إعصار ميلتون المدمر يجتاح ولاية فلوريدا مخلفاً خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات

تقرير :سلمى يوسف ، عبدالرحمن محمد

في مشهد مروع، يعيش سكان ولاية “فلوريدا” الآن تحت وطأة إعصار “ميلتون” الذي يضرب السواحل بقوة هائلة، والأعاصير هي عواصف استوائية شديدة، تتشكل في جنوب المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي وخليج المكسيك وفي شرق المحيط الهادئ، وتقوم بجمع الحرارة والطاقة عبر ملامسة مياه المحيط الدافئة ثم تتجه نحو الأرض مما يزيد من تبخر مياه المحيط بسبب قوتها، وتدور الأعاصير في عكس اتجاه عقارب الساعة حول (عين) وهي مركز الإعصار.

شهدت الولاية الأمريكية “فلوريدا” إعصارًا وصفه البعض بأنه الأعنف على مدار مائة عام، شق إعصار “ميلتون” طريقه إلى المحيط الأطلسي، بعد أن خلف دمارًا هائلًا من غرب ولاية فلوريدا الأميركية إلى شرقها، حيث تسبب بزوابع وفيضانات أدت إلى مصرع “10” أشخاص على الأقل، وانقطاع الكهرباء عن “ملايين” الأشخاص، وتدمير “125” منزل.

هبط الإعصار على اليابسة في حوالي الساعة “الثامنة” مساء بتوقيت غرينتش، كإعصار من الفئة “الثالثة”، كان مصحوبًا برياح بلغت سرعتها القصوى “195” كيلومتر في الساعة بالقرب من “سيستا كي”، وبحلول الساعة “11” مساء انخفضت سرعة الرياح إلى “165” كيلومتر في الساعة، وتسبب في إثارة “19” إعصارًا على الأقل.

وبعد أسبوعين من مرور الإعصار هيلين في المنطقة نفسها، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن “236” شخصًا في جنوب شرق الولايات المتحدة بينهم “15” على الأقل في فلوريدا، حذرت “دايان كريسويل” مديرة الوكالة الفدرالية للاستجابة للكوارث الطبيعية من أن ميلتون سيكون عاصفة قاتلة وكارثية، ومنذ أيام تحض السلطات سكان المناطق المعنية بتعليمات إخلاء على المغادرة مؤكدة أنها مسألة حياة أو موت، وكان الرئيس الأمريكي “جو بايدن” قد حذر مساء الأربعاء من أنه يُنتظر أن يكون ميلتون من أكثر الأعاصير تدميرًا منذ قرن في فلوريدا.

ظهرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن إعصار ميلتون كان (مُدبرًا)، وأن الطقس في فلوريدا تم التلاعب به، وزعم بعض المستخدمين أن تقنيات التلاعب بالطقس مثل “استمطار السحب” هي المسؤولة عن ما يحدث، حيث يتضمن استمطار السحب التلاعب بالغيوم الموجودة لمحاولة إنتاج المزيد من الأمطار، وهي تقنية عادة ما تُستخدم في البلدان ذات المناخ الجاف، حيث تقول “جيل تريبانييه” الخبيرة في الظواهر الجوية المتطرفة من جامعة ولاية لويزيانا: “نقوم بتلقيح السحبن بسبب عدم وجود ما يكفي من الهباء الجوي أو بخار الماء داخل الغلاف الجوي ليحدث التكثيف، لذلك نحاول إجباره من خلال تلقيح السحب”، مضيفةً أنه فوق غرب خليج المكسيك وخليج كامبيتشي، الأرض من تلقاء نفسها تُحدث الإعصار، وهو ماينفي المزاعم بشأن التلاعب بالمناخ.

قبيل وصول عين ميلتون إلى سواحل فلوريدا، صرح “رون دي سانتيس” حاكم الولاية خلال مؤتمر صحفي: “حسنا، لقد وصلت العاصفة، حان الوقت للجميع للاحتماء”، ثم صرح لاحقًا أن الأوان قد فات، وأصبح من الخطر للغاية إجلاء أي شخص، داعيًا الناس إلى ملازمة أماكنهم والصمود في وجه العاصفة أينما كانوا، وأضاف الحاكم: “ابقوا في الداخل، وابتعدوا عن الطرق، مياه الفيضانات والأمواج المرتفعة خطرة للغاية”.

في وسط تلك الكارثة، يتحدث أحد السكان قائلاً: “لا نستطيع فعل شيء، الرياح شديدة لدرجة أن المنازل تكاد تطير، كل شيء ينهار أمام أعيننا”، هذه المشاهد تعكس حجم المعاناة التي يمر بها السكان الذين يكافحون من أجل النجاة وسط هذا الجحيم الطبيعي، من جانبها، أصدرت السلطات تحذيرات عاجلة للسكان بإخلاء المناطق المتضررة، في محاولة لتقليل الخسائر البشرية، لكن سرعة الإعصار جعلت من الصعب تنفيذ الإخلاء بشكل كامل في الوقت المناسب.

فرق الإنقاذ تنتشر الآن في المناطق المتضررة لإنقاذ المحاصرين، لكن العواصف العاتية تصعّب وصول العديد من الفرق إلى المواقع الأكثر تضررًا، حاكم “فلوريدا” يؤكد أن الأولوية الآن هي حماية الأرواح وتقديم المساعدة للمشردين، وقد تم إعلان حالة الطوارئ القصوى، وتستمر الحكومة الفيدرالية في تقديم الدعم الكامل لفرق الإنقاذ والمساعدات الإنسانية.

في ختام هذا المشهد الكارثي، يتساءل الجميع كيف سيتمكن سكان “فلوريدا” من إعادة بناء حياتهم بعد هذه الكارثة الطبيعية، ومع تزايد تأثيرات التغير المناخي وزيادة شدة الأعاصير، يبدو أن الولايات الساحلية ستظل تواجه تحديات كبيرة في المستقبل، مما يتطلب استراتيجيات جديدة للتعامل مع الكوارث الطبيعية المستمرة.

سكان “فلوريدا” الآن في قلب المأساة التي خلّفها إعصار “ميلتون”، ويستمر العمل الجاد لإنقاذ الأرواح وإعادة الإعمار، لكن هذه الحادثة تذكّرنا بأهمية وضع خطط طويلة الأمد لمواجهة الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية، لحماية المجتمعات الساحلية من الأعاصير التي أصبحت حقيقة واقعة.