تاريخ مصر القديم ماذا نعرف عن تاريخ مصر العريق ؟ أغلبنا يعرف فقط ملوك مصر القدماء ، كما يعرفون عاداتهم وتقاليدهم ،ولكن لم نتعمق لمعرفة ماذا كانوا يفعلون شباب مصر القديمة ،وكيف كانت علاقة الآباء بالأبناء في العصر القديم ، وأيضاً كيف كانوا الآباء يربون أبنائهم لكي يصبحون قادة للمستقبل يتميزون بالأخلاق والعبقرية ، فمن يهمه هذا الأمر فهذا سوف نعرفه اليوم.
عقدت ندوة بمكتبة مصر العامة يوم السبت الموافق 17 من نوفمبر 2018 تدور حول (شباب مصر القديمة ) بقيادة المرشد والمؤرخ “بسام الشماع” حيث أفتتح الدكتور الندوة بالحديث عن حضارة مصر القديمة والتي أطلق عليها (الحضارة الفاتية ) الحضارة التي بناها فتيان وفتيات مصر القديمة ، فنحن عندما نتحدث عن شباب مصر القديمة فأننا نتحدث عن حضارة قوية بالفعل ، نتحدث عن شباب بُناة الأهرام شباباً حملوا مسلة تحتوي إلي ما يقرب 1068 طامة ونقلوها لمكاناً آخر ، فعندما نتحدث عن شباب مصر القديمة فماذا نقول لشباب مصر اليوم ؟ ماذا نقول لهم عندما يعرفون بأن الذي حكم مصر قديماً كان يبلغ من العمر 10 سنوات كما أنه تدرب علي قيادة الجيوش ، وتم إحتلال بلاده وقام بتحريرها وطرد الهكسوس فنحن نتحدث بالطبع عن الملك الشاب أحمس ، كما نتطرق للإمبراطور (تحتمس الثالث) أول إمبراطور في التاريخ وهو الذي أنشأ الإمبراطورية المصرية وفي رصيده العديد من المعارك والحروب، أشهرها معركة مجدو.
وعلي صعيداً آخر ذكر ” بسام ” عن كيف (شباب مصر القديمة ) تربوا وترعرعوا لكي يبنون حضارة قوية كهذة فبناء الحضارات تحدث أولاً بتربية الأبناء تربية صحيحة وسليمة ، فالتربية ياإخواني هي الأصل في كل شئ ، التربية هي الإفادة لكل شئ ، والتربية الصحيحة والسليمة ليس لها زمان وليس لها مكاناً محدد وليست لها معاني ومفاهيم مختلفة ، فالتربية في الأساس عبارة عن جذور لنبتة إذا سُقت جيداً ترعرعت إذا سُقت جيداً تنبُت وتزدهر وليس يكون هذا الإنبات والإزدهار يظهر فقط علي الأبناء ، بل نجد ثماره الجميل يظهر أيضاً في بناء الحضارات ، فدعونا نري كيف كانت علاقة الآباء بالأبناء قي العصر القديم .
أشار ” بسام ” بأنه كانت من عادات الأب المصري القديم الجلوس مع ولده والعمل علي توجيهه و كان يقول له بعض الحكم لكي يستفاد منها في الحياة ، فكانت من ضمن توجيهات الأب لأبنه عن كيفية تعامله مع والدته فكان دائماً يعمل علي تذكيره بماذا فعلت معه وماذا أعطت له وكيف ضحت بالكثير لأجله ، وكان الشاب إذا أراد أن يتزوج كان الأب يقوم بنصحه فكان يقول له إذا تزوجت إمراة فلابد أن يعرفها أهل مدينتك وعليك أن لا تصدها كما عليك أن تطعمُها جيداً ، حيث أشار ” بسام ” إلي كتاب (سياحتنامه )للكاتب السوري ” أوليا شلبي ” حيث أضاف لبعض تعبيرات أوليا التي قالها عن أيام العيد في مصر حيث عبر أوليا بقوله ( سيستمر أيام العيد ولياليهِ في بهجةً ومرحاً وسرور ، وقد نُصبت في ميادين القاهرة كما في ميدان الروملي وميدان قره ميدان ، وميدان العتيقة ، وضواحي حي عابدين وغيرها من الميادين والأحياء القديمة المليئة بالمراجيح والدولايب الدوراة، وغيرها من اللعب الصبيانية والشبابية ، ونُصبت الخيول الخشبية ، فقال أوليا هو مشهد ظريف فلا أحد من الشباب يستطيع مد أيديهم علي النساء ولا يستطيعون مد أيديهم علي الصبية الصغار ، وخلال العيد تسير الفتيات والفتيان جموعاً جموعاً ويلعب الصبية والصبايا أفواجًا أفواجاً، ويتجولون في المتنزهات وليس هناك أي احتمالات لأي تجاوزات من الفتى أو فتاة أو سيدة، فلا يجرؤ أي رجل أن يمد يده على غلام أو صبية ، فهم في مأمن تام ) أما في وصفه عن نزهة الآباء مع الأبناء يقول ( غُلمانهم الجُمال ذوى السراويل الحمُر علي جياد أصيلة كثيراً عندهم في هذا العيد ، فخلاصة القول يقول أوليا بأن اللسان يقصر علي وصف هذا العيد).
وعلي الجانب الآخر ذكر ” بسام ” ثانياً علاقة الآباء بالأبناء قديماً حيث أشار لنصائح الملك( خيتى الثالث) إلى ابنه “مرى كا رع” وهذة النصائح هي ( أقم العدالة ما دمت تعيش على الأرض ،هدئ من روع من ينتحب لا تقهر الأرملة، تجنب أن توقع عقوبة بالباطل ،اظهر الإحترام للكبار ،و اسع إلى أن يزدهر شعبك ، عزز حدودك ،و مراكزك الحدودية ،كن صانعاً ماهراً للكلام لتكون قوياً، قدرة الإنسان فى لسانه فالكلمات أقوى من أى قتال إن الإنسان الحكيم مدرسة للعظماء ، انُظر إلي أهل مدينتكَ يضمون العديد من البراعم الشابة ، إذا كنت عادلاً تستطيع أن تنام) ، لابد أن نتوقف عند هذة النصائح الغالية لا بد أن نتوقف عند هذة المبادئ القيمة التي يُغرسها هذا الأب في نفس ولده ، فكم منا الأن يجلس مع ولده ويفعل مثل هذا الأب وينصح بمثل هذة النصائح ، لماذا لا نُدرك في العصر الحالي بأن الشباب والأطفال هم حقاً أمل المستقبل ؟ لماذا لا نُدرك بأن الشباب هم الذين سوف يقودون ويمتلكون زمام الأمور التي تخص شعبهم وأمتهم؟ ، فهذا الأب أدرك كيف يُربي ولده جيداً لأجل هذة المهمة ولتحمُل المسؤلية العظيمة المسؤلية الضخمة التي سوف يرعي فيها الكثير من البشر ، فإذا كنا أدركنا هذا من قبل لما كنا نشعُر بما نشعُر بهِ الآن من فقر وجياع ومرض وغيره من الألأم بسبب ظلم الحكام .
حيث ختم ” بسام الشماع ” الندوة بقوله بأنه للأسف لقد تم تصدير الحضارة المصرية القديمة كحضارة ملوك فقط ولم نُبين دور الشباب الحقيقيين ،ولم نُظهر كيف كانت علاقة الآباء بالأبناء قديماً فعلينا أن ننتبه ونتعمق ونبحث في هذا كثيراً لكي يتم فهم حضارتنا بشكل صحيح .
وعلي الجدير بالذكر أننا بالطبع لا ننكر حضارة أجدادنا فأنها كانت بالفعل حضارة قوية بما فيها من صناعة وتجارة وعلم ، ولكن بالرغم من هذا لا نجد مثل حضارتنا الإسلامية العظيمة لا نجد شباباً قادوا أمة مثل قيادة الشبان المسلمين ونذكر منهم (أسامة بن زيد) 18 سنة: قاد جيش المسلمين في وجود كبار الصحابة، ليواجه أعظم جيوش الأرض حينها ، كذلك ( محمد القاسم) 17 سنة: فتح بلاد السند، وكان من كبار القادة العسكريين في عصره، وغيرهم كثيراً وكانوا جميعهم تم تربيتهم وتدربيهم علي أيدي أعظم قائد في العالم وأعظم مُربي وهو رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ،فعلينا أن نعود لديننا وتاريخنا وعلينا أن نسعي لكي نُعرف الأمم ما هي حضارتنا وما هو إسلامنا وهذا لا يتم بالإهارب والعصيان بل يتم بالعمل والجد والإيمان .