كتبت: إسراء محمد
في يوم تاريخي تحركت القوات المصرية بإستراتيجية غير مسبوقة، لتضرب في العمق بالعقل قبل السلاح، حيث تفوقت مصر على الجيش الذى لا يقهر بإسلوب حاسم ،ليصبح النصر علامة فارقة في التاريخ العسكري ،في خضم هذه الملحمة، برز القائد “أحمد إسماعيل علي”، الذي لعب دورًا محوريًا في توجيه ضربات دقيقة أثبتت عبقريته القتالية، مما جعله رمزًا للفخر والوطنية في قلوب المصريين.
ولد “أحمد إسماعيل علي” في “١٤” أكتوبر “١٩١٧” في شبرا بمحافظة القاهرة ،بعد انتهائه من مرحلة الثانوية العامة ،قدم أوراقه للإلتحاق بالكلية الحربية، ولكن لم يقبل لأنه من عامة الشعب ،ولم تكن له واسطة ،فإلتحق بكلية التجارة ،وبعد صدور قرار من الملك فاروق بقبول عامة الشعب للإلتحاق بالكلية ،فقدم إسماعيل أوراقه مرة أخرى ،وكان من زملائه في هذه الدفعة الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر” ،والرئيس “أنور السادات” .
تخرج “إسماعيل” برتبة ملازم ثانِ ، التحق بسلاح المشاة ،وسافر للتدريب بدير سفير في فلسطين عام”١٩٤٥”م، كان في المرتبة الأولى على الضباط المصريين والانجليز ،ثم شارك “أحمد إسماعيل” في الحرب العالمية الثانية كضابط مخابرات في الصحراء الغربية ،ثم أصبح قائد سرية المشاة في رفح وغزة بحرب فلسطين، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر الذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ، كان أول من قام بإنشاء قوات الصاعقة في عام “١٩٥٦” ،كما كان عقيدًا وقاد اللواء الثالث مشاة في رفح و قنطرة الشرق .
عمل وزير الحربية كبيرًا للمعلمين في كلية الحربية، ثم تركها وأعاد تكوين الفرقة الثانية مشاه لتكون أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية ، وفي عام “١٩٦٠” كان برتبة عميد ،وحاولت مراكز القوى الإطاحة به، وبعد نجاحها استدعاه الرئيس”جمال عبدالناصر” لقيادة قوات شرق قناة السويس ،وبعد معارك”١٩٦٧” ب”ثلاثة” أشهر أقام خط دفاعي ،و أعاد تنظيم القوات وتسليحها وتدريبها ،وسرعان ما تمكنت القوات أن تخوض معركة رأس العش ،والجزيرة الخضراء ،وإغراق المدمرة الإسرائيلية “إيلات”.
أمر الرئيس “جمال عبدالناصر” بإعادة “أحمد اسماعيل” للخدمة بعد إقالته مع بعض الضباط وكبار القادة بعد أيام النكسة، وتم تعيينه لهيئة عمليات القوات المسلحة ،ثم رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة بعد استشهاد الفريق “عبدالمنعم رياض” عام “١٩٦٩” .
بعد وفاة الرئيس “جمال عبدالناصر” تولى الرئيس “أنور السادات” عام”١٩٧٠” ، وعيّن “أحمد اسماعيل” رئيسًا للمخابرات العامة لمدة سنه ونصف حتي “٢٦” أكتوبر “١٩٧٢” ،ثم أصبح وزيرًا للحربية وقائدًا عامًا للقوات المسلحة المصرية ،أمر الرئيس “جمال عبدالناصر ” بعزل “أحمد إسماعيل” ،وذلك لمخالفته الأوامر عندما أمره بالتوجه لشاطئ خليج السويس في منطقة الزعفرانة لمواجهة إسرائيل هناك ،ولكن “إسماعيل” قرر العودة للقاهرة ،متوقعًا أداء أفضل من هناك .
ولخبرة “أحمد إسماعيل” العسكرية في المخابرات العامة ، قام الرئيس “جمال عبدالناصر” بإستدعائه يوم”٢٦” أكتوبر”١٩٧٢” لتعيينه وزيرًا للحربية، وتكليفه بإعداد القوات المسلحة للقتال بخطة مصرية ليتخلص من الإحتلال الصهيوني ،قاد “إسماعيل” الجيش في أصعب معارك الوطن “حرب أكتوبر” ،فأنقذ مصر من الإنهيار، بعد إعفاء الفريق “سعد الدين الشاذلي” من منصبه مؤقتًا بسبب خلافه مع الرئيس”السادات” أثناء قرار تطوير الهجوم المصري، لتخفيف الضغط على الجبهة السورية، ثم عيين “إسماعيل” رئيسًا لهيئة الأركان،حيث كان له دور معنوي وقيادي كبير في الحرب .
حافظ “أحمد اسماعيل” على وحدة الصف بين القادة، دون مخالفة تعليمات القائد الأعلى للقوات المسلحة ،وبعد الحرب منحه الرئيس رتبة “المشير” وهي أرفع رتبة عسكرية مصرية ،كما حصل على نجمة سيناء من الطبقة الأولى عام “١٩٧٤” ،وتم تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء عام”١٩٧٤” ،اختارته مجلة الجيش الأمريكي له كواحد من “٥٠” شخصية عسكرية أضافت للحرب تكتيكًا جديدًا .
توفى “أحمد إسماعيل” يوم الأربعاء “٢٥”ديسمبر”١٩٧٤” بمرض سرطان الرئة، في أحد مستشفيات لندن ،ليرحل عن عالمنا البطل”أحمد إسماعيل” أسطورة حرب أكتوبر.