يبدو أن اتفاقات التجارة فى أفريقيا تنطبق عليها مقولة ” كثير من الضجيج قليل من الطحين”، فعلى الرغم من الاتفاقيات الكثيرة الموقعة إلا أنها لم تنعكس على حركة التجارة الداخلية بالقارة، والتي تمثل حوالى 10% فقط من إجمالي تجارتها الخارجية، وهو أدنى مستوى عالمي مقارنة بالمناطق التجارية الأخرى فى آسيا أو أمريكا اللاتينية أو غيرها.
وبرغم محاولات الاندماج فيما بين المناطق الجغرافية داخل القارة الأفريقية، وإقامة الأسواق المشتركة والاتحادات الجمركية فى الشمال والشرق والغرب والوسط والجنوب، إلا أن هذه المحاولات لم تفلح، في انتعاش حركة التجارة، الأمر الذى دفع الدول إلى السعى للاندماج المتكامل عبر اتفاق التجارة الحرة القارية، لخلق انسياب التجارة الحرة فيما بين دول القارة.
ويوجد فى أفريقيا بالفعل خليط من المناطق التجارية المتنافسة والمتداخلة، وهى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في الغرب، ومجموعة شرق أفريقيا (ايك) في الشرق، ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) في الجنوب، والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) في الشرق والجنوب، وفي 2017، شكلت التجارة البينية في أفريقيا 17% من الصادرات، مقابل 59% في آسيا و69 % في أوروبا، إذ تراجعت أفريقيا عن طفرات اقتصادية حققتها تكتلات تجارية أخرى في العقود الأخيرة.
الكوميسا:
ولعل أبرز اتفاقات التجارة بالقارة الأفريقية هي “الكوميسا” وهى اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا، كمنطقة تجارة تفضيلية تهدف للوصول لإقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء لتصبح اتحادا جمركيا ثم سوقاً مشتركة، وأصبحت مصر عضوًا في الكوميسا عام 1998 بجانب 19 من الدول الأعضاء النشطة الأخرى، وتعفي مصر كعضو في الكوميسا البضائع والمنتجات التي تحمل شهادات المنشأ من الكوميسا تماما من الرسوم الجمركية وأى رسوم وضرائب أخري ذات الأثر المماثل.
وبالإشارة إلى قواعد المنشأ الخاصة بالاتفاقية، تطبق الإعفاءات الجمركية على جميع واردات السلع التى يكون منشأها الدول الأعضاء بقيمة مضافة تصل على 45%، بدأت الكوميسا اتحادها الجمركي في يونيو 2009 بهدف تخفيض وتوحيد التعريفة الجمركية الخارجية خطيًا على مدار عشر (10) سنوات تبدأ في عام 2009 وتنتهي في عام 2018، ومن المقرر إقامة اتحادًا نقديا بحلول 2025، لكن هناك شكاوى كثيرة من المصدرين في الدول بالقارة، لعدم تطبيق بنود الاتفاقية، وعدم تنفيذها بحجة وجود بدائل محلية، الأمر الذى قلل من تأثير هذه الاتفاقية على حركة التجارة في القارة السمراء.