للسعادة سبب واحد وللتعاسة كذلك(في سلسلة مقالات المشهد الثاني)

        بقلم د : احمد منازع

تأكدنا في المشهد السابق أن كل عقلاء عالم الإنس والجن مشغولون بالبحث عن اسباب السعادة الدائمة ، لكي يعيش الانسان في أمن وأمان وسلامة واطمئنان وسعة رزق وراحة بال ، والنجاة من القلق وخوف الفقر والضغوط العصبية وغيره من الهموم ، فما هي اسباب السعادة؟!

صغير ود لو كبر .. كبير ود لو صغر
وخال يشتهي عملا .. وذو عمل به ضجر
ورب المال في تعب .. وفي تعب من افتقر

إن قول هذا الشاعر هو حال الكثير منا ، أي أغلبنا لا يعجبه حاله وكثير التأفف والتضجر ، ومن ثم يستمر في البحث عن السبب الذي يسعده.

ولا شك أن ذلك ضروري ومحير أيضاً ، فالأسباب التي قد يعتقد الكثيرون أنها فقط هي الاسباب المباشرة للسعادة والتي يبني الناس بهم ملكهم كالمال والثروة والشهادات والزوج والزوجة والصحة والذرية والدور أو القصور..ألخ ، والتي قد تجتمع كلها مع شخص واحد فهي مع ذلك قد لا تخلصه من قلق أو توتر أو مرض أو ألم أو غيره من ضغوط الحياة وهمومها وأحزانها ومخاوفها ، بل وسرعان ما قد يتحول ما يسعد الى هموم أو آلام أو سبب للهلاك .

فربما لا يجد المرء في حياته ولا في قلبه طمأنينة ولا هدوءا ولا رفقا ولا رحمة ولا مودة ولا راحة لباله رغم ما قد يمتلكه من أموال أو ثروات أو غيرها ، بل وسرعان ما قد تتحول أدوات الهموم والآلام إلى سعادة والعكس ، فذلك هو معنى الحقيقة القائلة بأنه : ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير !!
وعليه فهذه الأسباب ليست السبب المباشر الحقيقي للسعادة.

فهل ذلك يعني أن المال ليس هو سبب السعادة ولا غيره من وسائل الرفاهية الأخرى؟ هذا ما سوف نفصل فيه الكلام بمشيئة الله في المشهد القادم.