“نعم قد تغير شهر رمضان”
في الأسرة والمجتمع
795 زيارة
بقلم / هدير الحسيني
ومرت الأيام وأتي شهر الصيام شهر ننتظره من العام للعام وأتت معه روحانيته التي نسعي إليها إشتياقاً لنُطهر قلوبنا من المعاصي والذنوب نُطهر أرواحنا من هموم تفوق الغيوم ، ولكن يبدو أن شعورنا إتجاه هذا الشهر الكريم قد تغير بتغير الزمان فلقد كبرنا وإختلف شعورنا نحوه وترك فينا فيضاً من الذكريات وساعاتً من الأمنيات لكي يرجع بينا الزمان بما فات ، فإنني لم أنسي يوماً عندما كنت طفلة ومثلي مثل كل الأطفال ونحن نفطر علي كارتون “بكار” كارتون يحمل معاني جميلة وسمات رفيعة ومازال يأتي حتي الآن ، ولكن مع الأسف لم يلتفت إليهِ الصغار لأنهم وتكرارى دائماً في قولى أن الطفولة قد تشوهت واختفت فيهم أجمل خصائص الأطفال التي من المفترض أن يتحلون بها ، فأن أغلب الأطفال الآن يلتفتون لبرامج لا معني لها ولا هدفاً منها وأشهرها برامج (المقالب) هذة البرامج المسمومة التي يسمعون فيها ألفاظ بذيئة حتي وإن كانت يخفونها عن المُشاهد ولكنهم يدركون جيداً أنهم يشتمون ويروون فيها الضرب والسب وبعد كل هذا ينتهي المقلب بمداعبة بين الطرفين وكأن شيئاً لم يحدُث وفي ظل هذة الأجواء يجدون الآباء يضحكون وكأن هذا أمراً ليس فيهِ إستياء ، فماذا نُعلم أطفالنا من هذا وما الرسالة التي وصلت لهم كادتُ أخشي علي أطفالنا وأخشي من المؤامرات التي تدور حولنا وتُدمر أبنائنا ونسأل لماذا !؟ والجواب ، لأن هذا يُغيب وعيهم ويُدمر عقولهم وينشئون أجيالاً بلا أهدافاً بلا أخلاقاً بلا عقيدة أو إنتماءاً.
وفي هذا الشهر الكريم نكثُر من قولنا أنه شهر الرحمة والغفران ولكن مع الحسرة نجد فيهِ فسوق وفجران نجد كثيراً من الإعلانات التي لا تخلوا من السفاهات ولا تنتهي الفضائيات من حشد وجموع المسلسلات وليت فيها مسلسلاً يُعرض فكرة ويُريد إيصال رسالة وهدف للمُشاهد بل كلها مسلسلات تُكمل المسير مسير العنف والإثارة والكوميديا الساخرة .
إنني لا أقول بأن هؤلاء شياطين ونحن ملائكة مغلبون علي أمرنا لأنني أعلم جيداً بأن الذي يريد أن يتعبد ويُخلص في عبادته سوف يتعبد رغم ما حوله من فساد ولكن لماذا لا ننظرلأصحاب النفوس الضعيفة النفوس التي تُريد حقاً التغيير والتقرب إلي الله في هذا الشهر الكريم ، لماذا لا نضع في الحُسبان الأطفال ونُعد لهم خطط لكي نُعلمهم ما هو الصيام ، فأننا نجد الكثير من الناس لديهم إعتقاداً خاطئ عن الصيام إعتقاد بأن الصيام هو فقط الإمتناع عن الطعام والشراب فنجدهم يشتمون ويغتبون ونجد علي وجوههم العبوس ولا يلقون البسمة في النفوس ونجد الكثير منهم يتكاسلون وعندما نسألهم ماذا بكم يقولون أننا صائمون ! وكأن الصيام عذاباً ومشقة ولا يشعُرون فيهِ بلذة فلا أدرى ماذا بينا وإلي أى مدى سوف يصل بنا الحال هل أغرتنا الحياة أننا سوف ندوم فيها ولا نصل للمنتهاه ، أم أننا الذين أغرينا أنفسنا أن هذا هو طبيعة الحال ، حال الدنيا التي تُنسينا آخرتنا تُنسينا ما فرضه الله تعالي علينا من فروض ، فالصيام هو تهذيب للنفس وإرتقاء للروح وتخلصيها من الشوائب التي تُعكر صفائها ونقائها تخلصيها من حقد من غل من كل شئ يفقد جمالها.
وبالتأكيد لا أُعني أن العبادات بما تشملها من صلاة وصوم وقراءة قرآن وغيرها من العبادات لا أُعني فيها أننا نفعلها فقد في شهر رمضان وننسها طوال العام ولكن هذا الشهر الكريم هو بداية لكل إنسان سواء كان قريباً أو بعيداً عن طريق الله ، فنعم الله علينا لا تُحصي فالله سبحانه وتعالي ينعم علينا بهذا الشهر كل عام لكي يُبدل الله أقدارنا ومصيرنا فيهِ للأفضل يبدل ويُعتق رقاباً من النار، ففي هذا الشهر الكريم نجد العبادات فيها لديها مذاقاً خاص بالنسبة لنا وهذا لا يكون نفاقاً منا ولكن هذا يكون رجوعاً لفطرتنا السليمة ومحبتنا الصادقة لله تعالي فمن الممكن أن نشعُر بخشوع لم نشعُر بهِ من قبل في صلاتنا ونتدبر في قراءة القرآن وكأننا نقرأ لأول مرة أيات الله ونمتنع فيه عن الطعام والشراب والعادات السيئة وهذا كله لله الواحد الأحد الفرد الصمد ، فلماذا لا نستثمرجميعاً هذة النعمة التي أنعم الله بها علي عباده نعمة شهر رمضان هذة النعمة التي من الممكن أن لا تُلحق بها في العام القادم لأنكَ من الممكن أن ينتهي بكِ العمر وحينها لا يُفيد الندم فيجب علينا كمجتمع بأكمله أن نرتقي ونتقي الله في أعمالنا وأقوالنا وفيما تُحثنا عليهِ قلوبنا ونعود لديننا الحنيف لكي نعود أمة مسلمة تليق بمعني الإسلام ويُقال علينا أننا حقاً أمة محمد (صلي الله عليهِ وسلم ) وهذا ليس بالكلام إنما هذا بالعلم والإيمان .
2019-05-13