كابوس مظلم
في تحقيقات وحوارات
280 زيارة
بقلم / السيد سرور
أصبحت التكنولوجيا هي عصرنا الحديث ، لعل البعض من البسطاء يعرفها أكثر بالإنترنت او (النت) ، فهو المصطلح السائد في المجتمع ، هذا العصر الحديث والإنفتاح التكنولوجي أصبح من أداة للنفع وتواصل مع العالم بعضه البعض في لحظات وأقل من ذلك الى أداة في أيدي الصغار قبل الكبار .
بات سلاح خطير في أيدى جميع الفئات العمرية ، والذي يستخدمه بشكل خاطئ وبطريقة تدمر عقولهم بل تدمر بيوت وأسر كاملة وليس من أجل النفع والمنفعة ، وكان لهم كارثة حقيقية من جميع الجوانب الدينية والثقافية والأخلاقية ، فصار لهدم العقول والقيم المجتمعية وخلق بيئة مظلمة والتي يجب أن ينشأ بداخلها جيل سليم .
هناك العديد من البرامج الشهيرة داخل هذا العصر الحديث لا يمكننا ان نتحدث عنها في سطور على ورق ، بل من الممكن أن نذكر بعض من الكوارث الفعلية التي تحدث من خلال هذه البرامج ، ومن أطفال أخذتها لتصبح هي حياتها لتبعدها عن القيم والإنسانية والتربية الصحيحة .
أصبحت تلك الأطفال تستعرض أجسادها أمام كاميرات التليفون بكل جراءة دون حياء ، والمصيبة الكبرى يوجد فتيات صغيرات تظهر جسدها بتشجيع من والديها وكل هذا من أجل المال والشهرة ، دون النظر إلى أخلاق و تربية بل يمكن أن يغضب الأب من ابنته ان لم تحصل على المزيد من المشاهدات والإعجابات ويطلب منها المزيد من تقديم المقاطع الهزلية حتى تصبح القناة الأولى في جلب المزيد من التعليقات الساخرة ويمكن أن يقرأها الأب أو الأم بكل حماسة ولهفة ، وبكل أسف وحزن يستمعون ويطلبون المزيد .
هل يقتصر هذا العصر الحديث الذي يسمى بالتكنولوجيا على برامج يعرض الأطفال عليها أجسادهم وتبعدهم عن القيم والأخلاق بأفعال تنهى عنها جميع الأديان السماوية ؟
الإجابة هنا ليست بنعم وحسب ولكننا نجد الكارثة الحقيقية بأنها لا تقتصر على الأطفال فحسب بل الكبار أيضاً أصبح لديهم هوس الإنترنت والبرامج التي لا تحكمها قيم ولا أخلاق فكل ذلك من أجل المال دون النظر إلى ما وراء ذلك .
نرى رب بيت هو من يقوم بأفعال لا تطاق أمام كاميرات التليفون وتتحول إلى فيديوهات يشاهدها العديد من الناس ، يمكن أن يرقص ويغني ولا يبالي هل هذا يتفق مع قيم مجتمعنا أو يخالف عادات وتقاليد يجب على أبناءه أولاً أن يتربوا وينشأوا عليها ، بل الطامة الكبرى أن يفعل ذلك مع زوجته أمام أعين الجميع ويطلب منها أن تفعل المزيد والمزيد دون حياء ولا استحياء من رب السماوات ونظرة المجتمع له ، فهو يفعل ذلك من أجل إشباع رغبات وزيادة العديد من المشاهدات والزيارات لكي يصبح حديث الناس ، ولا يعلم أنه بالفعل يصبح حديث الناس ولكن بعبارات دون احترام وسمعة غير طيبة .
لعلنا نرى أن ما قرأناه عن هذا العصر الحديث الذي يعتمد على الشهرة او ما يسمى (بالترند) قد يؤثر فينا ونغضب بعض الشئ على قيم وأخلاقيات وعادات مجتمعنا ، ولكننا إذا نظرنا نظرة أخرى الى هذا العصر بنظرة الكابوس الذي يدخل إلى بيوتنا دون إذن في أي وقت ، سنجد بأن هناك كوارث حقيقية تهدم بيوت وتدمر عائلات وتنهي علاقات وتشرد أطفال بكل سهولة فقط بنشر صورة أو مقطع أو كلمات يمكن أن تكون غير صحيحة وواقعية ، نحن لا نبرر فعل الخطأ ولكن نتحدث عن الخطأ في نشر ذلك دون مصادر ولا الخضوع إلى قوانين وتصريحات للنشر .
فماذا عن فتاة كل أحلامها أن يكون لديها مستقبل سواء دراسي او بيت مكون من زوج وأولاد ، أسرة ترعاها وتحافظ عليها وتكون الأم والزوجة ، ولكن سرعان ما تحول هذا الحلم إلى سراب بدون شفقة ولا رحمة ، فتاة أبكت ملايين من الناس وكان أشر البكاء عليها بأنها أنهت حياتها بطريقة بشعة تحرمها جميع الديانات السماوية ، ولكن ما كان عليها من فعل ذلك الذي جاء باشتراك كبير من مجتمع لا يرحم ، يبحث فقط عن (الترند) .
جاء كل ذلك بسبب شباب لا تعرف دين ولا أخلاق ولا قيم تربوا عليها ، قاموا بفبركة صور لها من أجل ابتذاذها ومن ثم البحث عن جلب المزيد من المشاهدات والجمهور ومواكبة العصر الذي لا يرحم صغير ولا كبير ، شارك العديد هذه الصور على صفحاته بكل سخرية دون النظر إلى المستقبل ، وكانت المصيبة برد فعل والدتها بعدم الثقة في تربيتها وفي أخلاق ابنتها وبعدم وجود القليل من الحكمة في تدارك الموقف ، وجنت الأم هي الأخرى عليها حتى أصبحت الفتاة فريسة إلى شبح يطارد الكثير خاصة في الفترات الأخيرة من هذا العصر وهو الإنتحار فكان مصيرها الموت ، ولنتسائل جميعاً هل من جنى عليها الشباب فقط أو الأم أو المجتمع أو هذا الكابوس الذي يسمى بعصر التكنولوجيا والذي يتم استخدامه من قبل الكثير استخداماً خاطئاً ليس بصحيح .
ليس كل ذلك بل يوجد العديد والعديد من هذه الحالات التي يكون سببها سوء استخدام البرامج والمواقع داخل السوشيال ميديا ، ولعلنا نسمع مؤخراً عن قضية أثارت الجدل وأصبحت حديث الجميع من خلال فيديو نشر على إحدى المواقع لمدرسة وهي ترقص في رحلة مدرسية على مركب في النيل مع إحدى زملائها المدرسين ، نحن لا نبرر الفعل الخطأ أياً كان هذا الفعل ولكن أن (الله سبحانه وتعالى) يستر عباده وأن الستر من جمال الإسلام وطبيعة الدين الصحيح .
نرى اراءاً كثيرة تدين هذا الفعل ولكن إذا نظرنا إلى الإدانة الحقيقية ونركز قليلاً بأن من كان داخل الرحلة أساتذة ومدرسين أجيال ومن قام بتصوير هذا المقطع بالطبع مربي لأجيال ومعلم للأخلاق فماذا عنه إذا تخلى عن المبادئ والقيم التي تأسس عليها ومن المفترض بأنه يأسس أجيال على هذه القيم والمبادئ ، وقام بنشر الفيديو من أجل إبتزاز أو الشهرة أو التريند أو ما شابه دون ان يتسم بشيم الإسلام الحقيقي وأنه بذلك يدمر أسرة بأكملها يشرد أطفال وينهي علاقات فقط من أجل ماذا ؟!!
وهل فكر في كم الضغوط النفسية التي جاءت على أطفالها وما هو مصيرهم وحياتهم في المستقبل بعد أن أصبحت والدتهم حديث الجميع ، فالجميع أصبح يحلل هذا الموقف على رغبته وحسب اتجاهاته وهنا يبدأ هدم الأسرة بكابوس يسمى التريند والمشاهدات والمشاركات على جميع المواقع دون أي نظرة لما وراء ذلك فمن الجاني إذاً على هؤلاء الأطفال .
للتكنولوجيا إيجابيات كثيرة ومنفعة كبيرة داخل المجتمع وهي أداة لإكتشاف العديد من المميزات التي تجعلنا في تقدم ، ولكن هي كذلك لمن يستخدمها إستخداماً صحيحاً يخضع إلى رقابة وتصريحات لهذا الإستخدام ، وأنه يوجد العديد منا يستخدمها استخداماً ليس صحيحاً دون النظر إلى قيم وأخلاق ومبادئ ، ودون النظر إلى بيوت تهدم من وراء ذلك دون النظر إلى بناء مجتمع صحيح وسليم .
إذا ذكرنا أن على الأباء مراقبة الأبناء جيداً ومتابعتهم متابعة جيدة وتربيتهم تربية صحيحة تعتمد على القيم والعادات والدين الصحيح ، فماذا عن آباء هم من يفعلون ذلك فمن يراقبهم ، وهنا دور المؤسسات الإرشادية والإعلامية يجب أن تبذل العديد من الجهود من أجل الحفاظ على الهوية والمجتمع ، وأيضاً لابد من قوانين رادعة ضد ذلك الكابوس الحقيقي وهو إستخدام الإنترنت استخداماً خاطئاً يدمر من خلاله أسر بأكملها بكل بساطة ، فعلينا جميعا التصدي لهذا الكابوس حتى نصبح مجتمعاً سليماً واعياً يكون قادة للأمم والدول.
2022-02-06