تقرير أميرة أيمن
تعتبر الأزمات الاقتصادية العالمية تحديات كبيرة تؤثر على مختلف دول العالم، بما في ذلك الوطن العربي، وتحدث هذه الأزمات عندما تشهد الاقتصادات الكبرى تراجعًا كبيرًا في النمو الاقتصادي، وتؤدي إلى تأثيرات واسعة على الاقتصادات العالمية الأخرى، وهناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى نشوء أزمات اقتصادية، مثل السياسات الاقتصادية الخاطئة، الأزمات المالية والحروب، الجوائح، أو الانهيارات المفاجئة في الأسواق المالية.
شهد العالم على مر العقود الماضية مجموعة من الأزمات الاقتصادية العالمية التي تركت تأثيرات عميقة على مختلف الدول، بما في ذلك الدول العربية، وقد تعددت الأزمات الاقتصادية العالمية حيث تشمل الكساد الكبير من “1929” إلى “1939”، وأزمة “2008” المالية، أزمة الديون الأوروبية من “2010” إلى “2012”، وأزمة التضخم العالمية من “2021” إلى “2022”، وقد تفاقمت هذه الأزمات بشكل خاص بعد جائحة “كورونا” “COVID-19” “2020” التي غيرت المشهد الاقتصادي والاجتماعي بشكل جذري، فهي تعد واحدة من أكبر الأزمات الصحية والاقتصادية التي شهدها العالم في القرن “21”، وقد ظهرت جائحة كورونا لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر “2019”، وسرعان ما انتشرت إلى دول عديدة حول العالم.
كان لجائحة “كورونا” تأثيرًا كبيرًا على الاقتصادات العربية، حيث كانت الدول العربية جزءًا من المنظومة الاقتصادية العالمية المتأثرة بشدة بتداعيات الجائحة، وقد تضمنت التأثيرات الرئيسية على الوطن العربي الانخفاض في أسعار النفط، حيث أن العديد من الدول العربية تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط كمصدر رئيسي للدخل، وبسبب تراجع الطلب العالمي على النفط خلال الإغلاقات، انخفضت الأسعار بشكل حاد، مما أثر سلبًا على موازنات الدول المصدرة للنفط مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق.
ومن التأثيرات التي أخلفتها جائحة “كورونا” أيضًا، تراجع قطاع السياحة، فالسياحة تُعد أحد القطاعات الرئيسية في عدة دول عربية، مثل مصر والمغرب والإمارات وتونس، وبسبب القيود المفروضة على السفر والإغلاقات أدت إلى انخفاض كبير في عدد السياح، مما أثر على دخل هذه الدول، وزيادة البطالة والفقر، مع توقف العديد من القطاعات الاقتصادية مثل السياحة والضيافة والخدمات، ارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير، خاصة في الدول التي تعتمد على اليد العاملة في هذه القطاعات، كما تفاقمت معدلات الفقر في العديد من الدول العربية نتيجة لتراجع الأنشطة الاقتصادية.
كما نتج عن “كورونا” الضغط على الأنظمة الصحية، حيث أن أنظمة الرعاية الصحية في بعض الدول العربية قد عانت من ضغوط كبيرة بسبب تفشي الجائحة، كما تسبب ذلك في استنزاف الموارد المالية والطبية، خاصة في الدول ذات البنية التحتية الصحية الضعيفة، وارتفاع الدين العام، حيث لجأت العديد من الدول العربية إلى الاقتراض لتغطية العجز في الميزانيات ودعم الاقتصاد خلال الجائحة، مما أدى إلى زيادة الدين العام بشكل كبير، هذه الديون ستظل تشكل عبئًا على الاقتصادات في المستقبل، خاصة في ظل تراجع الإيرادات، والتحول نحو الرقمنة، فأحد الجوانب الإيجابية للأزمة كان دفع العديد من القطاعات نحو تبني التحول الرقمي، بما في ذلك التعليم عن بعد، الخدمات المصرفية الرقمية والتجارة الإلكترونية، وهذا التحول قد يساهم في تحسين الكفاءة الاقتصادية على المدى الطويل.
كشفت الجائحة عن أهمية وجود خطط طوارئ فعالة واستراتيجيات صحية عامة، فقد أثرت بشكل عميق على العالم بأسره، وأظهرت مدى الترابط بين الأنظمة الصحية والاقتصادات العالمية، وبشكل عام، فإن أزمة كورونا زادت من هشاشة بعض الاقتصادات العربية، لكن سرعان ما بدأت بعض الدول تتعافى مع تحسن أسعار النفط وعودة الأنشطة الاقتصادية تدريجيًا، ومن المهم الاستفادة من هذه التجربة لضمان استعداد أفضل للمستقبل.