قال اللواء محمد ابراهيم الدويري نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إن اعتزام إسرائيل ضم منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة يتطلب تحركا عاجلا مؤثرا علي المستويات الفلسطينية والعربية والدولية من أجل بلورة الأسلوب الأكثر فعالية للتعامل مع هذا القرار الإسرائيلي المتوقع وممارسة الضغوط المتاحة لإثناء إسرائيل عن هذا التوجه.
واستبعد اللواء محمد ابراهيم – في مقال على الموقع الالكتروني للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم /السبت/ – أن تعيد إسرائيل حساباتها حول إمكانية ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت من عدمه، حيث يرى أن إسرائيل حسمت أمرها واتخذت قرارها بالضم، ولم يتبق لها سوى البدء باتخاذ الإجراءات الرسمية لتنفيذ هذا القرار الذي يعيد إلينا سيناريو ضم مدينة القدس الشرقية والجولان السورية بقرارات تراوحت بين أن تكون حزبية أو برلمانية أو حكومية، وكلها قرارات تم اتخاذها بين عامي 1967 و1980″.
وأكد اللواء محمد ابراهيم أنه من الضروري الوقوف عند تطورين في قمة الأهمية لتأكيد مدى جدية هذا التوجه الإسرائيلي، التطور الأول: أن خطة السلام الأمريكية فتحت المجال أمام هذا الضم، حيث نصت في قسمها الرابع (الخاص بالحدود)، على أن غور الأردن وهو أمر حاسم للأمن القومي الإسرائيلي سيكون تحت السيادة الإسرائيلية، وسيتم دمج حوالي 97% من المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية في الأراضي الإسرائيلية المتجاورة (أي التي ستضمها إسرائيل من أراضي منطقة الغور).
كما نصت الخطة في الملحق رقم 2 أ، فيما يتعلق بما أسمته الخرائط المفاهيمية، على أنه إذا انسحبت إسرائيل من غور الأردن فسوف تترتب على ذلك تبعات كبيرة على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.
التطور الثاني: أن الاتفاق الذي وقعه كل من نتنياهو وجانتس، يوم 20 أبريل بشأن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة تضمن لأول مرة وبأسلوب غير مسبوق تحديد توقيت واضح للبدء في الإجراءات التشريعية والتنفيذية لضم ما أطلق عليه في الاتفاق تعبير “فرض السيادة على المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة الغربية”، وذلك بالنص على بداية يوليو 2020 كتاريخ محدد لتنفيذ هذا الأمر وعرض الخطة الأمريكية.
ولفت الى أن إسرائيل سوف تتعامل مع قضية الضم بطريقة متدرجة، حيث ستحرص في البداية على التنسيق مع واشنطن بشأن الخطة ككل طبقا لما تم النص عليه، وتمشيا مع مطلب البيت الأبيض مؤخرا، وتعلن موافقة الحكومة الإسرائيلية الجديدة عليها، ثم ستدعو الفلسطينيين للتفاوض معها بناء على الخطة الأمريكية، وهي تدرك تماما رفض السلطة الفلسطينية مسبقا لهذه الدعوة، وفي أعقاب ذلك ستتجه إسرائيل إلى إعلان ضم منطقة الأغوار التي سيتم تحديد معالمها بالتوافق الأمريكي الإسرائيلي فقط من خلال اللجنة المشتركة بينهما لترسيم الحدود في الضفة الغربية.
وفيما يتعلق بالتحركات العربية والدولية المبدئية تجاه الموقف الإسرائيلي، قال اللواء محمد ابراهيم انه لا شك أن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورة غير عادية يوم 30 أبريل الماضي واتخاذه القرار رقم 8522 الذي يتضمن 12 بندا في مواجهة القرار الإسرائيلي والدعم الأمريكي يعد خطوة جيدة، كما أن تقديم سفير الاتحاد الأوروبي وسفراء تسع دول أوروبية يوم 30 أبريل احتجاجا رسميا لكل من “نتنياهو” و”جانتس” على خطط الحكومة الإسرائيلية بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية، يعد أيضا تحركا إيجابيا يعكس طبيعة الموقف الأوروبي المؤيد للموقف الفلسطيني، مضيفا انه بالتوازي مع هذه المواقف الإيجابية فإن الأمر أصبح يتطلب تحركات عاجلة أكثر تأثيرا.
واقترح اللواء محمد ابراهيم – في مقاله – ستة تحركات أو إجراءات عاجلة (ثلاثة على المستوى الدولي، وثلاثة على المستوى الفلسطيني والعربي)، وذلك على النحو التالي:
أولا- على المستوى الدولي: 1
– الدعوة لعقد اجتماع عاجل (افتراضي) لمجلس الأمن في أقرب توقيت ممكن لبحث مسألة ضم الأغوار وتداعياتها، ولا مانع في أن يتم بلورة مشروع قرار يطرح للتصويت إذا كان ذلك متاحا. وبالرغم من أن واشنطن سوف تستخدم حق الفيتو لمنع إصدار أي قرار ضد إسرائيل، إلا أن الجانب الإيجابي هنا يتمثل في منح هذا الموضوع الزخم الدولي المطلوب، وأن يكون ذلك بمثابة عامل ضغط أو إحراج لإسرائيل ومن يؤيدها.
2- طرح رؤية عربية فلسطينية موحدة ومتفق عليها بشأن التسوية السياسية الشاملة والعادلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة (اجتماع افتراضي) حتى تحظى هذه الرؤية بقبول دولي كبير (متوقع تأييد أكثر من 150 دولة)، وهو ما سيدعم التحرك العربي لتجميع الزخم الدولي المطلوب.
3- إبلاغ الولايات المتحدة (بصورة رسمية) أن القرار الإسرائيلي في حالة اتخاذه سوف تكون له تداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة، ومن شأنه أن يؤدي إلى إثارة قلاقل وتوترات داخل الضفة الغربية من الصعب أن يسيطر عليها أحد، وقد يصل الأمر إلى تداعيات أمنية أكثر على مستوى المنطقة كلها.
كما أن هذا القرار قد يؤدي إلى مزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية، وبالتالي تغيير كامل في طبيعة المعادلة السياسية الفلسطينية.
ومن ثم ينبغي أن يتم الضغط الأمريكي على إسرائيل لإلغاء هذا القرار أو على الأقل تأجيله لفترة غير محددة حتى يمكن تهيئة المجال نحو البدء في عملية سلام مقبولة من الجميع.
ثانيا- على المستويين الفلسطيني والعربي:
1- من الضروري أن تظل هذه القضية حاضرة في كافة التحركات العربية والفلسطينية على أعلى المستويات، ومنحها الأولوية في كل ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية، مع إعطائها التركيز الإعلامي المطلوب.
2- لا بد أن يمتلك العرب والفلسطينيون البديل الملائم أو المشروع السياسي لعدم ترك الساحة خالية أمام خطة السلام الأمريكية وحدها التي تعتمد عليها إسرائيل في عملية الضم، لا سيما أن الرهان الأمريكي الإسرائيلي يتركز على عامل الرفض الفلسطيني للخطة. مع ضرورة إظهار أن هناك شريكا فلسطينيا مدعوما عربيا يقبل بدء التفاوض من خلال رؤية شاملة للحل العادل للقضية بما يحقق الأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل.
3- أهمية أن تكون هناك حسابات فلسطينية دقيقة بشأن طبيعة الوضع الداخلي الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة، وذلك بالتنسيق مع الدول العربية الرئيسية، وتحديد الخطوات التي سوف تنتهجها السلطة الفلسطينية في حالة اتخاذ إسرائيل قرار الضم فعليا.
ويمكن في هذا الإطار بحث العديد من القضايا أهمها: طبيعة العلاقة الفلسطينية مع إسرائيل في كافة المجالات ارتباطا بمحددات اتفاقات أوسلو، ووضعية السلطة الفلسطينية مستقبلا وهل ستستمر في إطارها السابق نفسه، وعناصر القوة التي من شأنها أن تدعم الوضع الفلسطيني الداخلي.