الذكاء الاصطناعي من ماكينة لخدمة الإنسان إلى مصدر قلق للعقل البشري
في تحقيقات وحوارات
308 زيارة
تقرير: حبيبة عبدالسلام
تسير الحياة هذه الأيام بوتيرة سريعة، فما يلبث العلماء عن إبهارنا على الدوام بأفكار واختراعات جديدة تجعل حياتنا أسهل فأسهل، ولكن المبهر في عقول البشر ليس في الأفكار الجديدة أو في الاختراعات المبهرة، بل في تحويلها لما نظنه مجرد خيال إلى واقع، فيما يشبه المعجزات، وخير مثال على ذلك هو تقنيات الذكاء الاصطناعي، فلو قام أحد بإخبار الأجيال التي تسبقنا أنه سيكون لأجهزة صماء القدرة على أداء بعض الوظائف بكفاءة أكثر من البشر لما صدقناه أبداً، ولظننا أنه مجرد درب من الخيال، ولكنه واقع نراه بأعيننا في يومنا هذا.
كحال البشر دائماً فإنهم في توجس غير منقطع من كل ما هو جديد، وكحال كل التقنيات الحديثة فإن الذكاء الاصطناعي وكل الاختراعات المتفرعة منه، فإنه ينال استهجاناً من معظم الفئات، تلك الفئات التي ترى أنه يمثل تهديداً مباشراً للعقل البشري، ولمكان الإنسان من سوق العمل، ولم لا ونحن نرى الآن مطعم كامل باليابان”100%” من العمال به هم (روبوتات) تعمل بالذكاء الاصطناعي، فتطهو وتأخذ طلبات الزبائن، وتقدم لهم طلباتهم إلى الطاولات؟!
ولكن السؤال الأهم هل شكوكنا تلك في محلها؟!
على حسب أقوال المهندسة”يمنى طاهر”، مهندسة ومطورة ذكاء اصطناعي وتعلم الآلة، فإن مخاوفنا ليست بمحلها، لأن الذكاء الاصطناعي ماهو إلا أداه لتسهيل الحياه علي البشر، فهو يساعدنا على القيام بمهامنا، وحاجاتنا اليومية وفي أداء الوظائف كذلك بشكل أسرع وأدق، حيث أن العقل البشري قد يخكئ في العديد من العمليات الدقيقة على عكس الذكاء الاصطناعي، موضحة أنه أيضاً هناك احتمال بأن تخكئ الآلة ولكنها إن تعلمت بشكل صحيح فلن تخطئ في مهامها الروتينية.
والجدير بالذكر أنه بعكس ظن معظم الناس فإن الذكاء الاصطناعي قد فتح مجالات عمل أكثر بكثير من قبل، وفتح آفاق العقل البشري للتفكير خارج الصندوق وللإبداع، ليجعل الآلة تتعلم وتبدع في حل مشاكله وأداء وظائفه، لذلك سترى وجود مسميات وظيفية جديدة قد خرجت للساحة وزاد طلب سوق العمل عليها بشكل كبير.
في نهاية عام “2022” أعلت شركة (Open AI) عن إصدار روبوت المحادثة (Chat gpt)، والذي أحدث طفرة كبيرة في نظرة الناس للذكاء الاصطناعي، حيث أنه يتحدث ويتفاعل بطريقة لا يمكن تمييزها عن طريقة البشر، فيما هو أشبه بالمعجزة، ولكن إن نظرنا له من زاوية أكثر موضوعية، فإنه نموذج قد تم تعليمه بالطريقة الصحيحة، وله خلفية كبيرة من المعلومات، حيث أنه متصل بالإنترنت الذي يمكنه من الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات في وقت قياسي، فهو قادر على معرفة كل شئ تقريباً، لذلك فإنه إن حاولنا التطرق لمعلومات مغلوطة فإنه لا يستطيع مجاراتنا، حيث أنه لا يكذب لاستناده على معلومات مثبته وخلفية كبيرة من المصادر.
أكدت المهندسة “يمنى طاهر” أن العقل البشري مستمر في الإبداع والإبهار، فمنذ عام”1953″ والعلماء في جهد متواصل لجهل الذكاء الاصطناعي مكافئاً للذكاء البشري، ولكن يبقى العقل يفوق الآلة، ومثال بسيط على ذلك جملة (أنا لست روبوت) المتواجدة في جميع مواقع البحث، فلم يتمكن العلماء حتى الآن من صنع آلة تستطيع الإجابة على هذا السؤال بنعم.
الذكاء الاصطناعي مثله مثل كل ما ينشئه البشر، له إيجابيات كما له عيوب، ولكن ذكاء الإنسان يكون في معرفة كيفية استخدام هذه الاختراعات لخدمة مصالحه الخاصة، وتفادي عيوبه بقدر ما يمكن، وهو ما يعمل عليه العديد من المهندسين والأساتذة المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي ليلاً ونهاراً، هنا تكمن روعة العقل البشري الذي يستطيع اللعب بالنار دون حتى أن تصيبه حرارتها، فقط إذا أراد.
2023-12-23