الزواج والتربية مسؤلية وليست عشوائية .

كيف نبنى أسرة سعيدة ومتزنة ؟

كتبت / هدير الحسينى

الزواج لا يُعنى فقط إستقرار وتربية أبناء وبناء مستقبل ، إنما يُعنى أيضاً مشاركة وسعادة حقيقية بين الزوجين فى الحياة بأكملها ، فليس من العيب أن الزوج يقوم بمساعدة زوجته فى أعمال المنزل بأبسط الأعمال ونقتدى فى هذا بالرسول ( عليه الصلاة والسلام ) أنه كان يقوم بتأدية شؤونه بنفسه ، وفى هذا كان يقوم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بتخفيف العبء عن زوجاته ، وكما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ) خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) ، وكان يقوم أيضاً ( صلى الله عليه وسلم ) بإسعاد زوجاته بالرغم من تحملهِ أكبر مسؤلية وتوليهِ أعظم رسالة فى العالم ألا وهى نشرالدعوة الإسلامية ونهضة أمة إسلامية أيضاً ، وأيضاً على الزوجة مساعدة زوجها فى عمله إذا كانت على علم بيه ، أو تقوم بتهيئة الظروف والوقت والمكان وتقدير جهده ليكون على أتم الإستعداد فى تأدية عمله بأفضل أداء وأيضاً يكون أفضل فى مستقبله وهو كذلك مع الزوجة .

وتحقيق السعادة بين الزوجين بأبسط ما يكون بطرق عديدة فعلى سبيل المثال أن يقوموا الزوجين بتحديد يوماً واحداً فى الإسبوع يخرجون فيه بمفردهم فى أبسط الأماكن يتحدثون فيه عن أى شئ خارج المسؤليات والضغوطات يفصلون عن العالم المحيطين بهم ، فمن الممكن أن يتحدثون عن ما هى المميزات التى اكتشفها كل طرف فى الأخر أثناء فترة الزواج ، وأيضاً يتحدثون عن ما هى العيوب التى تغيرت فى كل طرف بعد الزواج ، أو كيف أضاف كل طرف للأخر فى جوانبه الشخصية والدينية وأيضاً الثقافية ،أو أى شئ أخر المهم أنهم يفصلون عن مشاغل الحياة المحيطة بهم ليستكملون حياتهم بكل سعادة وإتزان وليس فقط من باب الرسالة وواجب كل طرف إتجاه الأخر . ومن الممكن أيضاً تحقيق السعادة بمشاركة الطرفين هواياتهم أو بتعليم شئ جديد ويُطبقونه فى حياتهم . وليس يُعنى أنه عندما يصبحون الزوج والزوجة أباء وأمهات أنهم ينسون أنفسهم ويضحون بكل شئ لإجل أبنائهم ، بالتأكيد لا بد أن يكون هناك تضحيات وتنازلات لأجل الأبناء ولكن ليس فى إسعادكم لبعضكم البعض لأن أساس سعادة أبنائكم من سعادتكم أيضاً، فعندما يرونَ دائماً أباء وأمهات بينهم إستقرار عاطفى ومودة ومشاركة وكثير من الأشياء الحسنة بينكم فهذا بالتأكيد يؤثر عليهم بالإيجاب فى كل حياتهم ، وأيضاً لا بد أن نُعرف أطفالنا أن من الممكن تُقابلنا ضغوط ومشاكل فى الحياة لكى يعرفون من صغرهم بأن الحياة ليست وردية ، ولكن الأهم من أنك تُبين لهم وتُشعرهم أيضاً بعدم الأمان من الحياة لابد أنهم يروون أباء وأُمهات مُتفائلين ومرنين عند مروركم الضغوط والمشاكل لأن هذا سوف يحتاجه فى الكبر .

ليست المشكلة أن هذة أحلام خيالية ويصعب تحقيقها فى حال أن الطرفين بينهم إتفاق من البداية على شكل حياتهم الأسرية ، وكل طرف محدد الهدف من الزواج ، وبناء حياتهم على أُسس وقواعد وأيضاً بينهم صراحة . ولكن المشكلة فى الحقيقة أن فى مُجتمعنا وأيضاً معظم المُجتمعات نتعامل مع الزواج والتربية أيضاً بشكل عشوائى وغير مُدركين بأن هذا علم يجب أن يُدرس فى الجامعات لتنشئة أسرة صالحة مصلحة فى المجتمع بأكملهِ . والمشكلة أيضاً التى نواجهها أننا وكأغلب البشر نتمنى مُعايشة حياة فى خيالنا ولكن فى الواقع نعيش حياة أخرى غير التى نتمناها وهذا يرجع لأسباب كثيرة ، الأ وهى ( الظروف الإقتصادية وساعات العمل وعادةً تغُرب الزوج عن أسرته لبلد أخرى لعمل أفضل وهذا يرجع لعدم العدالة فى توزيع الثروات ، وأيضاً سبب تفكيرنا الزائد فى المستقبل ولا نستطيع الإستمتاع بأى لحظة نمر بِها فى حياتنا ، وأيضاً بسبب عادات وتقاليد وثقافة مُجتمع لا نحاول تغيرها ، وبسبب أيضاً كسل الإنسان نفسه وعدم خروجه من منطقة الراحة طالما أنه فى إستقرار ومعيشة هادئة) ، أو لأسباب أخرى كثيرة تؤدى لعدم معايشة الحياة التى نتمناها .

الإنسان عندما يعيش بمفرده فهو حر فى أسلوب الحياة التى يعيش بِها ، ولكن عندما يُقرر الإنسان أن يكون لديهِ بيت وأسرة وأبناء فعليه أن يُفكر ألف مرة هل يستطيع تحمل مسؤلية هذا القرار أم لا ؟ ، والمسؤلية أيضاً ليست فقط مسؤلية الرجل أن يقوم بتأدية إحتياجات الأسرة وبناء مستقبلهم ، وليست أيضاً مسؤلية المرأة فقط أنها تقوم بأعمال المنزل والتوفيق بين عملها وإدارة منزلها ، بالتأكيد هذة الأشياء ضرورية وأساسية فى الحياة ، ولكن المسؤلية الحقيقية التى إذا تحملها الطرفين وتم تحقيقها بينهم سوف يقوم كل طرف بواجبه وأداء ما عليهِ بإستمتاع وحب ، الأ وهى مسؤلية إكمال سعادة كل طرف للأخر وتغيره للأفضل ، وأيضاً مسؤلية إسعاد أبناءه وتربيتهم بطرق مميزة؟ ، هذا فى نظرى أكبر مسؤلية التى إذا تم تحقيقها فى كل أسرة سوف يُبنى عليها أساس وكيان أسرة سليمة ومتزنة ، لأن الأسرة هى أساس الحياة ،والأسرة أيضاً هى المجتمع ، فالأسرة هى التى تبنى وتُغرس القيم والأخلاق والدين والشخصية لأجيال المجتمع ، فهذا إذا تم بناءه بشكل سليم سوف نبنى مجتمع سليم أيضاً ، ولكن هذا يقوم فى البداية بالإختيار السليم للطرفين .

فالزواج والتربية مسؤلية وليست عشوائية .