Site icon جريدة الدولة الآن

الإنتحار ظاهرة عالمية ووصمة عار تحيط بمجتمعنا ككل

       تحقيق: ياسمين أنور

يعتبر الإنتحار من الأمور الأكثر مأساوية في العالم، وهو من الحوادث التي تحدث بإستمرار بين الحين والآخر في مجتمعاتنا، وتدل المؤشرات والإحصائيات أنها تزداد بشكل كبير، والإنتحار هو الفعل الذي يتضمن تسبب الشخص في إنهاء حياته، وإزهاق روحه بإستخدام وسائل عدة، ويُعتبر رد فعل مأساوي لمواقف الحياة المسببة للضغوط،وقد يبدو وكأنه لاتوجد وسيلة لحل المشكلات وأن الإنتحار هو الطريقة الوحيدة لإنهاء هذا الألم.

ومما لاشك فيه أن الإنتحار حرام شرعًا في كافة الأديان السماوية، وأكد الإسلام على تحريمة قطعًا لا لبس فيه؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الروح التي استودعها في جسد بني آدم ولا يملك الإنسان التخلص منها وقت ما شاء، لأنها تعتبر أمانة ولأن الله تعالى هو الذي يحيي ويميت، ولقوله تعالى “من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا” سواء قتل نفسه أو قتل غيره.

وأغلب الأفكار الإنتحارية تكون نتيجة صعوبات الحياة،أو الأزمات المالية، واليأس من المستقبل، أو بسبب إنهيار عصبي، ويعتقد الفرد أن الإنتحار هو الحل الوحيد لإنهاء تلك المشكلة أو إنهاء الألم، وقد يكون هناك روابط وراثية للإنتحار.

ويعتبر وسائل الإنتحار الأكثر شيوعًا في العالم، التسمم بالمبيدات الزراعية والتي تكثر خاصة في المناطق الزراعية ذات الدخل المتوسط أو المنخفض، أو تناول جرعة زائدة من علاج ما،وإستخدام الأسلحة النارية والشنق من الطرق الشائعة للإنتحار أيضًا.

وتقرّ منظمة الصحة العالمية بالإنتحار كأحد القضايا التي تحظى بالأولوية، حيث كان أول تقرير عن الإنتحار عام “٢٠١٤” تحت عنوان (الوقاية من الإنتحار ضرورة عالمية) الذي كان يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية وخطورة الإنتحار، وإلى جعل الوقاية من الإنتحار من الأولويات على جدول الصحة العالمية، فالإنتحار يحدث في جميع مناطق العالم وعلى جمبع مراحل العمر المختلفة،لذا يجب الوقاية من تلك الظاهرة الخطيرة.

حيث شهدت الآونة الأخيرة كثير من القضايا التي حدثت بسبب تلك الظاهرة، ومن أبرز هذه القضايا، إنتحار عامل في العقد السادس من عمره شنقًا داخل مصنع، بمدينة العاشر،لمروره بأزمة مالية، حيث عثر عمال المصنع على جثة زميلهم معلقة في ماكينة المصنع، فقد شنق نفسه وأودى بحياته بسبب ضائقة ولم ينتظر فرج الله، ويتأمل قول الله تعالى”والله يرزق من يشاء بغير حساب”.

ومؤخرًا إنتحر طالب في كلية هندسة،من أعلى برج القاهرة، بسبب مروره بأزمة نفسية، لم يفكر قليلًا ولكنه إعتقد أنه بإنهاء حياته سينتهي من الألم.

ومن جانبه رصدت جريده الدوله الآن بعض آراء المواطنين حول تلك الظاهرة الشائكة، حيث قالت(فاطمة.إ) الذي يفكر ف الإنتحار يعتقد أنه بذلك سيرتاح ويُنهي الألم،لكنه بالعكس تماما فهو لم يرتاح أبدًا؛ لأنه بذلك خسر الدنيا والآخرة، وكونك تنتحر فأنت بذلك لم تنهي معاناتك كما تعتقد ولكنك ستبدأ معاناة جديدة أكبر بكثير فوق تحملك، ومن تكون أنت حتى تُنهي حياتك لأنها ملك لله أولا، ثم إنه يوجد في حياتك أُناس لهم حق عليك، فحياتك ليس ملكك وحدك بل يوجد في حياتك أهل وأصدقاء، والشخص الذي يفكر في الإنتحار إذا فكر بمن حوله سيتراجع عما يفكر به،الإنتحار ليس بحل.

وذكر(إبراهيم.أ) الإنتحار قلة إيمان، وهو إن دل على شئ فيدل أن ذلك الشخص مريض وضعيف، فيجب على الشخص الإيمان بالله، وأن الله قادر على حل مشاكله وتفريج همه، لكنه لا يفكر أثناء الإنتحار إلا أنه سيقضي على مشاكله وهمومه، وهذا يُعد ضعف في شخصية الإنسان.

وأضاف (أنور.ع) الإنتحار من الظواهر التي حدثت كثيرًا في الآونة الأخيرة، وهي لم تقتصر على فئة معينة بل تستهدف جميع الفئات،والشخص الذي يقبل على الإنتحار أو يفكر فيه فهذا نظرًا لبعده عن الله أولا، ثم لوجود مرض نفسي أو بسبب ضغوطات الحياة، والشيطان يتحكم فيه في تلك اللحظة فلا يرى سوى الإنتحار هو الحل الأوحد لإنهاء تلك المشكلة، ثم بسبب التفكك الأسري والبعد عن الأهل فلا يوجد رقابة.

وفي السياق ذاته يُعتبر الإنتحار من القضايا الصعبة المعقدة، وبالتالي يتطلب بذل مجهود للوقاية منه، ويجب التنسيق مع عدد من القطاعات في المجتمع مثل قطاع التعليم والصحة والزراعة والدفاع وما إلي ذلك من القطاعات، وينبغي أن تكون هذه الجهود شاملة ومتكاملة، حيث لا يمكن لأي قطاع أن يؤثر بمفرده على تلك الظاهرة المعقدة، بالإضافة إلى أنه يوجد عدد من الأمور والتدابير التي يمكن إتخاذها للوقاية من الإنتحار، مثلا الحدّ من فرص الوصول إلى وسائل الإنتحار مثل(المبيدات، وبعض الأدوية المسممة، والأسلحة النارية).

وعلى صعيد أخر يجب على الشخص الذي لديه أفكار إنتحارية أن يرجع إلى الله وإلى سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، والتقرب إلى الله بالصلاة والذكر، فعندما يرجع الله إلى دينه فحينئذٍ تتغير تلك الأوضاع وتنتهي تلك المشاكل، وبعيدا عن الحكومات والمؤسسات، فلابد أن يبدأ كل فرد بنفسه أولا وبأهله حتى نصبح أفضل، فتلك الظواهر التي انتشرت مؤخرا سببها الأوحد البعد عن الله،وإن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلابد أن نتكاتف جميعا حتى نصل إلى حل يُنهي تلك الظاهرة من مجتمعنا تماما.

Exit mobile version