Site icon جريدة الدولة الآن

“تشوه مشاعر الأمومة والأبوة”

  بقلم / هدير الحسيني

إذا كنا لا نستطيع أن نُربي فلماذا نُولد الأبناء ؟

سوف نقول أن هذة هي سنة الحياة وهذا صحيح ولكن كما يصح قولنا أن هذة سنة وهذا يُعني أنكَ إذا أديتها سوف تؤجر أجراً مضاعفاً ، وإن لم تؤديها ليس عليكَ وزراً لأنها سنة وليست فرض يُعني إذا كنت تستطيع وتقدر علي تأديتها فأفعلها ، ولكن تكون على دارية كافية بكيفية تأدية هذة السنة ، وبعضنا يقول أن كثرة الأبناء هذا رزق الله وبالتأكيد هذا صحيح ولكن إذا كنا لا نستطيع علي تربية أكثر من طفل فلماذا لم نتخذ بالأسباب ؟ !.

وإذ كان تبريرنا أن هذا هو حقاً إرادة الله تعالي فلماذا لم نعي مفهوم أن الله تعالي عندما يُقدر لنا أشياء هو أعلم أننا نستطيع تُحملها مهما كانت أعبائها ، ولكن هذا لا نُدركه ولا نضعه في الحسبان بسبب عدم تركيزنا علي مفهوم مهم لكل حياتنا وهو مفهوم (الإستعانة بالله) هذا المفهوم لا يكون عند البعض ، لأن عاداتنا وثقافتنا والوراثة التي نتوارثها جيلاً بعد جيل هذا الذي يسبب عدم استعنا بالله لأننا اعتادنا علي أسلوب وطرق نتعايش بها في كل الحياة.

ونجد هذا بالتحديد في تربية الأبناء ،لأن كم منا يهتم أن يقرأ أوأن يسمع أو يحضر محاضرات ويُطبق الأساليب التربوية الحديثة مع أبنائه ويُدرك أن كل عصر يختلف عن الآخر وأن كل طفل ليس من اللازم أن يكون مثل طفل شبيه له في العمر ويمثله في شخصيته أو ذكائه أو مهاراته ، كم منا يُخصص وقتاً لكي يفهم ابنه ويقدر شعوره ويحاول أن يُخلصه من كل شئ يَخيفه أو يحبطه أو يسبب له أى منغاصات في حياته ، كم منا يهتم ويعي أن الطفل لايكون طفلاً طوال حياتهِ بل سوف يكبر وليس الكبر بالجسد أو العمر بل الكبر الحقيقي في النضج والمهارات وفهمه لكثير من الأشياء التي يجب أن يفهمها ويتقنها.

للأسف هذا لا نجده في الكثير من الآباء علي الرغم من كثرة ووفرة كل الطرق لتُساعد علي تنئشة جيل سليم من كل الجوانب ، ولكن لا يجدون الإهتمام بسبب كثرة المبررات من قبل الآباء والتي تتمثل في ضغوطات الحياة والمتطلبات التي بسببها نعمل دوماً لأجل توافرها ومشاكل مع هذا وذاك ومثل هذه المبررات التي نظلم بها أبنائنا وتجعلنا نقسي عليهم أو نضربهم ونعنفهم أو نلتفت عنهم وعن طفولتهم التي تتدمر كل يوم عن يوم بسبب إغفال الأهل ، ومع ذلك نهتم بأبنائنا من جوانب أخرى ونحرص عليها كل الحرص كالتعليم والمآكل والملبس وسعادتهم المادية ، ولكن سعادتهم الحقيقية التي يريدونها لم يجدوها ولم يشعرون بها بسبب آباء غير مُتحملين لمسوؤلية التربية وليست فقط الرعاية الأبوية .

فنحن إذا تحدثنا عن تشوه وتُغير المشاعر هل يخطر ببالنا تغير وتشوه مشاعر الأمومة والأبوة ؟! من مفهمومنا وعاطفتنا لا ، ولكن من مفهوم وواقع هذه الحياة وهذا العصر وما نسمعه فيما يُخص الأبناء هذا لا يكون مستحيل ، فما هي معني الأمومة وماهي معاني الأبوة ؟ .

الأمومة تُعني الحنان تُعني الحب والتضحية بلا كلل أو ملل بل تُعني كل شئ في حياة الأبناء ، والأبوة تُعني السند تُعني الأمان والإطمئنان يُعني الظل الذي نستظل تحتهِ ونحتمي فيه وسط الظلام والرابط الذي بينه وبين أبنائه والذي يوثق العلاقة بينهما هو الثقة والقدوة الذي يحتذي بهِ الأبناء لهم في مسار الحياة .

فالذي نراه اليوم في الكثير من الآباء بعيد كل البعد عن هذه المشاعر الفياضة والمعاني الجميلة ، وكل الذي يحدث حولنا الآن لا نعقله بعقولنا ولا تتحمله قلوبنا وهذا هو الدمار والفساد الحقيقي للبلاد .

نحن نجد كثيرين من الأمهات تقولنَ أننا لا نجد وقتاً لأبنائنا لكي نتحدث معهم ونلعب ونمرح ، ومن المُضحك نجدهم يقضينَ الكثير من الوقت علي السوشيال ميديا يتصفحنَ ويتحدثنَ فلماذا لا يقضينَ هذا الوقت مع الآبناء ، نجدهم ينشغلنَ بتغيير المنزل وأثاثه ويبتكرون لهذا بالفعل فهل أبنائنا ليس لهم الحق في أننا نبتكر ونتفنن لتربيتهم نجدهم يهتمون بمظاهر أبنائهم لمقارنتها بمن حولها ومع تفعله مع أولادها وتغافلت عن الفروق في معيشة كل منهنَ .

وفي الجانب الآخر نجد الآباء تاركين تربية الأبناء بشكلاً كامل للأم ويقولون أن هذه هي مسؤوليتكم إنما نحن مسؤوليتنا هي توافر المتطلبات فماذا نتوقع من شعور الأبناء إتجاه هؤلاء الأباء هل سوف يجدونهم عندما يحتاجون لهم ؟ كيف ! أن لكل فعل رد فعل وهذة المشاعر لا تتحرك إلا إذا كان هناك أحد يُحركها ويُفعلها فأداء الواجب نقدر عليهِ ونستطيع علي فعله ولكن يكون مُجرد من المشاعر، إنما شعور الشوق واللهفة والكلام الصادق وإلزام الوقت للآباء هذا الشعور لا يتحرك إلا إذا تبادلت لأبنائكَ بذاك في الصغر .

فإذا كنا لا نستطيع تحمُل الصغار ونوفق بين اهتمامتنا واهتماماتهم لا تكون مُجبراً على ولادتهم وهذا أيضاً لا يكون فقط للآباء ، بل هذا الكلام لكل من يتعامل مع الأطفال عليكَ أن تكون علي دارية كافية أنهم يختلفون عنك في كل شئ وإن كنت لا تستطيع علي التأقلم والتكيف معهم مهما كانت مشاكلهم بإمكانك أن تجد عمل آخر.

وأختم بمقولة للكاتب ” مصطفي صادق الرافعي ” ( الطفل لا يعرف مستقبلاً ولا ماضياً ، وما هو إلا حاضره ، فإن عييتَ بأمره فأجِده ما يلهو به ، فهذه هي سعادة الطفولة ).

أظن أن هذة المقولة تُلخص ما قيل في هذا المقال …….

Exit mobile version