أمرت النيابة العامة بحبس متهمة على ذمة التحقيقات في اتهامها بقتل ابنتيها ومحاولة الانتحار بسبب مشاكل زوجية.
وكانت النيابة العامة قد تلقت إخطارا في 24 يونيو الجاري بوصول طفلتين – واحدة تبلغ ست سنوات وشقيقتها سبع سنوات – إلى مستشفى بهتيم متوفيتين، وفي وفاتهما شبهة جنائية لوجود سحجات برقبتيهما وآثار تجمعات دموية أسفل الذقن والجلد وزرقة في الشفاه.
وقد انتقلت النيابة العامة لمناظرة جثمانيهما وانتدبت الطبيب الشرعي لتوقيع الصفة التشريحية عليهما، وكلفت الشرطة بإجراء التحريات حول وفاتهما، فأسفرت عن ارتكاب والدة الطفلتين واقعة قتلهما إزاء سوء العلاقة بينها وبين زوجها، ما دفعها إلى قتلهما ثم الإقدام على الانتحار خلاصا منه، فألقي القبض عليها وعرضت على النيابة العامة لاستجوابها.
وأقرت الأم المتهمة في تحقيقات النيابة العامة بسوء العلاقة بينها وبين زوجها منذ عقد قرانهما، وتضييقه عليها وسعيه الدائم للحد من علاقاتها، وعلى إثر وفاة نجل لهما منذ أربعين يوما لمرض أصابه -على حد قولها- احتدت العلاقة، بينهما وأزمعت الانتحار أكثر من مرة ومنعتها والدتها، حتى جاء يوم الواقعة فبدرت إليها فكرة قتل ابنتيها ثم انتحارها خلاصا من زوجها وتخليصا لابنتيها من قسوته بعد وفاتها على حد ظنها، فلما خلت بهما بعد ذهاب أبيهما للعمل عقدت عزمها على قتلهما، فخنقتهما بيديها، ثم تظاهرت لاحقا أمام أهل زوجها بمفاجأتها بالواقعة، مدعية عدم إقدامها على الانتحار بعد وفاتهما لحيرتها في وسيلة الانتحار، وقد أكدت التحقيقات معها سلامة قواها العقلية وعدم تعاطيها أي مخدرات أو عقاقير تؤثر في إرادتها خلال ارتكاب الواقعة.
وعاينت النيابة مسرح الحادث، وسألت زوج المتهمة الذي أكد اتهامه لها بقتل ابنتيهما، مشيرا إلى أنه لم يكن يسمح لها بالخروج، وكان يحد من علاقاتها غيرة عليها، ولا تزال النيابة العامة تباشر التحقيقات.
وأكد البيان استنكار النيابة العامة تلك الجريمة البشعة التي انتفت فيها لدى مرتكبتها كل معاني الإنسانية، بل شذت حتى عن غرائز عاطفة الأمومة في الطبيعة الحيوانية، إلا أنها تشير إلى لزوم النظر في الباعث إلى ارتكابها وارتكاب جرائم أخرى باشرت النيابة العامة التحقيق فيها خلال الفترة الأخيرة، ألا وهي سوء العلاقة الزوجية.
وأشارت النيابة العامة إلى أن الأمراض الزوجية هي علة العلل في حياتنا الاجتماعية، وأن تلك الحياة قوامها الرجل والمرأة، فإذا تمت لهما معا معاني الإنسانية تمت هذه الحياة، وبدت في أبهى صورها، كاملة في كل وجوهها، ماضية في طريقها، تؤدي مهمتها كما ينبغي أن تكون.
وشدد البيان، أنه إذا أصاب هذه المعاني شيء من النقص في ناحية ما، شوهت هذه الحياة، وأصبحت قبيحة ملعونة، يزول أساس السعادة منها، وتختفي معالم الإنسانية فيها، وتأخذ الحوادث في زلزلتها حتى تنهار بأكملها.
وأضاف “فاعلموا أيها السادة أن الحياة السعيدة في سعادة الرجل وزوجه، لا في قصور ولا متاع ولا زينة، وأن السعادة قد تفر من قصر شامخ إلى كوخ فقير تملؤه حياة صحيحة بين زوجين فإذا هما في السعادة ومنها وإليها يمضيان”.
وتابعت النيابة العامة، أن أسس تلك السعادة والحياة الثابتة هي التسامح والتعاون وتقدير الواجب وحسن وزن الأمور ومناسبتها، فكل ذلك له بالغ الأثر في الرابطة الزوجية، ولهذه الرابطة بالغ الأثر في حياة سائر الإنسانية.