صاحب الحنجرة الذهبية
في تحقيقات وحوارات
1,259 زيارة
كتبت: أمنية عثمان
من نعم الله تعالى على الإنسان هي نعمة النطق عن غيره من الكائنات، وتميز الإنسان عن غيره من بني جنسه بحلاوة الصوت وعذوبته، كما يتميز الاصوات بين الطيور فصوت الهدهد يتميز عن غيره من الطيور، لم يخلق الله الأصوات جميعها ترتاح إليها الأذن مثل صوت الحمير فقد استنكرها الله في القران لقوله تعالى (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) ، هذه نعمه يعطيها الله لمن يشاء واستعمالها متروك للإنسان، قد يغني ويذكر ألفاظ محرمه وقد يقرأ القرآن ويمدح آل البيت.
كما عرف صعيد مصر بأنه أصل القراءات والمقامات الصوتية، فأخرج لنا علماء في مختلف المجالات إلي جانب ثقافتهم الدينية، ومن علماءها الذين تمتعوا بحنجرة ذهبيه ، ابهروا العالم بإتقانهم و صفاء صوتهم ، ويسرع القلم لتناول سيرة إمام القراء الشيخ “عبد الباسط عبد الصمد” .
ولد الشيخ “عبد الباسط “بمركز أرمنت محافظة قنا عام” ١٩٢٧”، نشأ في بيت مهتم بالقرآن ، حفظ القرآن علي يد شيخ قريته “محمد الأمير” ، ولم يكتفي بحفظ القرآن الذي كان على لسانه كالماء بل عزم على الدراسة المقامات الصوتية والقراءات.
كان وقتها أشهر من عرف بإتقان المقامات الشيخ “محمد سليم”، كان مقيم بالغربية ، فلم يهم “عبد الباسط” مشقة السفر بين الصعيد والوجه البحري لأنه متطلع لمستقبله، فشد رحاله للذهاب إلى الشيخ بالغربية ، وقبل سفره بعدة أيام جاء نبأ أن الشيخ “محمد سليم” سيأتي الي أرمنت ليعمل بالمعهد الديني، فاستقبله أهالي أرمنت بحفاوة لما له شهره بإتقانه الشديد للعلم.
عرف “عبد الباسط” بعذوبة الصوت في الوجه القبلي ، فظل يحيي الحفلات هناك وهو لم يتجاوز عمره الـ “١٥” عام ، كاتباً في مذكراته أن أول أجر حصل عليه “ثلاث” جنيهات، منوها أن مثله الاعلى هو الشيخ “محمد رفعت ” كان يمشي مسافات بعيدة لسماع تلاوته من الراديو عند أحد أثرياء القرية.
اصطحبه الشيخ “محمد سليم” إلى حفله مقامه في مسجد السيدة زينب ،كان فيها كبار القراء طمع “عبد الباسط” أن يكون من جمهور المستمعين ، ولكن انقلب الوضع وقدمه شيخه ليقرأ بعد ما تعب القراء في منتصف الليل، فبدأ بالتلاوة وهزت اركان المسجد بتكبير ، أنهي قرأته مع ظهور الصبح ولم يخلو المسجد حتى انتهي من قرأته وخرج من المسجد ومعه دعوات لإحياء الحفلات.
وقدم تسجيل له للتقديم في الإذاعة، وعلى الفور تم اعتماده عام”١٩٥١”، من هنا انتقل هو وأسرته من أرمنت بقنا إلى حي السيدة زينب بعدما أشتهر في القاهرة ، وبعد التحاقه بالإذاعة زاد الطلب على اشتراء الراديو، وانهالت العقود من كفي بقاع الأرض، وكان أول سفر له إلي السعودية لأداء فريضة الحج هو والده ، ولم تفوت السعودية فرصة وجود “عبد الباسط” وطلبت منه أن يسجل عدة مقاطع قرآنية للسعودية لتذاع عبر موجات الإذاعة .
سافر إلي العديد من الدول العربية والإسلامية من أجل أن يصل إلي كل مسلمين في العالم ، ورن صوته في المسجد الحرام بمكة ، ومسجد الرسول بالمدينة المنورة ،وسمع صوته في المسجد الأقصى أول القبلتين ، وكذلك مسجد الأموي بدمشق .
كُرَّم “عبد الباسط” لالعديد من الجوائز السامية، منها وسام الاستحقاق من سوريا عام”١٩٥٦” وسام الأرز من لبنان ووسام الذهبي من ماليزيا، وأخر ما أخذه من رئيس “حسني مبارك” في الاحتفال بليله القدر عام”١٩٨٧”.
أصيب “عبد الباسط” بمضاعفات مرض السكر، وسافر إلى لندن للعلاج بصحبة أبنه ومكث بها اسبوعين ، وطلب من أبنه أن يعود إلى مصر ، وتوفي يوم الأربعاء “٣٠/ ١١/١٩٨٨، كانت جنازته رسمية علي المستوين المحلي والعالمي حضر فيها الرؤساء والملوك وسفراء الدول تقديراً لدوره في الدعوة ، موضحاً نجله عن وصيته بنشر القران الكريم بروايه ورش عن نافع.
2021-10-08