قال وزير الأوقاف الدكتور” محمد مختار جمعة،” إننا في مستهل عام جديد وعقد جديد من الحياة ومن حسن الطالع أن تكون بداية هذا العام وهذا العقد موافقة يوم الجمعة ويوم الجمعة يوم مبارك فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي فيسأل الله خيرا إلا أعطاه ، فنسأل الله أن تكون هذه الساعة ساعة إجابة ، ونسأل الله أن يجعل هذا العام عاما مباركا، عام رحمة وشفاء ، عام أمل وهداية ، عام أمن وأمان على مصرنا العزيزة وعلى سائر بلاد العالمين.
وأضاف وزير الأوقاف ، في خطبة الجمعة اليوم والتي أداها بمسجد الشاطئ ببورسعيد بعنوان: ” الصلابة في مواجهة الجوائح والأزمات ” بحضور عادل الغضبان محافظ بورسعيد ، والمهندس عمرو عثمان نائب محافظ بورسعيد ، والدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية والأوقاف بمجلس النواب ، مع مراعاة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة والتباعد الاجتماعي ، أنه مع بداية العام الجديد يتجدد الحديث عن أهمية الوقت والزمن، قال الحسن البصري (رحمه الله) : ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة، ويقول سيدنا ابن مسعود (رضي الله عنه): “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ، ويقول الحكماء : من علامات المقت إضاعة الوقت “.
وأوضح وزير الأوقاف أنه لأهمية الوقت في حياتنا وحث لنا على اغتنام الأوقات ، سميت أربع سور من سور القرآن الكريم بأسماء بعض الأوقات ، وهي وفق ترتيب القرآن: سورة الفجر، وسورة الليل ، وسورة الضحى، وسورة العصر، ولم يكتف القرآن بتسمية بعض سوره بأسماء الزمان تأكيدا على أهمية الوقت ، فقد استهل الحق سبحانه وتعالى كل سورة من هذه السور بالقسم بالوقت ، والحق سبحانه لا يقسم إلا بعظيم، فقال سبحانه في سورة الفجر: ” والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر” ، وقال سبحانه في سورة الليل: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ، وقال سبحانه في سورة الضحى: والضحى والليل إذا سجى ، وقال سبحانه في سورة العصر: والعصر إن الإنسان لفي خسر، ومن ثم يجب أن ندرك أهمية الوقت ، فحياتنا ما هي إلا أوقات.
وأضاف وزير الأوقاف، “ومن الاهتمام بالأوقات ، الاهتمام بأوقات الشدائد والصعاب والجوائح والأزمات على نحو ما يعيشه العالم الآن ، فمن لم ينتبه للوقت فيما مضى عليه أن ينتبه له الآن ، ومن لم يتعظ بتخطف الموت لبعض أهله ولأصدقائه ولأقاربه فلا واعظ له ، هذا وقت العظة وعلينا أن نواجه الشدائد والصعاب بالأمل ، وبالعمل ، وبالأخذ بالأسباب; فلولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد ، فلماذا يذاكر إن لم يكن لديه أمل في غد أفضل بتعلمه واجتهاده، ولولا الأمل ما زرع فلاح ولا حصد ، ولا عمل عامل ولا صنع، ولا فكر والد في إنجاب ولد ، فالأمل حياة واليأس موت، واليأس كبيرة من الكبائر يقول الحق جل وعلا: ” ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ” ، ويقول سبحانه: “ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ، فالمؤمن يرى في كل عقدة حلا ، ولكل أزمة مخرجا ، ويتكيف معها بالعمل ، والأمل ، ولابد أن يصطحب الأمل العمل ، فالأمل الذي لايقوم على العمل أمل أعرج لا قيمة له ، قال (صلى الله عليه وسلم): – إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها، ومع الأمل والعمل لابد من الأخذ بأسباب العلم، سواء في حياتنا العامة أم في مواجهة الجوائح بصفة خاصة ، مؤكدا أن الأخذ برأي أهل العلم والطب واجب شرعي ، لأننا مأمورون أن نأخذ بالأسباب ، وهذا أمر واجب شرعي ووطني وإنساني ، وأن نتعبد إلى الله بذلك ، لأن المؤمن لا يؤذي نفسه ولا غيره ولا يلقي بنفسه إلى التهلكة ، ولا يعرض الآخرين إلى التهلكة لأن الله (عز وجل) يقول: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ،ومن لم يأخذ قول أهل الطب ونصائحهم فهو آثم شرعا ، يقول تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، وأهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل علم.
وأكد وزير الأوقاف أن الصلابة في مواجهة المحن والشدائد أحد أهم عوامل الأخذ بالأسباب لعبورها، فالهلع الزائد عن الحد يورث الإحباط ، والتراخي والاستهانة أيضا تؤدي إلى عوامل خطيرة، فعندما نقول ديننا دين الوسطية، فهو دين الوسطية في كل شيء ، فلا إفراط ولا تفريط ، لا غلو ولا تقصير، لا استهانة بالاجراءات الوقائية والاحترازية التي تؤكد عليها الجهات المختصة ، بل نؤكد أن اتباعها واجب شرعي ووطني ، ومخالفتها إثم ومعصية ، وأيضا لا تعطيل لحركة الحياة ونظل نعمر الحياة إلى آخر نفس ، ولو كنا على مشارف الساعة ، إذ يجب علينا أن نعمل ويكون لدينا أمل ، كما أن الأوقات هى أوقات التكافل والتراحم ، فمن لا يرحم لا يرحم ،الرحمة بالفقير والضعيف، قال (صلى الله عليه وسلم) : هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ، هذا أوان التراحم والتكافل ، وهذا زمان التوبة والأوبة والرجوع إلى الله (عز وجل) ، يقول (صلى الله عليه وسلم: حصنوا أموالكم بالزكاة ، وداووا مرضاكم بالصدقة ، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع.
وقال وزيرالأوقاف: نحن في حاجة إلى الدعاء والدواء معا ، لا يستغنى بالدواء عن الدعاء ; لأن الأسباب لا تعمل إلا بإعمال الله جل وعلا لها ، ولا يستغنى بالدعاء عن الدواء ، لأننا مأمورون بالأخذ بالأسباب ، ونحتاج إيضا إلى مزيد من القرب من الله بكل أعمال الخير والتضرع إليه ، لأن من أسباب رفع البأس كثرة التضرع إلى الله ، يقول الحق جل وعلا: ” فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا “.