“حماصه”.. مشروع كشري بسعر رمزي ينشر الفرحة في قلوب الأطفال
noor
تقرير : عبدالرحمن عامر
في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من الأسر المصرية، ظهر مشروع صغير في مدينة بني سويف يحمل بين طياته الكثير من الأمل والإنسانية، “حماصه” هو اسم الطفل الذي أصبح اليوم رمزًا للعزيمة والإرادة، حيث قرر أن يقدم خدمة مميزة للمجتمع، ويجسد بذلك روح المبادرة التي تفجر في الأعماق مشاعر الإنسانية والمحبة.
الطفل الذي لم يتجاوز “العشر” سنوات، قرر أن يواجه التحديات التي يواجهها الكثير من الناس، فبدلاً من أن يكون مجرد طفل يسعى وراء المتعة، أطلق مشروعًا صغيرًا لبيع “الكشري” بسعر رمزي، لا يتعدى “الخمسة” جنيهات للعلبة الواحدة، قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن الواقع أن هذه العلبة تحتوي على قصة تضحية وأمل كبير.
فكل علبة كشري يتم بيعها بهذا السعر الزهيد، يواجه صاحب المشروع تحديات لا تنتهي، فالعاملين في المشروع يدركون جيدًا أن العلبة الفارغة والمعلقة وحدهما يكلفان أكثر من قيمتهما، ولكن ما يجعل “حماصه” مستمرًا في المشروع هو شيء واحد فقط، الفرحة التي يراها في عيون الأطفال وهم يتناولون الكشري.
وعن هذا الموضوع، قال “حماصه”: “أنا مش عاوز لنفسي غير مكسب بسيط حتى لو نص جنيه فقط، المهم إني أفرح الأطفال، ويشوفوا ابتسامة على وجههم” كانت هذه الكلمات بمثابة أمل جديد لكثير من الأطفال الذين اعتادوا على الوجبات السريعة والمكلفة، فتحت لهؤلاء باب الأمل في الاستمتاع بوجبة غذائية لذيذة بسعر مناسب.
الفرحة التي ظهرت على وجوه الأطفال اليوم لم تكن مجرد رد فعل طبيعي لتقديم طعام بسعر منخفض، بل كانت تعبيرًا عن حاجة حقيقية في المجتمع لهذا النوع من المشاريع الإنسانية، فقد شهدت تلك اللحظة الكثير من الإشادة والتقدير من أولياء الأمور، الذين أبدوا إعجابهم بهذه المبادرة الإنسانية التي تشع بالخير.
وفي حديثه عن الفائدة المجتمعية لمشروعه، أضاف “حماصه” قائلاً: “أتمنى أن أستمر في تقديم هذا الكشري بسعره الرمزي، وأن أتمكن من توسيع المشروع ليشمل عددًا أكبر من الأطفال، وإذا كان بإمكاني أن أبيع علب الكشري مجانًا في يوم من الأيام، فسأفعل بكل سرور” هذه الكلمات تكشف عن الروح الطيبة التي يتحلى بها الطفل الصغير، الذي يضع مصلحة الآخرين في مقدمة أولوياته.
من خلال هذا المشروع، يتضح جليًا كيف يمكن للإنسان مهما كان صغيرًا أن يقدم شيئًا كبيرًا للمجتمع ،”حماصه” لا يسعى وراء الثراء أو الربح الفاحش، بل هدفه الأول والأخير هو نشر البسمة في قلوب الأطفال، وتوفير أمل جديد لمستقبل أفضل.
ونظرًا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها العديد من الأهالي، فإن استمرار هذا المشروع يتطلب دعمًا مجتمعيًا من الجميع، خاصة من المحسنين وأصحاب الخير الذين يمكنهم المشاركة في استمرارية هذا المشروع، حتى يكون منارة للخير في مجتمعنا، “حماصه” يرفع شعارًا مهمًا: “من يعمل مثقال ذرة خير يره”، وهذه دعوة لكل من يقدر على المشاركة أن يسهم في هذا العمل النبيل.
وفي ختام المبادرة، لا يمكننا إلا أن نرفع قبعاتنا لهذا الطفل الذي لم يكتفِ بأن يكون جزءًا من هذا العالم، بل قرر أن يكون جزءًا من حل مشكلاته، وكان هذا الحل في صورة علبة كشري بسيطة ولكن مليئة بالإنسانية، يمكن القول إن القيم التي تجسدها هذه المبادرة هي أساس ما تحتاجه مجتمعاتنا من أفراد لديهم القدرة على تحويل الأمل إلى حقيقة، رغم كل التحديات.
“حماصه” لم يكن مجرد طفل يبيع طعامًا، بل كان مثالًا على روح العطاء والتحدي التي نفتقدها في زمننا هذا، فربما تكون علبة الكشري هذه هي البداية لمشاريع أكبر وأعظم في المستقبل، ولكنها بكل تأكيد كانت بداية مليئة بالخير والتفاؤل لأطفال بني سويف.