رغم الحر الشديد فى أيام الصيف وبينما أنت تفكر فى التغلب على العطش فى هذا الحر ، وتسمع صوت ينادى من بعيد بكلماته الرائعة والجاذبة “اشرب تمر ولله الأمر، وعرق سوس من غير فلوس”، بهذه الكلمات الجاذبة ينادي بائع العرقسوسو على بضاعته بالإضافة إلى مظهره الأنيق وزيّه المميز، لجذب أكبر قدر من المواطنين المتعطشين للمشروبات المثلجة.
العرقسوس” كلمة عربية الأصل تعني امتداد جذور النبات في الأرض، أو الخشب الحلو، وهي مكونة من مقطعين (عرق) أي جذر، و(سوس) تعني متأصل، أو أصل السوس وهو نبات معمر من الفصيلة البقولية، كما أنه نبات ذو قيمة علاجية عالية.
وقد تم العثور على جذور العرقسوس في قبر الملك توت عنخ آمون، وكان يقتصر استخدامه وشرابه على الملوك الفراعنة، وكان الأطباء الفراعنة يخلطونه بالأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها، وكانوا يعالجون به أمراض الكبد والأمعاء، والسعال الجاف والربو والعطش الشديد، بما يدعم وجهة النظر المؤكدة لوجود مهنة بائع العرقسوس في مصر منذ القدم.
و قد عرف قدماء العرب هذا النبات وورد وصفه في كثير من المراجع القديمة، و عن اهميته في حالات القيء و تهيح المعدة و الامعاء وقد اعتبر العرقسوس شرابا ملكيا حتى جاء الفاطميون مصر، فأقبل عليه الناس ليصير مشروب العامة خاصة في شهر رمضان، فيتناوله المسلمون بعد أذان المغرب لأهميته في القضاء على الإحساس بالعطش.
و بائع العرقسوس هو أحد الباعة المتجولين، يقوم ببيع مشروب مثلج من العرقسوس كواحد من أهم المشروبات الشعبية. وعمل بهذه الحرفة كثيرون. وقد كانت الحكومة المصرية في الماضي تمنح أصحاب هذه الحرف رخصا أو تراخيص تمكنهم من ممارسة هذه الحرف أو المهن لفتح محل شربتلي أو عرقسوس في أيام الأعياد والمولد النبوي، و للترخيص مدة محددة و يجدد . وكانت هناك تخصصات دقيقة لبائع المشروبات مثل العرقسوس؛ والشربات؛ والليمونادة.
أما هيئة بائع العرقسوس.. فهو موجود في مصر بشكل مكثف بأدواته المميزة وهو الإبريق الزجاجي أو النحاسي كبير الحجم الذي صنع خصيصا ليحافظ على برودة العرقسوس طوال اليوم، ويحمله بواسطة حزام جلدي عريض يحيط بالخصر ويتدلى منه إناء صغير للأكواب، بينما يمسك بيده اليمنى “صاجين من النحاس” يصدران صوتا مميزا ويحمل في يده اليسرى إبريقا بلاستيكيا صغيرا مملوءا بالماء لغسل الأكواب التي استبدلت بالأكواب البلاستيكية.
وقد يرتدي بائع العرقسوس طربوشا فوق رأسه للفت الأنظار إليه ودلالة على اعتنائه بنفسه، كما تميز ملابس باعة العرقسوس بأنها تراثية سمة وعنوان لباعة العرقسوس في كل أنحاء العالم العربي، ربما لأن أفضل إعلان يقدمه البائع هو إظهار عراقة تاريخ الشراب الذي يبيعه، عبر محافظته على لباسه التراثي المتأنق والمبالغ فيه والذى يتكون من سروال أسود واسع من منطقة الحجر يضيق عند القدمين وبسترة مزينة عادة بنصف ياقة، وتتغير بحسب مقاييس العصر الحديث ولكن بشكل غير ملحوظ.
أما حركاته وتراقص الصاجات النحاسية في يده فتجذب الصغير والكبير، فهو يتحرك بين أدواته كالبهلوان بمقابل مادى بسيط، بالرغم من ارتفاع أسعار السوق وخام نبات العرقسوس، ضمن الارتفاع العام لأسعار كل شيء..