حذر المؤشر العالمي للفتوى (ائة) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم, من الانسياق خلف أي دعوات أو خرافات لا علاقة لها بالدين, وشدد على ضرورة الالتزام بالتعليمات الصحية والإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدول. ودعا المؤشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم مشاركة أي منشورات أو محتوى إلا بعد التأكد من صحته وأن يكون صادرا عن مصادر رسمية موثوق بها; منعا لنشر الشائعات التي تثير الهلع والخوف في النفوس, داعيا الله أن يرفع البلاء عن سائر العباد وأن يحفظ مصر وشعبها من كافة الأوبئة والأمراض.
وقال مؤشر الفتوى – في تقرير له اليوم الخميس, استمرارا لمتابعة كافة المستجدات حول فيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد, والمنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام – إن 15% من المحتوى الديني المنشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول فيروس كورونا يتضمن خرافات وشائعات باسم الدين, وأن 55% من تلك الخرافات نشرت عبر حسابات ومصادر وصفحات مجهولة لا يتعدى عدد متابعيها 500 متابع.
وأكد المؤشر أن 40% من تلك الخرافات نبعت من الجهل بالدين والتفسير الخاطئ لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة, وأن 35% منها جاءت لنشر الفوضى والهلع بين المواطنين لتحقيق أهداف سياسية, وأن 25% منها جاءت نتيجة الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة المنشورات دون التأكد من صحتها ومن مصادرها.
واستعرض المؤشر أكثر 10 خرافات تداولا وكيفية تعامل المؤسسات الإفتائية الرسمية معها; وهي: (شعرة سورة البقرة), حيث لفت مؤشر الإفتاء إلى ادعاء بعض الحسابات والأشخاص أن من يجد شعرة في المصحف في سورة البقرة بالقرب من آية محددة, فعليه أن يضعها في الماء ثم يشرب هذا الماء لعلاج فيروس كورونا.
ومن جانبها ردت دار الإفتاء المصرية بأن ذلك من الخرافات, ودعت في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر), إلى اتباع التعليمات الصحية الموضحة من وزارة الصحة, وعدم الالتفات إلى مثل هذه الخرافات.
والخرافة الثانية (فيروس كورونا ذكر في سورة المدثر), حيث تابع المؤشر من خلال رصده أن البعض ذهب إلى أن لفظة “ناقور” الواردة في سورة المدثر في قوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور} هي المرادفة للفيروس المستجد, وأنها ستصاحب زلازل وبراكين وأشياء أخرى, بل روج آخرون بأنه أتى من مسمى القرآن نفسه.
وقالت دار الإفتاء المصرية “إن هذا تدليس على القرآن, وتحريف لمعنى آيات الله عز وجل, فنحن نؤمن بأن الله عز وجل أمرنا بالأخذ بالأسباب والتوكل على الله والدعاء, فعلاج هذا الأمر هو اتباع التعليمات الصحية من وزارة الصحة, والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل برفع هذا الوباء, وليس بنشر الخرافات ومحاولة إثبات شيء ليس له أساس من الصحة”.
من جانبه, أوضح الدكتور عباس شومان, وكيل الأزهر السابق, أن كل هذا افتراء على الله وعلى كتابه وتحميل للإسلام وكتابه ما يحدث في دول العالم الآن ظلما وجهلا وعدوانا, منوها بأن ما يقع ابتلاء يقع من آن إلى آخر لله حكمة فيه.
وأضاف المؤشر العالمي للفتوى أن الخرافة الثالثة هي (ظهور المهدي المنتظر ودابة الأرض) وقال في موضع آخر إن رواد مواقع التواصل تداولوا مقاطع فيديو لمواطن وقف أمام أحد المساجد وادعى أنه المهدي المنتظر, الذي بشر النبي صلى الله عليه وسلم بظهوره في آخر الزمان; ليحكم في الأرض وينشر العدل, ومقطع لأخرى ادعت أنها دابة الأرض.
وردت دار الإفتاء بأن أصحاب تلك الادعاءات مرضى نفسيون لا يجوز الانصياع وراء أحاديثهم.
وتابع المؤشر أن الخرافة الرابعة هي (كتاب أخبار الزمان), حيث لفت إلى أن البعض ادعى أن التنبؤ بفيروس كورونا ظهر في أحد الكتب التراثية, وانتشرت صورة حول نبوءة: إذا تساوى الرقمان 2020 تعرف على حقيقة نهاية العالم في 2020 لإبراهيم بن سالوقيه عبر كتاب أخبار الزمان.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنها خرافة لا أصل لها ولا يجب نشرها ولا يوجد شخص بهذا الاسم في التاريخ الإسلامي, والعرب لم يستخدموا الأشهر الميلادية كتابة, أما أخبار الزمان لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي فلا نبوءة فيه بنهاية العالم ولا كورونا, وحذرت المواطنين من تصديق الدجل والخرافات.
وأشار المؤشر إلى أن الخرافة الخامسة هي (مسيرات التكبير والاستغفار ترفع البلاء), حيث رصد المؤشر مشاركة عشرات من المواطنين في محافظة الإسكندرية في شمال مصر, في مسيرات تكبير واستغفار دعوا الناس للنزول في مسيرات لرفع البلاء عن البلاد.. والذي وصفته دار الإفتاء المصرية, بأن أي دعوة لتجمع المواطنين في الشوارع, في ظل انتشار فيروس كورونا, بأنها “دعوة خبيثة وحرام شرعا ولا يراد بها وجه الله” , ودعت الدار إلى أن الالتزام بما تقرره السلطات المختصة لحماية الناس من الأوبئة والأمراض هو واجب شرعي ووطني, مضيفة: ومن يخرج عن هذه الإجراءات تحت أي ذريعة آثم شرعا”.
وأضاف المؤشر أن الخرافة السادسة هي (تربة الحسين خير علاج للفيروس), حيث أشار إلى أنه في حين تبادل رواد مواقع التواصل تصريحا لعضو مجلس خبراء القيادة الإيراني هاشم بطحائي قال فيه: “أحسست بأعراض فيروس كورونا فأخذت القليل من “تربة الحسين” فزالت عني الأعراض وشفيت .. إنه الإيمان .. الأطباء لا يفهمون ذلك”, وكشف رواد مواقع التواصل أنه بعدها بأيام قليلة.. مات بسبب فيروس كورونا.
تابع المؤشر أن الخرافة السابعة هي (ارتداء النقاب أفضل من استخدام الكمامة للوقاية من كورونا), لافتا إلى أنه حول الصيد في الماء العكر زعم بعض السلفيين أن النقاب خير وقاية من كورونا, ومن بينهم حاتم الحويني, وهو الأمر الذي نفاه عدد من الأطباء مؤكدين أن النقاب لا يغني عن الكمامة, نظرا لكون خيوطه لا تمنع مرور الفيروس, الذي يحتاج إلى نوعية معينة من الأقمشة لمنع انتقاله كما أن “جوانتي” النقاب لا يمنع من انتقال الفيروس, بل على النقيض فهو يحتضن الفيروس وينقله, على عكس اليد العارية التي يسهل غسلها بشكل دائم بالمياه والصابون. وأشار المؤشر إلى أن الخرافة الثامنة هي (الرقية الشرعية والأعشاب تشفي من فيروس كورونا), منوها إلى أن من بين الخرافات التي روج لها البعض ما صرح به الشيخ السلفي الموريتاني “يحظيه ولد داهي” من أنه وجد علاجا لفيروس كورونا من خلال الرقية الشرعية وبعض الأعشاب بمقابل مادي يختلف باختلاف المرضى وظروفهم وقدراتهم المالية. وقال المؤشر إن الخرافة التاسعة هي (هدم القباب والأضرحة وتحويل البنوك الربوية لإسلامية سيرفع البلاء ويعالج الوباء), منوها إلى أنه في سياق متصل كتب أحد الحسابات التابعة للتيار السلفي عبر (تويتر) باسم “أبو عبد الله صدام هاني” تغريدة تضمنت أن العلاج الفعال لكورونا يكمن في هدم القباب والأضرحة وتحويل البنوك الربوية لإسلامية لرفع غضب الله عن العباد والقضاء على البلاء.
وأضاف المؤشر أن الخرافة العاشرة هي (رد الاعتبار للأئمة السلفيين وإرجاعهم إلى مساجدهم ومنع الاختلاط بين الذكور والإناث في جميع المؤسسات أفضل الوسائل لرفع البلاء عن الدول), مشيرا إلى أن الحساب ذاته كتب أيضا أن علاج الوباء يتضمن رد الاعتبار لأئمة السلفيين ومنع الاختلاط بين الإناث والذكور.
وفي نهاية تقريره جدد المؤشر العالمي للفتوى تحذيره من الانسياق خلف أي دعوات أو خرافات لا علاقة لها بالدين, وشدد على ضرورة الالتزام بالتعليمات الصحية والإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدول.