porno.com
الرئيسية » الأسرة والمجتمع » ظاهرة الباريدوليا، هل ما تراه موجود فعلاً أم أن مخك يمارس بعض الألاعيب

ظاهرة الباريدوليا، هل ما تراه موجود فعلاً أم أن مخك يمارس بعض الألاعيب

#الدولة_الآن

  كتبت :أسماء البردينى

تخيل صور للحيوانات في السحاب، أو رؤية وجه رجل في سطح القمر، أو سماع أصوات خفيّة في التسجيلات عند تشغيلها عكسيّاً ، هل تعرضت إلى شيء من هذا القبيل في يوم من الأيام؟
وفي الحقيقة لا يقتصر هذا على السحاب، فزخارف الستارة ورسمات ورق الجدار وأنماط البلاط كلّها لو أمعنا النظر فيها لوجدنا العجائب من الأشكال مما يُنتجه خيالنا!
من المؤكد أن هذا قد حدث وهذه هي ظاهرة باريدوليا والتي تعني استسقاط بصري.
الاستسقاط في المجمل عبارة عن تفسير خطأ للأشياء بأكثر من طريقة، بواسطة ربط عدة أشياء معاً، وإعطائها في النهاية أهمية تفوق حجمها بكثير.
وقد تم إطلاق هذا الاسم على هذه الظاهرة في عام 1958 من قِبل كونراد كلاوس، الذي فسر هذا بأن الإنسان لديه ميل في البحث عن الظواهر الغير طبيعية، والخارقة عن طريق ربط أنماط عشوائية صاغ المصطلح عالم النفس الألماني كلاوس كونراد أثناء وصفه أعراض السكيزوفرينيا حيث اعتبر الاستسقاط من ضمن الأعراض الأولية لمرضى الفصام (السكيزوفرينيا) فمرضى الفصام يميلون للمبالغة في الاستسقاط.

صنع الروابط مهمة جد ضرورية لنا كبشر للبقاء على قيد الحياة, فالأم مثلا التي تسمع بكاء رضيعها قد تربط بكاءه بجوعه لأنها لم تطعمه, والشخص الذي يدلف إلى منزله فيرى النافذة مفتوحة وبعض الأغراض ناقصة فهو سيربط ما يراه باحتمال تعرضه للسرقة ويأخذ حذره من اللص الذي قد يكون ما يزال بالمنزل.
إذن نحن نقوم بصنع روابط بشكل جد طبيعي ويومي سواء في حياتنا اليومية الروتينية أو في الأمور الأكثر تعقيدا كحل التمارين بالمدرسة أو العمل أو نسج النظريات العلمية أو الاختراعات التكنولوجية…إلخ. معاً.

الفائدة التطورية للبارادوليا
يرى كارل ساجان، عالم الفضاء والكاتب الأمريكي، أن هذه الظاهرة نشأت لتساعد البشر على التعرف على الوجوه البشرية في جزء من الثانية، الأمر الذي يعد مفيداً من وجهة نظر تاريخية وتطورية، حيث أن البشر بحاجة للتعرف على الحلفاء والأعداء في سرعة ودقة.
الباريدوليا هي رؤية معاني في أشياء لا تحمل أي معنى كرؤية الوجوه في الجمادات والصور والسحب.
هل يمكنك رؤية الوجوه بهذه الصور؟

أغلب البشر يمكنهم رؤية الوجوه بهذه الصور, وإن كنت تذكر صورة الوجه بالمريخ فقد أثارت ضجة بين العامة, رغم أن الصور الملتقطة من زاوية أخرى لهذه التكتلات لا تظهر وجها بالمطلق.
نحن خلقنا لنتعرف على الوجوه, كبقية الكائنات لدينا تلفيف بالمخ مسؤول على التعرف على الوجوه إذ أننا لا نتعلم أن هذا الذي نراه وجها بل ندركه غريزيا, الرضيع سينظر إلى عينيك مباشرة دون أن تخبره أنهما عينيك, سترى حيوانا أول مرة في حياتك ولكنك ستتعرف على وجهه والحيوان سيتعرف على وجهك أيضا وستراه ينظر في عينيك مباشرة…قد تصاب هذه المنطقة بالمخ فيستحيل على المصاب التعرف على الوجوه ويصير لديه ما يسمى “عمى تعرف الوجوه”
الدماغ لدينا يشتغل كآلة لذا هو إن بدا له ما يشبه الوجه سيمدك بمعلومة أنه وجه تماما كما بالصور بالأعلى, بل إن أبسط تفصيل كخط ودائرتين سيخبرك دماغك أنه وجه .

الأمر ذاته بالنسبة لرؤية أمور ألفناها, كصور بعض الحيوانات بالأشجار أو لفظة الجلالة “الله” بالخضر والفواكه أو اسم “محمد” بالاشجار , هي رسوم كتابية اعتدنا رؤيتها وصارت جدا مؤلوفة لنا ولها حمولة دينية مهيبة بأنفسنا لذا فدماغنا مستعد لرؤيتها في كل شيء.
يقع العديد من الناس في هذا الفخ فتراه ينشر صورة ما يشبه الوجه بشجرة مرفوقة

الانحياز التأكيدي:
الانحياز التأكيدي هو نوع من أنواع الانحيازيات المعرفية وكما يشير اسمه فالمقصود به أن الشخص ينحاز لمعتقد يؤمن بصحته مسبقا فيبحث فقط عما يؤكد صحته مع إهمال البحث عما يعارضه.
يؤدي الانحياز التأكيدي للوقوع بالاستسقاط حيث يبدأ الفرد بصنع روابط بالمعطيات المتوفرة لديه لتأكيد صحة معتقده.
مثلا قد تفكر في شخص فيصادف أن يتصل بك في حينه, وهي حالة كثيرا ما تحدث لنا إلا أن هناك من يتوقف عندها طويلا كظاهرة غريبة…في واقع الأمر أن عدد المرات التي تفكر فيها بذلك الشخص فلا يتصل أبدا كثيرة جدا ولكنك تنسى الأمر برمته فأنت لن تتساءل بينك وبين نفسك: لقد فكرت فيه ولم يتصل! كما أن عدد المرات التي يتصل فيها بك كثيرة أيضا دون أن يسبق ذلك تفكير فيه, إلا أن تلك المرات القليلة التي “يصادف” أنك تفكر فيه فيتصل ستتوقف عندها كظاهرة غريبة رغم أنها مجرد صدفة.

وبالتالي فالشخص قد يبحث عما يؤكد صحة هذه الظاهرة فيحصي لك عدد المرات التي فكر فيها بشخص فاتصل به, لكنه أبدا لن يحصي لك المرات التي فكر فيها بشخص فلم يتصل أو اتصل دون أن يفكر فيه وهي أضعاف مضاعفة, لأنه منحاز تأكيديا.

قد يحذرك البعض من زيارة بلد ما لكثرة السرقة هناك, أنت عند زيارتك لذلك البلد إن شهدت حادث سرقة فإنه سيتأكد لك كلام من حذرك في حين أنه حادث واحد فقط مقابل حوادث عدة شهدتها في بلدك, فلأنك منحاز تأكيديا فأنت تريد تأكيد فكرة مسبقة ومعتقدا منسوجا بذهنك حول السرقة بهذا البلد.

الانحياز التأكيدي فخ يقع فيه العلماء بكثرة, فمدرسة علم النفس التحليلي الكلاسيكية مثلا تعج بالأمثلة, كنظرية يونغ للتزامنية والتي تعد مثالا واضحا للباريدوليا, فيونغ يفسر الصدف على أنها محملة بالمعاني التي علينا اتباعها… الأمر ذاته بالنسبة لزلات أو منزلقات فرويد والتي يُحمّل فيها زلات اللسان معاني لاواعية عديدة, وكثيرة هي اختبارات علم النفس التحليلي المبنية على الاستسقاط كتحليل النصوص والرسوم ورؤية المعاني خلفها, في حين أنها قد لا تحمل أي معنى بالمطلق كأمثلة على تأثير الباريدوليا والانحياز التأكيدي.
الأمر ليس مقتصرا على مدرسة علم النفس التحليلي بل يتعداه لشتى المجالات, فكثير من العلماء ينحازون تأكيديا لنظرية من النظريات يبحثون عما يؤكد صحتها.
أنت إن اعتقدت بصحة نظرية ما فستبحث عما يؤكدها ولن تبحث عما ينفيها, وسترسخ كل يوم صحتها بذهنك, تماما كمثال البلد الذي تكثر به السرقة, لأن عددا كبيرا من الأشخاص يعتقدون بصحة النظريات إما لأنها تروقهم أو تجيب بعضا من التساؤلات التي تؤرقهم, فقد يدافع ويحامي بعض من الملحدين نظرية التطور ليس كنظرية علمية بل لأنها تجيب سؤالا مطروحا في أذهانهم, الأمر ذاته ينطبق على المعتقدات الدينية, فالذي يعتقد بصحة دينه سيقرؤ كتبا تؤكد له صحة معتقده تماما كالملحد الذي سيقرأ الكتب التي تؤكد صحة عدم وجود إله.

الانحياز الاختياري:
هو خطأ يقع فيه البعض أحيانا عند إجراء مقارنات إحصائية, أي أن أجري إحصاءات قد تبدو صحيحة ظاهريا لكنها خاطئة من حيث أن العينة تكون اختيارية وغير عشوائية سواء بقصد تحت تأثير الانحياز التأكيدي أو دون قصد.
مثلا أريد أن أجري دراسة إحصائية للمقارنة بين الرجل والمرأة, فأذهب للمستشفى جناح مرضى القلب وأطلب من بعض الرجال هناك أن يقوموا ببعض الحركات الرياضية, ثم بعد ذلك أذهب لناد رياضي نسائي وأطلب من الرياضيات هناك أن يقمن بنفس الحركات الرياضية التي طلبتها من مرضى القلب, ثم أخرج بالاحصاءات كالتالي: 100 رجل و100 امرأة تمكن رجلان من إتمام الحركات الرياضية في حين تمكنت كل النساء من إتمام الحركات الرياضية إذن قوة تحمل المرأة أكبر من قوة تحمل الرجل.
أو كمثال آخر أجري فيه دراسة حول أعداد الأميين بالبلد فأذهب للجامعة وأوزع الاستمارات على الطلاب أسألهم فيها: هل تجيد القراءة والكتابة؟ لأحصل على نسبة مائة بالمائة.

قد تبدو لك الأمثلة ساذجة ومضحكة ويمكن تجنبها إلا أنني تعمدت التطرف قصد التفسير فكثيرا ما يقع المرء في فخ الانحياز الاختياري دون أن يدري, لأنه يصعب اختيار عينة عشوائية فيبدأ بصنع الروابط والاستنتاجات من قاعدة بيانات مغلوطة من الأساس.

إذن هل سبق ووقعت في فخ الاستسقاط؟ لابد وأنك فعلت ذلك مسبقا فجميعنا بشر ويصعب علينا التحكم في أدمغتنا التي تقودنا كآلات مبرمجة.
الهدف هو التقليص قدر المستطاع من الانجراف خلف تأثير الاستسقاط سواء الباريدوليا أو الانحياز التأكيدي, ليصير حكمك على الأفكار والمعتقدات ذو أساس متين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المهارات الحياتية اللازمة للنجاح في الحياة الشخصية والمهنية

#الدولة_الآنتعدّ المهارات الحياتية سلوكيات تساعد الأفراد على إدارة شؤون حياتهم بشكل مثالي، والتعامل مع تحديات ...

youporn