ملتقى الفكر الاسلامي:الوطنية الحقيقية هي الإيمان والانتماء لا التخريب
teem2
متابعه سارة الفقي
أكد ملتقى الفكر الاسلامي أن ، الوطنية الحقيقية هي الإيمان وحسن الولاء والانتماء للوطن ، والتي تقدم المصلحة العامة عن الخاصة وتبني وتعمر وتجمع ولا تخرب ولا تفرق بين أبنائه بسبب العرق أو الدين أو الجنس، كما أنها الفطرة التي فطر الله الانسان عليها وأكدها الشرع الحنيف.
جاء ذلك في إطار الحلقة الثالثة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى لشئون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتي أقيمت تحت عنوان ” سمات الشخصية الوطنية في ضوء الشرع الحنيف” وحاضر فيها الدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا الأسبق ، والدكتور خالد صلاح الدين مدير عام الإرشاد الديني بالوزارة. في البداية أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أن حب الوطن فطرة إنسانية، وعادة سوية، وقيمة شرعية، ويمكن القول بأن حب الأوطان من الإيمان ، وأن الوطنية الحقيقية إيمان وسلوك وعطاء ، مشيرا إلى أن الشخصية الوطنية في الإسلام لها منطلقات ، فهي تفعل ما تفعل بناء على إيمان بالله (عز وجل).
وأشار إلى أن الفطرة السوية التي أودعها الله (عز وجل) في الإنسان منها الحب والرحمة والشفقة والحنان، وكان من ضمن الحب الذي وضعه الله (عز وجل) في بني الإنسان على مر العصور وعبر كل الأزمنة أن الإنسان يحن إلى وطنه الذي نشأ فيه ، مستشهدا بقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وهو مهاجر من مكة إلى المدينة :” اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ” ؛ لأنه منتقل من المكان الذي نشأ فيه وفطرته تحب هذا المكان ، وفطرته تحن إلى هذا المكان ، فعندما يخرج الإنسان من بلده مهاجرا إلى أي بلد آخر للعمل ، يشعر بالحزن ، ويشعر بأن الألم يعتصره ، لماذا، لأنه فطر على حب أهله وبلده وجيرانه وأصدقائه والتراب الذي عاش عليه ، وكما قال (صلى الله عليه وسلم) وهو خارج من مكة : ” إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إليه، وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك”.
وأضاف أبو عاصي ، إلى أن الحب الذي أودعه الله فطرة في الإنسان لبلده يتطلب أعمالا كثيرة ، منها: الدفاع عن البلد ، وعن أرضه، يدافع عنها بروحه ، يدافع عنها بماله ، فالدفاع عن الوطن هو السمة الأولى للشخصية الوطنية ، لافتا إلى أن الشخصية الوطنية هي التي تدرأ الفتن في البلاد ، ولا يمكن أن تسمح أن يتحول الناس في البلد الواحد إلى طوائف متناحرة ومتعادية ، ونحن نعلم أن الله (عز وجل) ذكر من جرائم فرعون ” وجعل أهلها شيعا ” ، أي : جعل أهلها فرقا متنوعة متقاتلة ، كل يريد مصلحته الخاصة فقط، والقاعدة الشرعية تقول: المصلحة العامة (أي مصلحة الوطن) مقدمة على المصلحة الخاصة ، مشيرا إلى أن أن الوطنية إحساس بنبض الوطن وبالتحديات التي تواجهه، والتألم لآلامه ، والفرح بتحقيق آماله ، والاستعداد الدائم للتضحية من أجله.
وتابع أن من مقتضياتها العمل على رفعتة الوطن وزيادة انتاجه وبناء حضارته من خلال التعاون بين أبناء الوطن ، بغض النظر عن الدين ، والجنس ، واللون ، والعرق ، والقبيلة والعائلة .. نحن أمة واحدة ، فكل له أن يعتقد ، لكن العيش المشترك حدده الله (عز وجل) في القرآن الكريم ، وقال لنا في دستور جامع : ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” . وأكد أن كلمة البر في الآية الكريمة تأتي قبل العدل ، ومن ثم كانت المواطنة الحقيقية تعني حسن الولاء والانتماء للوطن، والحرص على أمن الدولة الوطنية، واستقرارها ، وتقدمها، ونهضتها، ورقيها، كما تعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعا، دون أي تفرقة.
من جانبه أكد الدكتور خالد صلاح الدين – في كلمته – أن حب الوطن والحفاظ عليه فطرة إنسانية أكدها الشرع الحنيف، مشيرا إلى ما حدث من نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما هاجر إلى المدينة واتخذها وطنا له ولأصحابه الكرام لم ينس (صلى الله عليه وسلم) لا وطنه الذي نشأ فيه ولا وطنه الذي استقر فيه، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، وصححها لنا ، وانقل حماها إلى الجحفة) ، لافتا إلى أن أبرز سمات الشخصية الوطنية هي كونها صادقة أمينة محبة للوطن وتحب الخير للناس جميعا، وذلك لأنها شخصية مؤمنة وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
وشدد على أن الوطني الحق لا يكذب وطنه، ولا يخون أهله، فهو محب لوطنه محافظ عليه، فحب الوطن فطرة إنسانية، جبل الناس عليها منذ الأزل، ولقد ربط القرآن الكريم بين حب الأوطان وحب النفس، قال (تعالى) : “ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم”، وقال عبد الملك بن قريب الأصمعي: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده ، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوقه إلى أهله، وبكائه على ما مضى من زمانه.
وأوضح صلاح الدين، أن الأنصار رضوان الله عليهم ضربوا أروع الأمثلة في تقديم المصلحة العامة بما قدموا من إيثار ، وأسهموا في بناء الدولة ، مؤكدا أن الشخصية الوطنية شخصية إيجابية تبنى وتعمر ، وتجمع ولا تفرق ، يقول تعالى: “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”، فالوطني يسعى ويأخذ بالأسباب، ولا يركن إلى الخمول والكسل ، يقول سبحانه وتعالى :”هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود – عليه السلام – كان يأكل من عمل يده) ، فالشخصية الوطنية تتفانى في العمل والجد من أجل أن تحيا حياة كريمة وتكون سببا في نفع وطنها ومجتمعها ، لا تتحايل، ولا تغش ، بل تسعى للوحدة ، والتآلف ، من منطلق الأخوة التي تجمع بين أبناء المجتمع وتسوي بينهم في الحقوق والواجبات ، يقول تعالى : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.