اعتمد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، النسخة النهائية لكتاب “خطورة التكفير والفتوى بدون علم “، وهو خلاصة نخبة من الأبحاث العلمية المتميزة المقدمة للمؤتمرين الدوليين الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عقد بالقاهرة تحت عنوان (خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية) ، والرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عقد بالقاهرة تحت عنوان (عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه: طريق التصحيح) .
وأوضحت وزارة الأوقاف في بيان اليوم، أن الوزير وجه بسرعة طباعة الكتاب لأهمية موضوعه، على أن يتم الانتهاء من طباعته قبل بداية شهر رمضان المبارك بإذن الله تعالى، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن يقدم الكتاب حلولا منطقية وإسهاما جادا في القضاءعلى الفكر التكفيري، ونبذ كل ألوان العنف والتشدد وفوضى الفتاوى بغير علم أو اختصاص، وأن يساهم أيضا في تعزيز روح التسامح الديني والإنساني، وأن يؤسس لاعتماد صوت الحكمة والعقل والسماحة والتيسير منهجا للدعوة والفتوى، وأن يشكل هذا وذاك إضافة حقيقية للمكتبة الدينية والفكرية والإنسانية في موضوع خطورة التكفير والفتوى بدون علم.
وقالت الوزارة أن الكتاب تضمن أهم توصيات المؤتمرين والعديد من الأبحاث الهامة في موضوع خطورة التكفير والفتوى بدون علم وبيان وسطية الإسلام، وقدم وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة مقدمة جاء فيها “إلى كل محبي السلام في العالم نبعث من أرض مصر الكنانة بهذه الرسالة رسالة التسامح والسلام، الرافضة لكل ألوان التشدد والتطرف، حيث يعاني العالم بأسره من موجات التشدد باسم الدين، واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوى، وتوظيف الدين لأغراض سياسية، مما جعلنا نقرر وبقوة النأي بالدعوة والفتوى معا عن أي توظيف سياسي أو صراعات حزبية أو مذهبية تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة، حتى لو كان ذلك على حساب الدين وسائر القيم الأخلاقية والإنسانية”.
وأضاف وزير الأوقاف في المقدمة “والذي لا شك فيه أن أي موجات للتشدد أو العنف أوالإرهاب أو الإسراع في التكفير إنما تنعكس سلبا على قضايا الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا من جهة، وعلى علاقاته الدولية من جهة أخرى، حيث يصبح الخوف من انتقال عدوى التشدد هاجسا كبيرا لدى الأوطان والدول الآمنة المستقرة، في وقت صار العالم فيه قرية واحدة، ما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، وما يكون في شرقه تجد صداه في غربه، بل إن تأثير الجهات الأربع يتداخل ويتوازى ويتقاطع بشدة في ظل معطيات التواصل العصري عبر شبكات التواصل المتعددة التي لم يعد بوسع أحد تفادي أصدائها وتأثيراتها”.
وأشار جمعة إلى تحذير العلماء من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع، مستشهدا بقول الإمام الشوكاني (رحمه الله) إن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار ، لافتا إلى ما جاء في قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في التأكيد على خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون “أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قالوإلا رجعت عليه”(أخرجه البخاري ومسلم).
وتابع وزير الأوقاف قائلا، والذي لا شك فيه أيضا أن روح التسامح والوعي بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضاري في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة، وبين أبناء المجتمع الواحد من جهة أخرى، إنما تنعكس إيجابا على المصالح العليا للوطن منحيث الأمن والاستقرار، والتقدم والرخاء، بما يؤدي إلىمستقبل أفضل ، والرقي إلى مصاف الأمم المتقدمة ; فأكثر الدول إيمانا بالتنوع هي أكثرها أمنا وأمانا واستقرارا ورقيا وازدهارا، أما الدول التي وقعت فيفوضى الاحتراب والاقتتال الديني أو العرقي أو المذهبي دخلت في دوائر مرعبة من الفوضى والدمار.
وقال أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة، وتصدرهم بغير حق لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والإضلال والانحراف، وصدق نبينا (صلى الله عليه وسلم) ; إذ يقول “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن بقبض العلماء، حتى إذا لم يجد الناس عالما اتخذوا رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا” (صحيح البخاري).
وأكد وزير الأوقاف أن لهذا كله كان اختيارنا لقضية “خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم وأثره على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية ” موضوعا للمؤتمر الدولي الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة، قصد تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الشباب والجماعات المتطرفة التي اتخذت من تكفير الآخر أوتخوينه أو اتهامه في دينه أو وطنيته وسيلة لاستباحة الدماء والأموال ، والاعتداء على الآمنين أو حراس الوطن وحماته، والإفساد في الأرض “والله لا يحب الفساد “(البقرة:205) ، كما اخترنا عنوان “عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه” عنوانا للمؤتمر الدولي الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، بقصد بيان بعض أوجه العظمة في ديننا الحنيف.