منذ عقود طويلة، تشهد أرض فلسطين واحدة من أكثر القصص المأساوية في التاريخ الحديث، حيث تم تحويل أصحاب الحق إلى مجرمين في نظر العالم، وأصبح المعتدي يُصوَّر على أنه الضحية، في كل مرة يصرخ فيها الفلسطيني مطالبًا بحقه، يُنتقد على صوته العالي، وكأن العالم يريد منه أن يموت بصمت، هذا النفاق الدولي ليس جديدًا، بل هو جزء من معادلة معقدة تسببت في سلب حقوق شعب بأكمله وتهجيره من أرضه.
العدالة، كما تبدو، أصبحت مجرد كلمة لا طائل من ورائها في القضية الفلسطينية ، الأرض التي كانت مأوى للسلام تحولت إلى ساحة للصراع والدمار، والمفارقة المؤلمة هي أن العالم الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان يغض النظر عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني، وكأن الحق قد أصبح مجرد قضية سياسية تُباع وتُشترى.
يقول الروائي ” يوسف السباعي” رحمه الله : “يدينون القتيل لأنه أجهد القاتل في قتله ، ويؤنبون المضروب لأنه أزعج الضارب بصياحه، لولا النفاق ما سلب من صاحب حق الحق ، وما طرد شعب من أرضه ليحل الغريب في أرضه”، تلخص تمامًا ما يحدث في فلسطين منذ عقود ، في هذا الصراع غير المتكافئ، لا يُعامل الفلسطيني كضحية، بل يتم توجيه اللوم إليه، وكأن نضاله من أجل حقوقه هو الذي يشكل المشكلة، هذه التغريدة تعبر عن الشعور العميق بالظلم الذي يعانيه الفلسطينيون، حيث تُقلب الحقائق ليصبح من يدافع عن أرضه متهمًا، بينما يتمتع المحتل بالدعم الدولي.
الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين ليست أمرًا جديدًا، فهي مستمرة منذ عقود طويلة ، بدءًا من النكبة في “1948”، حيث تم تهجير الملايين من الفلسطينيين من أراضيهم، وحتى يومنا هذا، ما زال الفلسطينيون يعانون من الاستيطان والاحتلال العسكري، الأرض التي كانت ملكًا لشعبها لآلاف السنين أصبحت بيد الغرباء، وسُلبت منهم تحت مظلة قرارات دولية لم تُنفذ يومًا بعدالة.
ما يزيد من حدة المعاناة هو الصمت الدولي المريب تجاه هذه الاعتداءات ، الدول التي تدّعي دعم حقوق الإنسان تغض الطرف عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، الكيل بمكيالين هو السياسة المتبعة، حيث يتم انتقاد الضحية بدلًا من الجاني، هذا الأمر لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد إلى الإعلام، الذي في كثير من الأحيان يُظهر الفلسطينيين كمثيري شغب بدلاً من التركيز على معاناتهم الحقيقية.
إسرائيل لا تكتفي بالاعتداء على الأرض الفلسطينية فقط، بل تقوم بالتوسع في بناء المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، ما يزيد من تعقيد الوضع ويحول دون أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، إن استمرار هذا الوضع دون تدخل جاد من المجتمع الدولي يعزز من قوة المحتل على حساب الشعب الفلسطيني الذي يزداد فقراً وتهميشاً.
على الرغم من ذلك، ما زال الشعب الفلسطيني يقاوم، سواء من خلال الكفاح المسلح أو عبر المقاومة الشعبية ، الأجيال الجديدة لم تنس حقوقها في أرض أجدادها، وما زال الفلسطينيون يسعون لنيل حريتهم واستعادة أراضيهم ، الأمل موجود رغم كل التحديات، والإيمان بالحق لا يتزعزع.
إن النفاق الدولي تجاه القضية الفلسطينية هو جرح ينزف منذ عشرات السنين، والمطلوب الآن ليس مجرد اعتراف بالحقوق، بل العمل الجاد على تحقيق العدالة، القضية الفلسطينية ليست فقط قضية شعب، بل هي قضية إنسانية يجب أن تحظى باهتمام كل المدافعين عن الحق والعدل.