porno.com
الرئيسية » تحقيقات وحوارات » لو أن من إختشوا عاشوا…؟!!

لو أن من إختشوا عاشوا…؟!!

#الدولة_الآن

         بقلم:أحمد العش

قال شوقي:(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت… فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) مقولة خالدة لطالما ترددت على مسامعنا مُذ كُنا صِغاراً، مقولة تَعلمنا منها أن الأخلاق هي أساس قيام الأمم، إن حافظنا عليها في أمتنا بقيت و إن ضاعت منها هلكت، ومتى كنا متمسكين بمكارم الأخلاق كنا أسياد كل الشعوب والأمم، فرطنا… فانقلب الحال علينا وبتنا أمة ضحكت من جهلها الأمم.

لن أطيل في المقدمة ولن أكتب الكثير من الجمل التي لا طائل منها ولا فائدة، بغرض أن أجذب إنتباهك وأثير فضولك لمتابعة القراءة وألهب مشاعرك، فما أصبح عليه مجتمعنا اليوم هو كارثة بكل المقاييس، أصبح الابن يقتل أباه والبنت تفعل كل ما يحلوا لها ولو كان خطيئة، دون رقابة من أب أو توجيه من أم، بتنا نسمع عن كوارث لا حوادث على مدار الساعة لا اليوم، يشتعل لها شعر الرأس شيباً حتى الأشقاء شركاء الدم يقتلون بعضهم.

أفنسي هؤلاء ما جاء في “الوصايا العشر” (سفر الخروج الإصحاح 20)، و شددت عليه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والمتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وجميع الأديان السماوية تدعوا إلى مكارم الأخلاق، وكلها تنص على حقوق الإنسان والإنسانية، لا فرق بين أبيض وأسود وغربي وشرقي ودانٍ وقصي إلا بالتقوى وسماحة القلب لا القالب.

أتذكر تلك الطبيبة التي امتنع أهل قريتها عن دفنها لمجرد أنها تُوُفِيَتْ إثر إصابتها بفيروس كورونا المستجد، هذا المرض الذي في الأصل كانت تلك المسكينة تفني حياتها في سبيل أن تعالجهم…. هؤلاء!!! الذين امتنعوا عن دفنها داخل قريتها، كان لسان حالي وقتها هو التساؤل أليس منهم رجل رشيد؟؟ أليس منهم من يتذكر تلك الفاضلة وأعمالها تجاه كل فرد من أبناء تلك القرية؟؟ أم أن الإنسانية قد اِنْتُزِعَتْ من قلوب الجميع.

وغيرها من الأحداث التي توالت عليَّ والتي لا تخفى على أحد منكم، فمواقع التواصل، وشاشات التلفاز، وأوراق الصحف كلها تَعُجُ وتكادُ تغرق من فيض تلك الحوادث، والتي إن دلت على شئ فإنما تدل عن إعلان وفاة الإنسانية داخل بني الإنسان، الإنسانية التي هي أسمى مكارم الأخلاق، فالخُلُقْ يحتاج إلى إنسان… وما أبشع أن يفقد الإنسانُ الإنسانَ .

(اللي اختشوا ماتوا) عبارة شعبية بسيطة في مفرداتها عميقة في معانيها، وجملة ظهرت في أواخر القرن “التاسع عشر” الميلادي على حد قول بعض المؤرخين، والذي ذهب البعض إلى أنها ظهرت في العصر العثماني، ولكن أياً ما كان هو العصر الذي انتشرت فيه… فما وضعت تلك المقولة إلا لتوضح لنا على لسان قائلها مدى التدهور الذي أصاب المجتمع آن ذاك، حتى وصل الحال بأفراد ذاك العصر إلى هذا القدر من القنوط واليأس، ونرى الأمل قد مات وانعدم في تلك العبارة التي أعلنت وفاة الحياء والأخلاق… في قلوب الأحياء أزلاء الأعناق.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه… ماذا لو أن من اختشوا عاشوا؟؟! قبل أن أجيب على هذا التساؤل وأبين لك وجهة نظري فيه، دعني أولاً عزيزي القارئ أطلعك على بعض الإحصائيات، لعلنا نستنبط منها الإجابة سوياً دون إطناب مني في عرض الرأي الذي سطرت هذا المقال خصيصاً لكي أعرضه عليك، والذي قد تتفق معه وقد تختلف لا بأس يا عزيزي فتلك هي الحياة وكلامي لن يتفق معه الجميع وتلك من المسلمات التي لا أشك في مصداقيتها.

الإحصائية الأولى التي معنا هي إحصائية الطلاق في مصر طبقاً للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام”٢٠١٩” والتي أكدت حدوث حالة طلاق واحدة كل دقيقتين و”20″ ثانية، وفى الساعة” 27″ حالة، أما عن اليوم فيحدث فيه “651” حالة، وأكثر من “7000” حالة طلاق فى الشهر.
بينما الإحصائية الثانية عن أطفال الشوارع والذي بلغ عددهم حسب الإحصائيات عام “٢٠١٤” إلى “١٦” ألف طفل شارع ما بين صحيح وذو إحتياجات خاصة، ولكي لا أطيل في عرض هذه السلسلة من الأحزان دعني أطلعك على الإحصائية الثالثة والتي تتمثل في عدد المسجلين خطر والبلطجية في مصر طبقاً لآخر إحصائية رسمية أصدرتها وزارة الداخلية ووفقاً للمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية عام “٢٠٢٠” والبالغ عددهم “١١٢” ألف مسجل خطر وبلطجي.

لو أن من إختشوا عاشوا لربما وجدنا أمهات قادرة على إنجاب رجال وتربية نساء قادرات على حمل المسؤولية، لو أن من إختشوا عاشوا لوجدنا رجالاً في مجتمع قل فيه الرجال وكثرت فيه البلطجة، لو أن من إختشوا عاشوا لانعدمت كل تلك الإحصائيات السابقة أو على الأقل لم تظهر بتلك الصورة المُروعة والتي هي لا تمت للأخلاق بصله أو للإنسانية جمعاء، لو أن من إختشوا عاشوا لأصبحنا في حالٍ أسعدَ من الحال ولرفع الله عنا البلاء والوباء ولبِتْنا كما كنا أمة وُسَطَاءَ شهداء على الناس وأسياداً للأمم.

الحل يا عزيزي بين يدينا وعلينا جميعاً أن نتكاتف لنطبقه وهو كامن في عناصر تكوين الوعي الستة والمتمثلة في (الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام والمؤسسات الإجتماعية مثل قصور الثقافة ومراكز الشباب وغيرها من المؤسسات الإجتماعية وأخيراً السينما والمسرح) وأهم ما سبق من وجهة نظري المتواضعة هي “الأسرة” .

“الأسرة” هي الحل، فهي المجتمع، وهي المصنع، وهي المنبع، الأسرة مفتاح كل باب مغلق، وعقل الطفل باب ومفتاح هذا الباب هي أسرته، وكلنا يتذكر “أسرة ونيس” والتي هي أروع مثال يمكن أن يضرب للأسرة المثالية، نحن اليوم في أمس الحاجة لأمثال “ونيس” في ظل هذا العصر الذي زاد فيه التسيب والإنعدام الأخلاقي حتى بين فئات المتعلمين.

وكما تعلمنا أن من شب على شئ شاب عليه، لو أن كل راعٍ منا اهتم برعيته لانصلح الحال وكُفينا السؤال وكما قال بشار بن برد (إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي) والمقصود هنا أن المجتمع لن يتغير بمن يحكمه ولا بمن له سلطة عليه ولكن المجتمع سيتغير بأفراده ومكونيه وسأبدأ يا عزيزي بنفسي (وأحمل روحي على راحتي و ألقي بها في مهاوي الردى، فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العِدى).

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صراع من أجل الضوء .. كيف تشعل أزمة الطاقة نار الأزمات الاقتصادية؟!

#الدولة_الآنتحقيق: سلمى يوسف يشهد العالم تدهورًا مستمرًا في أزمة الطاقة منذ عدة سنوات، وتتصاعد المخاوف ...

youporn