على مدار أكثر من نصف قرن، شكل الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل ركيزة أساسية في كل الحروب والعمليات العسكرية التي خاضتها منذ تأسيس الدولة عام “1948” وحتى العدوان الأخير على غزة، هذا الدعم الذي تضمن قنابل وطائرات وصواريخ، لم يساهم فقط في تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، بل أيضًا في تعزيز سيطرتها على الأرض الفلسطينية وفرض إرادتها على المنطقة.
منذ نشأتها، كانت إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة كحليف استراتيجي، فعلى مدى العقود الماضية، استمرت الولايات المتحدة في تزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، هذا الأمر كان له تأثيرات عميقة على الصراع في المنطقة، حيث شكلت هذه الأسلحة حجر الزاوية في جميع الحروب التي شنتها إسرائيل ضد جيرانها.
اليوم، يتكرر نفس السيناريو الذي شهدته الساحة الفلسطينية منذ عقود، العدوان الأخير على غزة يعكس سياسة القوة التي تتبناها إسرائيل، والتي لا تتردد في استخدام الترسانة الأمريكية المتطورة لتحقيق أهدافها العسكرية، فالقنابل الأمريكية والصواريخ الموجهة كانت جزءًا من الحملة العسكرية التي أسفرت عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين.
المشاهد التي تتكرر اليوم تذكرنا بما حدث في السابق، حيث تتعرض المدن والقرى الفلسطينية لقصف مكثف، بينما يستمر الدعم الأمريكي الذي يوفر لإسرائيل الغطاء اللازم لممارسة هذه السياسات، إن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراعات في المنطقة، حيث يُنظر إلى إسرائيل كحليف قوي، بينما تُعتبر حقوق الفلسطينيين قضية ثانوية.
الحروب التي خاضتها إسرائيل، من النكبة عام “1948” إلى العمليات العسكرية المتتالية ضد غزة، تُظهر كيف أن الدعم العسكري الأمريكي كان دائمًا حاضرًا في المعادلة، التحليل العسكري يشير إلى أن هذا الدعم لا يُعتبر مجرد دعم تقني، بل هو جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى ضمان تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة.
لم يقتصر الدعم الأمريكي لإسرائيل على الأسلحة فقط، بل امتد ليشمل التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية، هذه العلاقة الوثيقة بين البلدين تعزز من قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات عسكرية جريئة، مما يضعف قدرة الفلسطينيين على الدفاع عن أنفسهم، وبالتالي، تزداد حدة الصراع، وتستمر مأساة الشعب الفلسطيني.
وفي الوقت ذاته، يُثير هذا الدعم تساؤلات حول الأثر الذي قد يخلفه على الاستقرار الإقليمي، فزيادة التوترات في المنطقة نتيجة للاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين قد تؤدي إلى ردود فعل عنيفة، وقد تفتح جبهات جديدة للصراع، هذه الديناميكية تجعل من الصعب تحقيق أي نوع من السلام العادل والدائم في المنطقة.
في النهاية فإن التاريخ يعيد نفسه في العديد من الجوانب، فالأمس يشبه اليوم من حيث الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل ، إن الاستمرار في هذه السياسات لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع وزيادة معاناة الفلسطينيين، مما يتطلب ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات الدعم والتدخل الدولية لضمان تحقيق السلام والعدالة في المنطقة.