porno.com
الرئيسية » تحقيقات وحوارات » سيدة تتجول على أرصفة الطرقات تحت برد الشتاء لتعول أحفادها

سيدة تتجول على أرصفة الطرقات تحت برد الشتاء لتعول أحفادها

#الدولة_الآن

 كتب : كريم مجدى

مضت نحو ستِ ساعاتٍ وما زالت تلك السيدة تجئُ وتذهب، حاملةً فوق رأسها قطع من الفطير، يبدوا عليها أنها تبحث عن شئٍ ما ، تعبت فإستراحت حتى إستردت عافيتها، ثم واصلت السير مرة أخرى، حتى جلست فإنهمكت بالبكاء، وياله من مشهد.

إنها الحاجة “روحية” بائعة الفطير، ابنة محافظة الشرقية، سيدة على مشارف الستين من عمرها.

عندما إلتقيت بها فى إحدى محطات القطار، وذلك من خلال جولة ميدانية أجرتها “جريدة الدولة الآن”، وجدت أمامى ملامح رسمتها متاعب الحياة، وتجاعيد تحكى آلام سنوات وسنوات عجاف، ونظرة تقول كفانا يا دنيا شقاءًا، ونبرة تحاكي ظلم الحياة والعباد، وعينينِ منهمكتينِ بالبكاء ونال السواد أسفلهما ما شاء، ويالها من قسوة حياة تصارعها تلك السيدة من أجل لقمة العيش.

هكذا يبدوا أنه لا سبيل للعيش إلا بالقتال من أجله، سيدة وجدت نفسها بمفردها تصارع الموت، فإما هزيمة يعقبها موت وجوع ودمار أو انتصار يعقبهُ حياة كريمة.

عندما بدأت حديثى معها عن عمرها أجابت ” مش عارفه أنا عندى كام سنة والله يا ابنى شوف فى البطاقة”، ثم سألتها ما يبكيكى يا أمى، فأجابت ” أنا جدة لأربعة أطفال، ابنى الوحيد مات فى حادثة وسابهملى هما وأمهم، وساكنة بالإيجار أنا وهما، ومن الصبح بلف بالفطير ومحدش اشترى منى حاجه”.

ثم إنهمكت بالبكاء مرة أخرى، وواصلت حديثها قائلة “العيشة بقت صعبة أوى يا ابنى، كل حاجة بقت غالية، والله مبقتش عارفه أعيش، متعلق فى رقبتى أربع أيتام، محدش بيسأل فينا، عايشين رزق يوم بيومه، كل يوم أقول بكرة هتفرج وكل يوم الحال بيزيد سوء أكتر من الأول قولى أعمل إيه”.

ثم خيم الحزن على أجواء الحديث فصمتت قليلاً، ثم أضافت “أنا ببيع الفطير وفى ناس بتراضينى بخمسة وعشرة جنية وأهو الحال ماشى وبشكر ربنا”.

وعندما سألتها عن أحلامها قالت “مش عاوزة من ربنا غير الستر وشقة صغيرة أقعد فيها أنا وولاد ابنى وأرتاح من الإيجار”.

هكذا سردت الحاجة “روحيه” شكواها، بكلمات وصرخات أطلقتها، لتعطى نموذجاً لسيدات ممن هن على شاكلتها، واللاتى يكدحن من أجل لقمة العيش، ويدخلون فى صراع فرض عليهم أن يخوضوه مع ظروف معيشية فرضتها عليهم الحياة، وواقع مرير بات يراودهم، وأيام مظلمة تلاحقهم، فهى سيدة من بين آلاف السيدات اللاتى يحملن مسؤولية لقمة العيش على عاتقهم .

فالحاجة “روحية” سيدة تفيق كل صباح من نومها على صوت صياح الديكة معلنة بداية يوم جديد، لتبدأ رحلتها اليومية فى سبيل “لقمة العيش”، إذ تحمل “قفتها” التى بدأت تجهيزها منذ المساء بالفطير، وتستلق السيارة التى تحملها من قريتها الفقيرة التابعة لإحدى قرى محافظة الشرقية، لتذهب بها إلى محطات القطارات، لتبدأ رحلة كفاحها بحثاً عن رزقها ما بين محافظة وأخرى، لتعود فى آخر اليوم إلى أربعة صغار وأمهم، والذين يظلون ينتظرونها طيلة اليوم لتعطيهم ما زرقهم الله به.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صراع من أجل الضوء .. كيف تشعل أزمة الطاقة نار الأزمات الاقتصادية؟!

#الدولة_الآنتحقيق: سلمى يوسف يشهد العالم تدهورًا مستمرًا في أزمة الطاقة منذ عدة سنوات، وتتصاعد المخاوف ...

youporn