Site icon جريدة الدولة الآن

الشاى: نبتة سحرية جليس السعادة ورفيق العائلة والأصدقاء

   كتبت: أسماء البرديني

«وشربك للشاي يزيدك بهـجة، إذا كان مع صحبٍ وفي وسطهم جلوا»، كما يقول الأديب الروسي الشهير « فيودور دوستويفسكي»: « فليذهب العالم إلى الجحيم، لكنّني يجب دائمًا أن أحتسي فنجان الشاي».

كلمة (شاي) باللغة العربية مأخوذة من الكلمة الصينية CHA وتلفظ (تشا) والكلمة مستعملة في كثير من دول آسيا وأوروبا الشرقية مع بعض الاختلافات في اللفظ.

أول من اكتشفه الصينيون قبل نحو خمسة آلاف سنة. وأوراقه من نفس أوراق نبات الشاي الأسود ، وهى شجيرة أصلها من آسيا والإختلاف في طريقة التحضير فقط حيث أن الشاي الأخضر يجفف سريعا بالبخار بينما الشاي الأسود تفرم الأوراق وتعجن وتتخمر ثم تجفف.

أول من زرع واستخدم الشاي هم الصينيون، و تذكر الروايات الصينية بأن الملك “شينوق” كان مغرماً برعاية وجمع والتداوي بالأعشاب، وكان يحب شرب الماء الساخن بعد غليانه ،وقد ترك بعض أوراق الشاي في الحديقة وبالمصادفة حملت الريح ورقة من الشاي الجاف إلى قدح الماء الساخن الذي اعتاد ان يحتسيه وهو جالس في الحديقة كنوع من أنواع العلاج بالماء فلاحظ الملك تغير لون الماء فتذوق طعم المنقوع واستساغ طعمه ودأب على تناوله هو ومن في معيته ما اشاع استخدامه في الصين وخارجها، تلك النبتة السحرية فأصبحت جليساً للسعادة ورفيقاً رئيسياً في المجالس مع العائلة والأصدقاء وصنعوا منها مشروباً يتناولونه عقب الوجبات باستمرار.

أما العرب والأروبيون وغيرهم فقد ذكرت الموسوعة العربية العالمية ما يشير إلى أن الشاي لم يُعرف عند العرب في عصر الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في العصر الأموي ولا العباسي ،ربما جاء شربه بعد هذا التاريخ حيث لم يوجد تاريخ محدد لدخول الشاي وشربه في المنطقة العربية وفي العراق خصوصاً ليكون من أشهر واكثر المشروبات شعبية في العراق اليوم. لأنه لم ينتشر ويصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده، وقد كانت أول شحنة من الشاي قد وصلت أوروبا في عام 1610 وهو أول عهد الاوربيين بالشاي.

لقد اشتهرت بريطانيا وايرلندا عالمياً بشرب الشاي وتحديد ساعات شرابه في النهار، فهو المشروب المفضل مع وجبة الفطار، والإنجليز يفضلون الشاي الأحمر بإضافة الحليب أو الليمون مع السكر. ويقدم الشاي في كلا البلدين في أطقم ثمينة مكونة من أكواب خاصة من الخزف الفاخر وإبريق وصحون وملاعق وإناء للسكر .

أما اليابانيون فيصرون على إتباع نظام تقليدي لتحضير الشاي أمام الضيف وتقديمه حسب عادات متقنة بكل دقة تشمل طريقة الجلوس وموضع الآنية والأدوات وحركات من يقدم الشاي، واليابانيون يستعملون الشاي الأخضر بدون أية إضافات غير الماء الدافئ، ويستعملون آنية شعبية من الفخار أو الخزف الفاخر أحياناً.

في حين يتناول الصينيون الشاي فاتراً في أكواب صغيرة جداً، دون أية نكهات أو إضافات وهم من مفضلي الشاي الأخضر، ويصرون على تناوله مع الضيوف وفي المناسبات.

والعرب المشارقة يتناولون الشاي الأحمر في أكواب زجاجية شفافة ويضيفون له نكهات متعددة وتختلف أذواقهم في درجة الشاي فالمصريون والعراقيون يشربون الشاي مركزاً وثقيلاً مائلاً للون الأسود، ويقول المصريون عنه (حبر) نسبة إلى لونه الحالك، أما أبناء الخليج والجزيرة فإنهم يشربونه غالباً مخففاً مائلاً للون الذهبي. ويضيف بعضهم الزعفران ونكهات أخرى إليه. وفي مقاهي سورية يجلس الناس بصمت كل مساء وهم يرتشفون فناجين الشاي فيما يسرد حكواتي المقهى قصص أبو زيد الهلالي التي لا تنتهي. أما العرب المغاربة فشرابهم الشعبي هو مشروب النعناع الساخن وهو ليس شاياً ولكنهم يسمونه شاياً أخضر جزافاً، ويشربون الشاي الأحمر أحناناً ويسمونه شاياً أكحل (أسود). وكان شرب الشاي في كثير من دول الشرق الأوسط مقصوران على الرجال دون النساء، وكان عيباً على النساء أن يشربن الشاي، أما اليوم فإنهن يتباهين ويتفنن في إعداده مع نكهات مختلفة، ويقتنين أطقم فاخرة لتقديمه لضيوفهن من نساء الحي والأقارب والضيوف، ويستمتعن كل يوم بشربه.

وأغلب شعوب دول آسيا الوسطى مثل الإيرانيين والأتراك يشربون الشاي الأحمر ثقيلاً. ولكن للإيرانيين طريقة خاصة في ذلك فهم يضعون قوالب السكر في أفواههم ويسكبون الشاي في الصحون ثم يرتشفونه. ويستعمل الأتراك (السماور) لغلي الشاي وهو عبارة عن إناء الشاي المركز يسخن على بخار الماء ويستطيع كل شخص أن يسكب الشاي ثم يضيف إليه الماء الساخن حسب رغبته.

ويعد الهنود والباكستانيون والأستراليون من شاربي الشاي الأحمر بالحليب. ويسمى الأستراليون وجبة العشاء (شاي) فيقولون سوف نأكل الشاي أي العشاء. لأن الشاي جزء رئيس من عشائهم اليومي. وقد يكون هو العشاء حيث يغمسون فيه الخبز أو الكعك الجاف. أما الأمريكيون فقد خرجوا عن نطاق المألوف فهم يشربون الشاي بالثلج Ice Tea كبقية مشروباتهم الغازية التي غزت العالم، وأصبحت من أكبر المنافسين للشاي حتى إنهم صنعوا شاياً معبأ في زجاجات أو علب من الألمنيوم جاهزاً للشرب.

وأغلب شعوب العالم القديم (عكس العالم الجديد الذي يشمل الأمريكتين) تتناول الشاي وتعتبره من مشروباتها الوطنية، ويتعصب كثير من الناس لطريقة إعداده وتقديمه والحفاظ على لونه ولا يعجبهم مالم يقدم لهم في الكأسات التي اعتادوا عليها وبالطريقة التي توارثوها. وتختلط العادات وتتداخل بين الشعوب المتجاورة وتقتبس بعض الشعوب من الشعوب الأخرى بعض عادات وتقاليد الشاي المتبعة فتجد بعض عادات الأتراك في شرب الشاي قد انتقلت إلى اليونان ورومانيا وبعض العادات المصرية انتقلت إلى ليبيا وهكذا

Exit mobile version