الوقوف للحظات أم الإستسلام لسنوات” موسوعة الأم والطفل “
في الأسرة والمجتمع
832 زيارة
كتبت / هدير الحسيني
نحن تحدثنا في المقال السابق عن كيفية التعامل مع مشاعر أبنائنا السلبية ، وذكرنا إلى أهمية الإعتراف بها واهتمامنا بعواطف أبنائنا لكي لا يصابون على المدى البعيد بإضطرابات أو مشكلات نفسية، واليوم سوف نستكمل حديثنا عن كيفية معالجة الشعور السلبي الذي يشعرون بها أبنائنا :
أشارت الموسوعة أن حل المشاكل يأتي دائماً بعد التدريب العاطفي ويتم التعامل مع المشاعر أولاً ثم بعد ذلك تأتي الحلول .
نحن علينا أن لا نستهين بمشاعر وكلمات أبنائنا مهما كانت لأن لا أحد يعلم ما الذي يدور بخاطر الطفل وما الذي يتصوره عقله ، فالوصول لعقول الأطفال مهارة ليست سهلة علي الجميع ولكن لا بد أن نتعلمها لكي نتعامل معه بشكل صحيح وسليم .
فعلى سبيل المثال: نجد طفل يقول لوالدته أنه لا يطيق الحياة ويرغب في الموت والأغلب في هذا الموقف سوف يستهين بهذة الجملة ويتخذها من باب المداعبة وأنه طفل يقول كلاماً لا يفهمه وينتهي الأمر بالتجاهل ، وقد تقوم الأم بأسداء النصيحة والتحذير أو تهديدات خطيرة لكي لا يُكرر هذا الكلام ومن هنا يحتفظ الطفل بأفكاره وألمه لنفسه ويشعُر بأن والدته تخلت عنه ولم تراعي شعوره .
ولكن إذا تعاملنا مع الموقف من جانب آخر سوف نجد نتيجة مغايرة تماماً عن ذي قبل ، فعلي سبيل المثال :
إذا قالت الأم لابنها في هذا الموقف “إني أقدر اليأس الذي يتملكك” فمن هنا نجد أن الطفل يبدأ في حل المشكلة لأن الأم توصلت مع ابنها إلى عمق مشاعره ، ومع هذا التعامل السليم لا نراه مفيداً فقط للطفل في اللحظة الراهنة بل يكون جيداً طوال حياته لأنه تعلم كيف يصل لعمق مشاعره وكيف يفكر في الحل.
تقول الموسوعة أن التدريب العاطفي لا يُغير الواقع ! ما معنى هذا :
نجد أب يعلم أن ابنه يكره أن يقوم بعمل الواجبات المدرسية والأب يُريد من ولده أن ينهي واجباته ، فمن المفيد هنا تعبير الأب لمعرفته بشعور الابن بجملة مستقلة عن الجملة التي يُقرر بها الوقائع وهي (( أرى إنكَ لا تُريد عمل واجبك المدرسي وعلي أيه حال فقد حان وقت البدء فيه )).
ومن المهم عدم إلحاق المشاعر بالوقائع بإستخدام لفظ ” لكن ” فمثلاً إذا قال الأب لابنه “أرى إنكَ لا تُريد عمل واجبك المدرسي لكن الوقت قد حان البدء فيه” هذة الجملة ولفظ لكن تمحو الدعم العاطفي الذي يجب علي الوالدين أن يقدموه للابن ، فهذة الجملة تُبين للابن أن الأب يعلم أنه لديه مشاعر سلبية ولكن هذا لا يعينه في شئ وبهذا سوف يحدث تأثيرات سلبية على الابن ، فالطفل لا بد أن يشعُربأن والديهِ يفهمانه وأن مشاعره تتماثل مع مشاعرهم حتي وإن كنت لا تٌقدم له حل ، لكن إستماع الوالدين للطفل ودعمهم له عاطفياً هذا بالتأكيد يشعره بالأمان وسوف يؤثر عليه إيجابياً .
من الأمور الخطيرة التي قد تواجهنا جميعاً أن مشاعرنا السلبية قد تُؤثر على أدائنا الوظيفي السليم ونتعرض للإستسلام ، وهنا نجد أننا لا نُدرك أن المشاعر السلبية والأعتراف بها ليس أمراً خطيراً وأنها مرحلة طبيعية يمُر بها كل فرد في حياتهِ ، وقد أشارت الموسوعة أننا يجب علينا أن نعلم الطفل أنه من المسموح له أن يشعُر بالتعاسة ولكن هذا لا يُعنى الإعفاء من المسوؤلية ووقائع الحياة .
وفي هذا أرى بعض النقد لأننا إذا أصبح كل ما يُهمنا إنهاء مهامنا رغم ما نشعُر به من سلبيات فبذلك سوف يعيش الإنسان تعيساً دائماً لأنه يتجاهل شعوره ويفقد توازنه النفسي في الحياة ، لأن المشاعر السلبية قد تُعرض الإنسان للوقوف عن أعماله ومسؤلياته بعض الوقت وهذا أمراً طبيعياً ، ولكن هناك فرق بين الوقوف للحظات والإستسلام لسنوات فمن حق الإنسان أن يقف في حياتهِ للحظات لكي يُعيد أولوياته واهتماماته في هذة الحياة ، وهذا هو بداية الخيط لحل المشكلات التي تشعر الإنسان بالإحباط ، ومن هنا يتحول من إنساناً عادى تشده وتسقطه الرياح كما تُريد لإنساناً ناضج يعي جيداً ما يريده في الحياة وما هي خطواته نحو النجاة وبهذا تعتبر المحنة منحة من الله لتخطى الإنسان كل المشكلات والتحديات.
وانتظرونا إن شاء الله في لقاءً آخر .
موسوعة الأم والطفل 2019-03-22