porno.com
الرئيسية » منوعات » من يشتري الوطن؟

من يشتري الوطن؟

#الدولة_الآن

          بقلم : رضا يونس

يقفُ عند الإشاراتِ الضوئية يُنادي بصوتٍ آسِن :
-من يشتري الوطن ؟ أبيعُه بدرهمين..
تصطفُّ الحافلاتُ بشكلٍ هندسيٍّ مرسومٍ بدقَّةٍ متناهيةٍ..
يعيد الهرِمُ النداء :
– من يشتري الوطن ؟
الجميعُ ينفضُّون عنه..يلوّحُ بيسراه.. بعضُهم يُغلِق آذانه بسماعةِ أذنٍ تتصل بالأندرويد، وبعضهم بالأيفون، يتمايلون على أنغامِ نشيدِ القطيع…
يقترب السبعيني من أحدِهم وقد فتح نافذةَ سيارتِه المعزولِة عن هواءِ الوطن.. يضعُ سماعةَ الأذنِ.. يهزُّ رأسَهُ متبعُها بحركاتٍ دائريَّةٍ بكتفيه..يدندن مع نمبر وان، وهو يتلوَّى بأغنيةِ التتبيع ( هافا ناجيلا) بلحنها المسكر للوعي…
ينادي العجوز :
تشتري الوطن يا أُستاذ؟
يمتعضُ صاحبُ الفيراري..يتمتمُ بلكنةٍ غير محليَّةٍ:
– شالوم ..شالوم..
يبتعدُ العجوز وفي عينيه دمعَةٌ حائرةِ.. أين يسقطها، وهي بلا مأوى، فقد عُزِلتْ التّربةُ بطبقاتٍ من الأسفلتِ السّميك ..
فتاةِ ثلاثينيةٌ ترافقُ ثلاثةّ من أترابها يرتدِينَ النصفَ من كلُِ نصف.. يرْطُنَُ بلغةٓ عبربية:
(خذني زيارة لتل أبيب.. أرجوك يالنشمي اللبيب.. أنا بدوي ونهجي رهيب.. عاشت أمارات السلام
عز العرب عز لشعوب.. والقدس قدسي والدروب.. أدلها من كل صوب.. عاشت أمارات السلام)..
أدخنة الماريجونا تخرج من نوافذ السيارات تصنع سحابةً عاريةً.تظهر سوءتها.. تعلو ثم ترتفعُ فوق أبراجٍ يتطاولن في البنيان ..
ينادي العجوز :
من يشتري الوطن ..أبيع الوطن ..أما من مشترٍ؟!
صوتُ الرجلِ يعلو يقتحمُ تلك الآذانَ يغزو تلك السماعاتِ المحكمة، فتعيدُ الآذانُ السماعاتِ المصمتةِ بحركةٍ شافطةٍ.
تصْفَرُّ الإشارةُ ..تهُمُّ الحافلاتُ الحِداثيةُ بالمغادرةِ إلى وِجهتِها -هتحناه همركزيت هحدشاه -. مركزُ الاحتفالِ الأخير ..
فجأةً تُزمْْجِرُ السماءُ مرعدةً بنحيبٍ يحطِّمُ زجاجَ الحافلاتِ الحصين ..يتطايرُ زجاجُ الفيراري فيصطدمُ بأحدِ الأسلاكِ الموصِّلةِ لمصدرِ الطاقةِ للإشاراتِ الضوئيةِ ،فتُسقِطُ حقَّ الأخضرِ والأحمرِ في العرض وتُبقِى وضعَ الاستعدادِ خالدًا..
البرقُ يعلنُ جامَهُ..يختبئُ مرتادو الحافلاتِ أسفلَ كراسيِّها الوثِيرةِ..يهطلُ المطرُ حتى أذقانِهم ..يقتحمُ حدودهم المؤصدة..
يغرقون فيها ..
ينادي العجوز :
-من يشتري الوطن ؟
يكررها ثلاثًا ثم يضعُ جريدةً ذات الـ “22” صفحةً فوق رأسِهِ كمظلّةِ نوحٍ…
يذوب دخانُ الماريجونا مع قطراتِ المطرِ البدينة..يختنقُ صوتُ الموسيقى …يزمجرُ صمتُ البداية ..
يهمُّ العجوزُ بالمغادرةِ مع نداءٍ أخير :
-من يشتري الوطن ؟
من خلف الدخانِ الغارقِ في الطوفانِ تخرجُ طفلةٌ تحملُ بيسراها سبعَ سنبلاتٍ خضرٍ من رحم اليابسات..يُمناها تتشبَّثُ بكتابٍ فوق رأسِها ..بصوتٍ ناضرٍ
-أنا أشتري الوطن…

x

‎قد يُعجبك أيضاً

” سما رامى ” ملكة جمال متلازمة داون تحصل على بكالوريوس إدارة لوجستيات التجارة والنقل الدولى

#الدولة_الآن كتبت: أمينة حمدي “سما رامي” ملكة جمال متلازمة داون وأيقونة ذوي الهمم ،ناشطة في ...

youporn