قال فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم: “إن يوم 3 يوليو عام 2013 كان يومًا فارقًا فى تاريخ أهل مصر الحديث، فقد أفاق الشعب المصرى وتداركته العناية الإلهية فأدرك بجلاء بعض مظاهر وخيوط المؤامرة على بلاده المحروسة، والمحاولات الخبيثة لاختراق الأمن القومى للبلاد وتهديد مؤسساتها الوطنية بصورة علنية ومكشوفة، حتى تأكد من أن جماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها ما هم إلا أداة لضرب المصريين بعضهم ببعض تحت ما يسمى “التدمير الذاتى”، فرايتهم عُمِّيَّة غير واضحة، وقيادتهم ممولة، وصغارهم مُسْتَغَلُّون مُضَللون!”
وأضاف فضيلته، فى تصريحات له اليوم الجمعة، أن المصريين انطلقوا فى هذا اليوم فأعلنوا عدم رضائهم بهذا العقد الاجتماعى الذى مكن هذا الفصيل من السلطة السياسية للدولة المصرية.
وأوضح فضيلة المفتى أن الفقهاء قد قرروا أن ولاية السلطة السياسية عقد اجتماعى رضائى بين الشعوب والحكام، مبنى على الكفاءة والصلاحية للحكم، ومؤسس فى أصله على التقابل بين أداء الحقوق والالتزام بالواجبات؛ فالحاكم فيه بمنزلة الولى والوكيل، يكون عمله قائمًا على تحقيق مقاصد عقود الولاية والوكالة، ساعيًا فيما فيه مصلحة المولَّى عليه والموكِّل؛ فضلًا عن أن تولى الحكم لا يكون مؤبدًا، فلا توجد فى الإسلام سلطة مطلقة.
وأشار إلى أنه على ضوء من هذه الدلائل الشرعية انطلقت الإرادة المصرية فى إعلانها التصدى لاستمرار فصيل الجماعة الإرهابية فى سلطة الحكم، وقد صاحب تحركَ المصريين وخطواتهم نحو تحقيق هذا الهدف توصيفٌ صحيحٌ أمينٌ من مؤسسات الدولة المعنية يوم الثالث من يوليو 2013، فقد تحركت القوات المسلحة المصرية بإيجابية؛ حيث وقف قادتها الأبطال بشجاعة وشرف لإعلاء مصلحة الوطن ووضع أمنه وسلامة أراضيه فى مرتبة عالية تفوق أى اعتبار محلى أو إقليمى أو دولي، ومن ثَمَّ كان انحياز الجيش المصرى العظيم للشعب المصرى الأبِى وتأييد إرادته ودعم مطالبه المعلنة فى إعلان خارطة الطريق مع مؤازرة ثابتة من مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والقضاء الشامخ، والوطنيون من رجال العمل السياسي؛ قيامًا بدورهم وواجبهم الشرعى والوطنى والدستوري، فهم جميعًا يمثلون أهل الحكمة والقوة القادرين على ضبط موازين الأمور.
واعتبر فضيلته أن هذه المواقف المشرِّفة ذات دلالات حضارية راقية لم تخطئها عين المتابعين على اختلاف مشاربهم، فضلًا عن توثيقها صوتًا وصورةً بطريقة ملأت سمع وبصر دول وشعوب العالم أجمع، فهى شواهد واقعية أكدت تحضر ورقى الشعب المصرى ومؤسساته الوطنية فى التعامل مع هذه الأزمة الفريدة فى وقوعها، والخطيرة فى توابعها وآثارها على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا”.
وأضاف أنه مع ذلك لم يأبه هذا الشعب الأبِى وقواته المسلحة ومؤسساته الوطنية بكل هذه التحديات والمخاطر؛ فانْحَازوا انحيازًا كاملًا تامًّا بلا تردُّدٍ ولا خجلٍ إلى جانبِ الحقِّ والعدلِ والسلام والعمران، تحت قيادةِ فخامةِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسى -حَفِظَه اللهُ تعالى- الذى تحمَّلَ الأمانةَ بشرفٍ ونزاهةٍ وشفافيةٍ، بروحِ المجاهدِ الصادقِ، والقائدِ الأمينِ، وتجشَّمَ عِبْءَ إيصالِ جوهر الإسلامِ الخالص ورسالتِه الخالدةِ إلى العالمِ مِن حولِنا وإلى الأجيالِ مِن بعدِنا، خاليةً مِن شوائبِ أفكارِ هذِه الجماعاتِ الضالَّةِ ورواسبِها.
وقال مفتى الجمهورية: “إن جملة هذه المعانى تؤكد أن ثورة 30 يونيو وما حدث فى الثالث من يوليو – مظهرٌ واضح لمنقبة جليلة لأهل مصر ومعجزة نبوية ظاهرة كشف النبى صلى الله عليه وسلم عنها فى الحديث الشريف الذى رواه الصحابى الجليل عمرو بن الحمق رضى الله عنه، حيث قال : «تكون فتنة، يكون أسلم الناس فيها، أو قال: خير الناس فيها الجند الغربي»، قال ابن الحمق: «فلذلك قدمت عليكم مصر»، مؤكدًا أن مصر بلد الأمن والأمان، السالم شعبها وجيشها من الفتن، والمعافى من القلاقل والاضطرابات؛ وهو الذى لم يصبه ما أصاب غيره من شعوب الأرض عبر التاريخ.