استقرارًا ملحوظًا في وتيرة التضخم على مدار الأشهر السابقة، ويعكس هذا الاستقرار القدرة النسبية للدولة على التحكم في معدلات التضخم بالرغم من التحديات الخارجية والداخلية التي تواجه الاقتصاد.

في هذا السياق، يشير البنك المركزي إلى وجود بعض المخاطر التي قد تؤثر على مسار التضخم، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المستمرة وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا، ومن المحتمل أن يكون لهذه العوامل تأثير سلبي على التضخم، بما يفوق التوقعات الأولية، خاصة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية على المستوى العالمي.

أما فيما يخص توقعات المستقبل، فمن المرجح أن يستمر معدل التضخم عند مستوياته الحالية حتى الربع الأخير من عام “٢٠٢٤”، وهو ما يعزز استقرار السوق، ومع ذلك، تحذر التقارير من أن بعض المخاطر قد تجعل التوقعات قابلة للتغيير، لا سيما في حالة تصاعد التوترات الجيوسياسية أو حدوث زيادات غير متوقعة في أسعار السلع العالمية.

ويأمل البنك المركزي في أن يشهد التضخم انخفاضًا تدريجيًا بدءًا من الربع الأول من “٢٠٢٥”، وذلك بفضل التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي، إضافة إلى الاستفادة من التأثير الإيجابي لفترة الأساس، يأتي هذا التوقع ضمن جهود الحكومة المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وضبط الأسعار في مواجهة التحديات الحالية.

تبقى السياسات المالية والاقتصادية للدولة العامل الحاسم في تحديد مسار التضخم، مع وجود حاجة ملحة لاستمرار تلك الجهود لضمان استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي المستدام، وعلى الرغم من التحسن التدريجي في التضخم، إلا أن المخاطر القائمة تتطلب مراقبة دقيقة وتحرك سريع لتفادي أي انتكاسات قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.

Exit mobile version