برامج تشعل الطاقات الإبداعية وآخرى تؤثر نفسيًا على الطفل
في الأسرة والمجتمع
715 زيارة
كتبت : أسماء البردينى
اكتشاف المواهب يجب أن يكون دور الأسرة ثم المدرسة في المقام الأول وليس البرامج التليفزيونية التي يبدو وكأنها أخذت هذا الدور وحدها، كما يقول استشاري الطب النفسي الدكتور “توفيق ناروز”.
هذا النوع من البرامج الموجه للأطفال جاء كتقليد لما يحدث في أمريكا، وغيرها من البلاد الأجنبية، التي تهتم كثيرا بإكتشاف وتنمية المواهب في المدرسة والمنزل من خلال دعم الطفل بالأنشطة، وتشجيع أسرته لموهبته، بعكس ما يحدث في مدارسنا.
لا يفضل «ناروز» منع الطفل تمامًا من مشاهدة هذه البرامج، فالممنوع مرغوب، ولكن نحتاج لأن نترك مساحة من الحرية للطفل مع التوجيه، وفي نفس الوقت يجب ألا نعطي مثل هذه البرامج أهمية أكبر من قيمتها.
غياب القدوة أمام الطفل
المشكلة الأخرى التي تسببها هذه البرامج أنها ترسخ في عقل الطفل أن الموهبة عبارة عن غناء فقط؛ فيصبح المطرب هو القدوة الوحيدة أمام الطفل؛ بينما يغيب الاهتمام بمواهب أخرى مثل الرياضة وتنمية الذكاء أو تشجيع الطفل على أن يكون طبيبا، أو مهندسا، أو معلماـ والتي تدخل تحت بند المواهب أيضا أو حتى البرامج التي تحث الأطفال على القيم والمبادئ.
يجب ألا يشاهدها وحده
عندما يجلس طفلك وحده لمشاهدة برامج المواهب، ويرى أطفالًا في مثل سنة وهم يغنون بصوت جميل ويتلقون الكثير من المدح والثناء، فالأمر في حد ذاته مخاطرة كبيرة بالنسبة لنفسية الطفل.
فمشاهدته لبرامج مواهب الأطفال قد تكون نتيجتها إيجابية بنسبة 50% أو سلبية بنسبة 50%، حسب نفسية الطفل والعوامل المحيطة به؛ كما يقول أستاذ علم النفس ورئيس جامعة عين شمس الدكتور” فتحي الشرقاوي” .
هناك طفل يميل إلى المحاكاه والتقليد، وعندما يشاهد أطفالا في مثل سنه ببرامج المواهب، فهذا يدفعه إلى تقليدهم، فتتفجر بداخله طاقات إبداعية ومواهب مدفونة. فهنا يأتى دور الوالدين الموجه في كيفية توظيف مهارات أطفالهم بمعني أنه عندما ترى الأم أن أبنها مهتم بمتابعة تلك البرامج فعليها أن تكتشف إبنها وتنمي مهاراته في الجزء الموهوب فيه وعليها أيضا أن تتحدث مع أبنها حديث ايجابي في أن لكل طفل وله قدرة معينة وموهبة معينة ولكل منهم نجاح في جانب مختلف من جوانب الحياة وعندما ينجح الطفل في أي مجال أخر سوف يشعر بالرضا وهذا هو المطلوب.
سيفقد طفلك الثقة في نفسه
وهناك طفل آخر يكون في حالة إحباط أو لديه استعداد نفسي تلك الحالة، وبالتالي يفقد الثقة في نفسه تماما، ويشعر أنه أقل من هؤلاء الأطفال لأن صوته ليس جميلا مثلهم، حتى لو كان موهبًا في مجالات أخرى؛ كما يقول «الشرقاوي».
الآباء قد يصبحون المشكلة
وحتى لو جلس الطفل مع أحد الوالدين لمشاهدة برامج المواهب فهذا لا يضمن أن النتيجة ستصبح إيجابية 100%، فالآباء أنفسهم قد يسببون مشكلة كبيرة للطفل إذا افتقدوا للوعي التربوي، هكذا يوضح “الشرقاوي” :الأم بتبقى قاعدة مع ولادها ومبتشوفش فيهم أي حاجة حلوة، بهذه العبارة يريد “الشرقاوي” أن يلفت انتباه الآباء والأمهات إلى أن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الآباء هو المقارنة السلبية بين ابنهم والأطفال الموهوبين.
فإذا مدحت هؤلاء الأطفال كثيرا أمام ابنك، أو قلت له أنهم أفضل منه، أو صوتهم أجمل، أو حتى أبديت استياءك لأن ابنك لا يمتلك مثل هذه المواهب، بدون كلمات؛ فالنتيجة الأكيدة أن ثقة طفلك في نفسه ستهتز كثيرًا، وقد يدفعه هذا إلى إهمال مواهبه الحقيقية وعدم السعي لاكتشافها.
ويوضح أستاذ علم النفس، الدكتور” سمير عبد الفتاح” أن الأطفال بطبيعتها كائنات مبدعة، تتعلم من البيئة حولها من خلال التشجيع والتقليد؛ وخصوصا في المرحلة العمرية من الولادة حتى 7 سنوات يميل الطفل بكل تلقائية إلى تكرار الفعل الذي يلقى استحسانًا من والديه، حتى يحصل على حبهم وتشجيعهم، وهو احتياج نفسي أساسي للطفل مثل حاجته للطعام والشراب تماما.
وعندما لا يرى الطفل هذا التشجيع والاستحسان، فهذا يعني أن الحافز الذي يدفعه للتعلم والتطوير قد اختفى، فإذا قلت لأبنك أنت فاشل سيتحول إلى فاشل بالفعل، حتى لو كان لديه استعداد لموهبة كبيرة.
تأثير سلبي على الأطفال الفقراء
توضح الاستشاري الأسري والتربوي” زينب مهدي” التأثير السلبي تحدثه هذه البرامج على الأطفال الذين يعيشون في طبقة اجتماعية لها ظروف مادية متعثرة .
فالبهرجة الشديدة التي يظهر بها ديكور البرنامج والفنانين، وخصوصا الصورة التي يظهر بها الأطفال الموهوبين، ستجعل الطفل الجالس في المنزل يشعر بأنه أقل كثيرا من أقرانه، وقد تؤدي إلى إحساس بالدونية عند الأطفال الذين لديهم الاستعداد النفسي لتلك الحالة.
وقالت ” زينب المهدي” أن تأثير برامج المواهب علي الأطفال تعطي للمشاركين الثقة بالنفس ويوجد العديد من الأطفال يحققون أحلامهم من خلال تلك البرامج ولكن لكل شيء في الدنيا تأثير سلبي وتأثير إيجابي.
وأضافت أن التأثير السلبي هنا يكون علي المشاركين وغير المشاركين من ناحية أنه الطفل عندما يكون نجم في سن صغير هذا يهتم أكثر بالعمل والشهرة ويهمل بعض الشيء الجانب الدراسي والجانب الأهم، وهو أن يعيش مرحلة الطفولة البريئة بكل متطلباتها فهو يعيش جسد طفل وعقل فنان كبير وهكذا يجعله يبذل طاقة ومجهود غير عادي.
رعاية خاصة عند مشاهدة هذه البرامج
هذا لا يعني أن برامج المواهب في حد ذاتها تسبب ضررا للطفل، فقد تكون كذلك حافزًا للإبداع، ولكن بشرط أن يحاط الطفل بعناية خاصة وأن يتبع الآباء بعض الخطوات يلخصها “عبد الفتاح” في:
تحدث معه عن مواهبه
فمثلا لا يجب أن تجلس مع طفلك خلال مشاهدته برامج المواهب وأنت منشغل بالأطفال الآخرين أو حتى بأي عمل تؤديه، بل افتح نقاشا مع طفل بما يناسب سنه، وأبرز له مواهبه الخاصة، قل له مثلا أن هؤلاء الأطفال موهوبون في الغناء، وأنت موهوب بنفس الدرجة أو أكثر في الرياضة.
اكثِر من تشجيعه
وثانيا إذا كان طفلك يجيد الغناء مثل هؤلاء الأطفال، فيجب أن تؤكد له أن صوته جميل وأنه ليس أقل منهم في شيء، حتى لو كان صوته متوسطا مقارنة بأطفال البرامج؛ فالتشجيع يدفع الطفل الصغير إلى الاستمرار والتمسك بموهبته وتجويدها..
الشحن النفسي
وعندما ترى أن طفلك قد تأثر بالسلب، فيجب أن تدعمه نفسيا. يتابع «عبد الفتاح» حديثه: مجرد أن «تطبطب» على الطفل وتبدي مشاعرك الإيجابية تجاهه، فهذا في علم النفس يسمى بالشحن النفسي، ويوصل رسالة للطفل معناها أنك تحبه وتتقبله ولا تراه أقل من هؤلاء الأطفال.
لا تدفع طفلك نحو الشهرة
وتوضح ” زينب المهدى ” إذا كان الطفل موهوبًا بالفعل، فهذه النوعية من البرامج ستدفع الوالدين للضغط عليه في سن صغيرة، ويجعلانه يهتم أكثر بالعمل والشهرة، في الوقت الذي من المفترض أن يستمتع بموهبته شيئا فشيئا، حتى يصل إلى السن الذي يستطيع فيه تحمل تبعات المسئولية والشهرة نفسيا، وحتى يعيش طفولته ولا يهمل دراسته أو يبذل مجهودًا وطاقة مثل الأشخاص البالغين حتى يصل إلى الشهرة، في الوقت الذي لا تتحمل نفسيته كل هذه الضغوط.
ومن جانب آخر يأتى برنامج مواهب الأطفال الاستثنائية وحواراتهم العفوية،والذى يقدمه الفنان المصري أحمد حلمي ضمن برنامج “Little Big Stars – نجوم صغار” عبر شاشة “MBC”.
وهو برنامج بهيكلية لا تعتمد على مبدأ الربح والخسارة، أو المنافسة والتصفيات أو التحديات من أي نوع، يطلّ برنامج “Little Big Stars- نجوم صغار”، على المشاهدين بلوحاته الراقصة واستعراضاته التي تأسر القلوب، فاتحاً أبوابه على مواهب طفولية مبدعة في الغناء والشعر والرسم والتقديم وتصميم الأزياء والعروض البهلوانية والاستعراضات المبهرة.. إضافة إلى الرقص والعزف والرياضات والفنون على أنواعها.. كل ذلك وغيره الكثير يقدمه أطفال متالّقون يمتلكون مواهب وقدرات استثنائية، أبرزها خفة الدم والذكاء الحاد والشخصية القوية والثقة العالية بالنفس، مع سرعة بديهة، إلى جانب كاريزما وحضور لافِتَيْن.
وفي كل حلقة، يحاور النجم أحمد حلمي مجموعة من الأطفال ضمن لقاءات قصيرة ومنفصلة تتألف من شقّين، الأول عبارة عن محادثة قوامها العفوية والبساطة وخفة الظلّ، وتتضمن أحاديث متنوعة بحسب موهبة كل طفل وعمره ومدى تجاوبه وقدرته على التواصل، ما يحمل الحوار إلى محطات قلبية مضحكة ومواقف وتعليقات طريفة تلقى تفاعلاً من الجمهور في الاستوديو والمشاهدين في منازلهم. وفي الشقّ الثاني من كل مقابلة، يقوم الطفل نفسه باستعراض موهبته أو قدرته المميزة أياً كانت، أمام الجمهور على المسرح المجهّز بأحدث الوسائل السمعية والبصرية والديكورات المناسبة لكل موهبة أو قدرة إبداعية.
الجدير ذكره أن Little Big Shots هو البرنامج الترفيهي الأسبوعي الأكثر مشاهدةً في الولايات المتحدة عام 2016، حيث حقّقت الحلقة الأولى منه رقماً قياسياً في المشاهدة على مستوى العالم، خلال وبعد عرضها على شبكة NBC الأميركية، ويقوم بتقديم الصيغة الاميريكية الإعلامي ستيف هارفي الذي يقدّم حاليّاً الموسم الثالث
2018-12-28