نُربي في أبناءنا الأمال أم نتركهم للأحزان ” موسوعة الأم والطفل “
في الأسرة والمجتمع
891 زيارة
كتبت / هدير الحسيني
لقد تحدثنا في المقال السابق عن خطوات التدريب العاطفي التي يجب علينا أن نتبعها لكي نُربي أبنائنا تربية عاطفية ، وقد ذكرنا أن هذة الخطوات تُساعد الطفل في التخلص من عواطفه السلبية بشكلاً سليم وتتجدد طاقته لكي يستكمل مساره في الحياة بإيجابية ، واليوم سوف نستكمل حديثنا عن هذا الموضوع :
كلنا نعرف بالتأكيد أن كل الآباء يحبون أن يروا أبنائهم دائماً سعداء ويصعب عليهم أن أبنائهم يشعرون بمشاعر (حزن ، قلق ، أو خوف) ، فنجد الوالدان يحاولون طرد مشاعر أبنائهم السلبية بإلهاءهم أو تخفيف مشاعرهم وتصويب مدركاتهم ، هذا الأمر يبدو أنه صحيحاً ولكن مع الأسف هذا سوف يُضر بنفسية الأبناء .
ونتطرق لمثال بين أم وأبنتها لكي يتضح الأمر :
عادت الأبنة من المدرسة حزينة ونجد الأم تقول لأبنتها ماذا بكِ ؟ رددت الفتاة : إنني لا يُحبني أحد ، فالأم ترد عليها وتقول كيف ذلك! ، الجميع يحبونك .
هنا نجد أن الأم لا تستطيع تحمُل مشاعر أبنتها السلبية وقامت بإنكار مشاعرها وتخفيفها ولم تعترف بها ، ونحن قد ذكرنا في المقال السابق أن أولى خطوات التدريب العاطفي هو إعتراف الوالدين بشعور طفلهم .
ونتطرق للموقف السابق مرةً آخرى : في هذا الموقف يجب علي الأم حينما قالت لها (( لا أحد يُحبني)) ، هو (حقاً ) ، وهذا مؤسف وتُسمي شعورها ” أرى إنكِ تشعُرين بالأسى ، فهنا نجد أن الأم اعترفت بمشاعر ابنتها ومع اعترفها سوف تطلق لابنتها العنان لكي تُعبر عن ما جرى لها في هذا اليوم ولماذا قالت هذة الجملة ، وبهذا نجد أن الأم ساعدت أبنتها لإطلاق مشاعرها السلبية والتخلص منها .
لأن طمأنة الطفلة بأن الجميع يحبونها سيزيد من مشاعر عدم الأمان لديها لأن الأم بهذة الجملة سوف تلهي الطفلة مؤقتاً ، ولكن لا تمحو مشاعرها السلبية بل سوف تكبتها وتختزن في أعماق شخصيتها لأنها بذلك تقوم بإنهاء المشكلة ولكن لم يتم حل وفهم المشكلة من جذورها ، وهذا ما يسبب الكثير من المشكلات والإضطرابات النفسية للأطفال .
نجد كثيراً حياتنا تُلهينا عن مشاعرنا وترغمنا علي كبتها والتأقلم معها كما هي حتى وإن كانت محطمة ونسأل لماذا ! ونجاوب أننا لا بد أن نستكمل العيش وفي الحقيقة أننا نعيشُ بالفعل بأجسادنا ، ولكن بلا( روح ، بلا حب ، بلا حياة) ، نتعايش لكي نعيش ولا يهُمنا شأن أحد أو شعور أحد حتي أبنائنا لا نهتم بمشاعرهم ومراعاتهم ، بل كل ما يهمُنا فيهم ملابسهم ، صحتهم ، أكلهم ، وتعليمهم لكن مشاعرهم نتركها حتي تتآكلها الأحزان والأوهام ويُصبح بداخلهم بقايا من الأحلام وبعد هذا ننتظر فيهم الأمال! .
فليت كل الآباء يهتمون بعواطف أبنائهم لأن والله لا شئ يقتُل روح الإنسان غير عدم الأهتمام وعدم شعوره بالأمان.
وانتظرونا في لقاءً آخر لنستكمل حديثنا عن التربية العاطفية .
موسوعة الاسرة والطفل 2019-03-17