مسجد “أبى الحجاج الأقصري” لوحة فنية فوق معبد الأقصر
في تحقيقات وحوارات
1,632 زيارة
كتبت : أسماء البردينى
تجربة فريدة من نوعها أن تصلي فوق معبد فرعوني عريق، يحيطك جدرانه من كل اتجاه، في مزج عجيب للحضارة الإسلامية بالحضارة المصرية القديمة.تلك التجربة لن تجدها إلا في مسجد سيدي أبي حجاج الأقصري، الذي دُشن في قلب معبد “الأقصر”، وأصبح مقصدا للسائحين العرب والأجانب، فضلا عن كونه مزارا للآلاف من محبي القطب الصوفي الشهير ،ولذا فقد تولد العجب عند جميع الزوار الذين لم يعرفوا قصة هذا المسجد .
ورصدت جريدة الدولة الآن هذا حيث قيل إن مسجد “أبى الحجاج”، هو من أهم وأشهر مساجد محافظة الأقصر، ويقصده الرواد والمريدين لذلك القطب الصوفي فصحابه هو “يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد” ، وينتمى إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية، وينتهى نسبه إلى سيدنا الحسين بن على رضى الله عنهما، وقد ولد الشيخ فى أوائل القرن السادس الهجرى بمدينة بغداد، فى عهد الخليفة العباسى المقتفى لأمر الله.
وترك سيدى أبو الحجاج الأقصرى العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ “عبد الرازق الجازولى”، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائى (صاحب مسجد قنا الشهير)، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته فى عهد الملك الصالح “نجم الدين الأيوبى” عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان.
وأنشئ المسجد فى العصر الأيوبى وهو مشيد فوق الجانب الشمالي الشرقى من معبد الأقصر فوق أعمدة الفناء المكشوف للملك رمسيس الثاني لذا كان مدخل المسجد على أرتفاع “12”م، وسمى بالمسجد المعلق ثم نجد المسجد على شكل مربع له سقف خشبى، ولا توجد علية أيه زخارف ويعلوه شريط من الشرفات المبنية من الطوب الاحمر، وله مئذنة مبنية من الطوب اللبن، بأرتفاع 14.15م ،بقاعدة مربعة ثم أسطوانى ، بجانب مئذنة آخرى حديثة وبداخله ثلاثة مقامات لصاحب المسجد أبى الحجاج وول ومعبد الأقصر هو أحد أكبر المعابد المصرية القديمة، ويقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في مدينة الأقصر،
حيث تأسس سنة 1400 قبل الميلاد، وشُيد لعبادة آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو، في عهد ملوك الأسرة ال”18″، والأسرة الـ”19″.
في حين يرتفع المسجد فوق سطح أرض المعبد بأكثر من “10” أمتار، ومسجل كأثر منذ عام 2007، حيث جرت له عمارات كثيرة في العصور المملوكية والعثمانية والحديثة، ويتميز باحتوائه على أعمدة وأعتاب ونقوش مثيلة الموجودة بمعبد الأقصر.
وقيل أنه عند قدوم سيدى أبو الحجاج الى الاقصر وقتها كانت الأقصر مملوكة لأميرة قبطية تسمي “تريزا بنت القمص” سيدة قبطية راهبة فأراد ابو الحجاج أن يملك قطعة أرض بجوار معبد الأقصر فطلب منها أن تعطيه تلك القطعة وهى بمساحة جلد “بعير” كما طلب منها فوافقت فى الحال متوقعة ان جلد البعير لا يأخذ مساحة كبيرة، وعلى أثر ذلك قام بعمل حبال من جلد البعير طوق بها المدينة كلها على أطلال كنسية بنيت على معبد الأقصر، وبذلك يتوحد الاديان داخل مسجد سيدى ابو الحجاج، ثم أسلمت تريزا على يده ودفنت بداخل المسجدولهذا عندما تدخل المسجد تجد حجرة مكتوب عليها “الاخت تريزا رضى الله عنها “وبها مقام لها وأيضا بعض ملابسها .
وأضاف أنه بعد وفاة سيدى أبو الحجاج قام ابنه الشيخ “أحمد نجم”بتشيد مسجدا يخلد ذكرى والده فى عام 658هـ-1286م فوق أطلال معبد الأقصر مشيرا إلى أن مسجد أبو الحجاج به قبة، تسمى بالمئذنة وتتكون من ثلاث طبقات، وفي أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات.
وتعتبرهذه المئذنة من الآثار الإسلامية الفريدة، وإن مدخل المسجد يطل على معبد الاقصر ، وبه نقوش ورسومات، تسجل تاريخ بنائه، من حيث المئذنة القديمة التى تم بناءها فى العصر المملوكي، والمنارة الحديثة، التى تم بناءها فى العصر العباسي. ويضم المسجدى مقام لـ”سيدي أبي الحجاج”، وكذلك ابن عمه وولديه، وآخر لتلميذه، بالإضافة إلى مقام لسيدة تدعى تريزا، وكلها مقابر حقيقة مدفون بها هؤلاء الأفراد.
ويتميز مسجد سيدى أبو الحجاج بأن جميع أعمدة الداخل الثمانية عشر مدون عليها كتابات مصرية قديمة هيروغليفية،وقد أبدع الفنان في تغطية الأعمدة بمون من الحجر الرملي للحفاظ علي النقوش والزخارف من التدمير والتشويه.
وأجريت عددة توسعات فى المسجد لترميمه فى القرن التاسع عشر الميلادى وأوائل القرن العشرين وفى عام 2009، وانتهت أعمال ترميم المسجد فى عهد محافظ الاقصر الاسبق “سمير فرج” حيث تم تزين ساحة المسجد بالرخام وأعمدة الإنارة الضخمة.
وعند سؤال بعض الاهالى قيل “الحاج محمد “صاحب أحد المحال أمام المسجد أنه يقام مولد كبير له فى شهر شعبان تقام فى ليلته الأخيرة مايسمى بالدورة أو الزفة حيث نرى كثير من مظاهر عيد الآوبت المصرى القديم والمصور مناظره فى أحد أفنية معبد الأقصر الذى بنى فوقه المعبد من حمل المركب، وأطلاق الحمام والبخور والرقص بالعصا وعرض كل مهنة لطريقة عملها ، ومشاركة رجال الدولة فهى نفس المظاهر مع أختلاف الملابس واللغة، وتوزع فيه “الكباب ” وهى عبارة عن كرات من اللحم مغطى بالصلصة المعروفة باسم “الكبيبة” على الجميع المسلمين والمسحيين بإعتبارها عادة قديمة وتعبير للإخاء والمحبة بين الجميع ..
والمسجد تمتزج فيه ثلاثة حضارات حيث ينتمى الحضارة الإسلامية ولكنه بنى على أطلال كنيسة بينت فوق معبد فرعونى لذا وأنت تصلى بدخل المسجد تجد أمامك محرب مجوف فى أحد أعمدة المعبد القديمة وترى أفريز عليه نقوش وكتابات مصرية قديمة وحول وبداخلة كثير من الأعمدة عليها كتابات هيروغليفة ومناظرللملك رمسيس وهو يتقرب إلى الألهة ,ولذا فإنك تستعجب حيث ترى الفرعونية وملوك مصر ثم الكنيسة والمسجد. ومع اجتماع الحضارات الثلاث الفرعونية والمسيحية والإسلامية، في تناسق عجيب، فقد “كان الناس قديما يخافون من الإقامة في الأقصر بسبب المعابد الفرعونية، بحكم شائعة كانت تقول إنها مساكن للعفاريت، ومن أجل ذلك قرر أبو الحجاج بناءه”.
وكل ذلك ظهر بعد أن تعرض المسجد لحريق عام 2007، وأجرى ترميم له ، فظهرت كل تلك العناصر، فتم وضع زجاج عليها وتركت، وكذلك الأعمدة الظاهرة فى الصورة لأن أسفل المسجد أعمدة المعبد وترى كثير من المصلين بعد الصلاة يصورون المعبد من المسجد وهناك كثير من المعابد الفرعونية تحولت لكنائس ومساجد وأسوار وكثير من أحجار الكنائس والمساجد القديمة كانت من أحجار أهرامات، ومعابد ومقابر فرعونية قديمة.
2018-12-06