يُورث العلم للإعمار وليس فقط مجرد الإفادة
في الأسرة والمجتمع
1,092 زيارة
كتب:ايثر نوفل_هدير الحسيني
نحن درسنا وما زلنا ندُرس وتَعلمنا وما زلنا نتعلم ولكن ما الذي فعلناه بعلمنا ما الذي فهمناه من درسنا وما الذي قومنا بتطبيقه لكي تنهض الأمة وتعلو الهمة ، فنحن علينا أن نُطبق العلم تطبيقاً حقيقياً لأن العلم لا يكون فقط سلاحاً لعدُونا إنما العلم يكون أيضاً سلاحاً لجهلنا ، والجهل لا يُطلق فقط علي من لا يقرأ أو لا يكتب إنما الجهل هو جهل القلب جهل العقل جهل الإبداع وأيضاً الجهل يُطلق علي من لا يعرف كيف يتعامل مع الأخرين.
أنهم يقولون أن العلم نور لذلك نحرص علي أن نلتحق بالمدراس والجامعات ومن ثم تحضير الدراسات ، ولكن لا نعلم هل العلم يكون فقط في العقول أم لا بد أن يكون أيضاً في القبول ، والقبول هنا يُعني أنه لا بد أن يكون علي أرض الواقع وأن يُطبق كما يجب أن يكون لذلك من المفترض أن لا يكون دور الطلاب فقط أن يدرسون ولا يكون دور الأساتذة فقط أن يعلمون ، إنما الدور الحقيقي لهما هو أن يبنون يبنون أمة وحضارة وشعباً يبنون شعباً أدامياً ، شعباً أخلاقياً شعباً مثقفاً ومبدعاً ولكن كيف يتحقق هذا ونحن علي مسامعنا دائماً ظواهر وقضايا مجتمعية، قضايا وظواهر تُفسد ما فينا من أمل تُفسد ما فينا من عمل فإذا كان العلم نور فلماذا لا نُنير حياتنا بحل هذة الظواهر والقضايا بالعلم والخبرات والإبداعات وبخطط عملية موضوعة وتعاون الطلاب والأساتذة ودكاترة العلم ، وأيضاً تعاون الدولة معهم لكي نَسبق أمماً كثيرة ونعلو ونتقدم في كل جوانب الحياة ولكن مع الأسف هذا لا يتحقق لأننا إقتصرنا وظلمنا العلم بمقياس الدرجات والحصول علي أعلي الشهادات ، ولم نوسع مدراكنا ونُنظر لأعلي من هذا لم نُنظر إلي بلدنا وحضارتنا لم نُنظر إلي مستقبلها وأجيالها فنحن كل ما ننظر ونسعي إليه هو الحبر الذي يوضع علي الورق والكلمة التي نكتُبها ولكن لم نفعلها والشعور الذي نشعر بهِ ولكن لم نعبر عنه ، شعورنا بمدي أهمية ما نكتُبه وأهمية ما نقرأه في الكتب الإكاديمية ولكن نشعُر فقط بالأمل والرغبة أنه لو يتحقق بالفعل في مُجتمعنا لما كان الحال كما هو عليه الأن ، فالعلم منشأ الإنسان والمجتمع ثم العالم فهو يعد منشأ للفكر والسلوك وما هو يحرك الإنسان نحو هدفه كالإرادة والطموح والإصرار والعزيمة والصمود والصبر، ولكن ليس كل ما تتعلمه هو نهاية العلم، وليس كل ما تتعلمه يكون صحيحاً كلما اعطنا الله العمر سنستمر فى أننا نتعلم الكثير والكثير.
“إن العلم نور ونور الله لا يهدي لعاصٍ” قبل أن تطبق العلم كيف تأخذ العلم الصحيح وأنت عاصي الله؟، فعليك بطاعة الله حتى تأخذ علم مستنير صحيح لاتضل به احد ولا تضلل انت به تطبقه جيداً فيما هو ينبغي تطبيقه! فقد يكون إمرءٍ يطبق العلم ولكن يطبقه في المكان الخاطئ أو بصورة خاطئة.
العلم يمكث في وجهان لعملة واحدة، الوجه الأول هو علم ننتفع به والوجه الثاني علم يلحق الضرر بالمجتمع والبلاد والنفس علي الأخص، بالتالي يعتبر سلاح ذو حدين فقد يكون منشأ الحضارات والإزدهار والرؤية والأهداف، قد يكون منشأ لإتساع الأفق والمدارك وقد يكون منشأ لعكس ما سبق.
العلم ليس هو شئ يحفظ ويلقن ويكتب وقت امتحان، العلم شئ يهابه البشر لمجرد وضعه في صورة امتحان، العلم ليس شعارات تقال وقت الحاجة لإنقاذ أنفسنا ولتبرير موقفنا وإنما هو تطبيق العملي للإفادة والاستنارة والإعمار، قد يعتقدون إعمار المباني المختلفة كالمدارس والمستشفيات وغيره فقط على رغم من أنه جزء صغير جداً من الإعمار لكن هو خلق وإبتكار كل شيء يدور حولنا بالعلم لإفادة المجتمع وهناك نوع آخر وهو إعمار النفس والذات والكينونة، إعمار الفكر والسلوك نحو الطريق الصحيح.
العلم أصبح وسيلة تفاخر في صورة شهادة تختم من مصادر معلومة ولكن تجهلها مصادر الأفق والمدارك وقد يكون صاحبها لا يدرك قيمة الذي تعلمه أو علي ذاكرة منه، فالعلم وسيلة لحل كل كوارث المجتمع عندما يكون علم اتقنه طالب العلم فقد يكون هناك أساليب خاطئة لتوصيل معلومة أو قد تكون وصلت بفهم خاطئ فالفهم الخاطئ سريع التوريث بين الأجيال بصورة مبالغة في كل جيل عن ما قبله.
العلم منارة كل قارئ وكل كاتب وكل طالب علم عندما يدرك ويفهم ويتعقل ما نكتبه وما نقرأه وما نتعلمه فبعض من الأشخاص يقومون بتدمير المخ تماماً ووضع مبادئ الجهاد في سبيل الله بقتل النفس علي رغم أن الله عز وجل حرم قتل النفس ومن النفوس التي حرم الله قتلها هم أهل الذمة ، فهناك أشخاص للأسف يضعون فكر التكفير والإرهاب وغيره علي أساس أنهم يعلموهم شئ يفيدهم لكن يدمر مجتمعه وعالم بأكمله فليس كل ما تعلمه صحيح يجب ان تدرك وتستخدم عقلك فيما وكيف سوف تطبقه فإن كان التطبيق به ضرر تعلم أنه علم خاطئ ليس له اساس من الصحة..
العلم ليس كلمات عابرة تنطق ولكن يجب فعلها بتطبيق صحيح ليقضي قضاءاً تاماً علي معوقات كالجهل، ليس جهل بالعلم وإنما جهل العقل والمبادئ والفكر والعنف والأنانية. والأخلاق المعدمة والسلوكيات الإجرامية.
فالعلوم أنواع ولكن هناك كثيراً من العلوم لم نعرف قيمتها ولم نُنظر لها بعين الإعتبار مع إننا لو نظرنا إليها وفهمنها سوف نجد فيها الكثير من الحلول لهذة الظواهر والقضايا المجتمعية السيئة ومن هذة العلوم ( العلوم الإنسانية) ، ونحن سوف نتكلم بالأخص علي (علمي النفس والإجتماع) فنحن نرى أنهم أهم العلوم ولهما صلة وثيقة ببعضهم البعض لأنهم أساس بناء الإنسان والمجتمع ، فعلم النفس يهتم بالنفس البشرية وما في داخلها من مشاعر وإضطرابات نفسية وإنفعالات والتي من الممكن أن تُضر بصاحبها ، إنما علم الإجتماع يهتم بالعلاقات المتبادلة بين الإفراد وكيفية تأتير هذة العلاقات علي إتجاهات ومشاعر الإنسان ، كما يهتم بفهم ودراسة الظواهر الإجتماعية التي توجد في المجتمع وغيرها كثيراً من الإهتمامات التي يهتم بهما كل من علمي الإجتماع والنفس.
ولأهمية هذة العلوم فنحن سوف نخصص لكم حلقاتً بعنوان ( العلم للإعمار وليس فقط مجرد الإفادة ) نتحدث فيها عن فروع كل من علمي الإجتماع والنفس ونشأتهم وأيضاً سوف نتحدث عن الظواهر والقضايا الإنسانية والإجتماعية ونعرف ما هي النظريات التي تُفسر هذة الظواهر وما هي الحلول التي تُساهم في حلها وهذا يكون في لقاءاتً قادمة إن شاء الله .
حياة العلم 2019-01-08