ما بين السياحة و الترجمة واقع ملموس مع علم من أعلام مصر
في تحقيقات وحوارات
946 زيارة
حوار مع الأستاذ الدكتور” مصطفى درويش”.
حوار : ياسمين عبيد
دكتور “مصطفى درويش” من مواليد القاهرة درس في كلية الألسن جامعة عين شمس قسم اللغة الألمانية ، و عمل كمرشد سياحي في عام ” 1988″ ثم غادر إلي ألمانيا لدراسة الترجمة في عام “1994” و منها إلي دبي و عمل كمترجم في مكتب قانون ، و عمل في المركز الإسلامي النمساوي و قام بعمل عدة دراسات في مجال الدراسات الإسلامية داخل مصر و بالخارج ، و يعمل كمدرس متخصص في الدراسات الإسلامية في المدارس العليا بالنمسا هذا بالإضافة إلي عمله كإمام و خطيب بأحد المساجد .
حيث أجريت جريدة الدولة معه حوار حول السياحة المصرية ما بين الماضي والحاضر، و كيف أن الظروف المحيطة تأثر علي السياحة بشكل كبير، و كيف ترتبط السياحة إرتباطا وثيقا بالترجمة و اللغات المشتركة ، و ما الذي أضافه الشرق للغرب علي مر التاريخ و العصور .
س : في البداية و بما إن حضرتك قضيت معظم حياتك خارج البلاد ، فما هي أهم الصعوبات التي تواجه المغتربين خاصة في بداية حياتهم المهنية ؟!
ج : إن كلمة مغترب تعتبر هي المشكلة بالنسبة للمتواجدين بالخارج و لكن أنا لست مغترب ، لقد أقمت في ألمانيا و دبي و الآن النمسا و أعتبرتهم جميعا أوطاني كما أن وسائل الإتصال اليوم سهلت كل شئ ، و أيضا فإن الأمر يختلف إذا كنت ذاهب للعمل أم للبحث عن عمل فأنا ذهبت للدراسة في ألمانيا و العمل في الدبي و تم التخطيط مسبقا ، و إن كانت هناك بعض الصعوبات في العمل و لكنها عادية و يمكن مقابلتها في أي بلد .
س :من خلال مسيرة حضرتك في الإرشاد السياحي ما هي أكثر الأماكن في مصر جذبا للسياح !!
ج : يأتي في المقام الأول الأهرامات و يكفي أنها من أحد عجائب الدنيا ” السبعة” و دليل علي عظمة الإنسان المصري في ذلك الوقت ، و الأقصر سواء الشرق و تشتمل علي معبد الكرنك و الغرب و يشمل وادي الملوك و معبد الملكة “حتشبسوت “، و الأقصر هي عروس الآثار في مصر و تشمل أكثر من “70%” من آثار مصر ، و أسوان بطبيعتها الخلابة و يوجد بها معبد أبو سمبل و معبدي “رمسيس الثاني” و زوجته “نفرتيتي”.
س : ما هي أكثر الدول التي أشتهرت بزيارة أهلها لمصر علي مر الأعوام السابقة ؟!
ج: في الفترة التي كنت أعمل بها و هي فترة التسعينات كان يأتي في المقام الأول الألمان ، و كانوا في تنافس مع الإيطاليين ثم الإنجليز و الفرنسيين ، ثم في “العشر” سنوات الأخيرة حدثت تعديلات كبيرة و تألق الروس و الصينيون و تخطوا حاجز ال “2مليون”.
س : مرت السياحة في مصر بعدة عصور ما بين القوة و الضعف برأيك ما هو العصر الحالي الذي تعيشه السياحة في مصر ؟!
ج : السياحة في المقام الأول تعني الأمن و الإستقرار و السلام ثم بعد ذلك يأتي قرار السائح إلي أي بلد يذهب فمصر ليست البلد الوحيد الذي به آثار ، حيث أن السائح يجمع الأموال لزيارة ذلك البلد و يريد الشعور بالسعادة و الإطمئنان ، فإن السياحة تتأثر تأثر كبير بأي مشكلة حيث أنه عندما قامت حرب الخليج أثرت علي السياحة المصرية برغم كونها في العراق ، و المرحلة الحالية سيئة للغاية بسبب فيرس كورونا فإن السياحة في العشر سنوات الأخيرة تأثرت تأثر كبير .
س : بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير أنهارت الحياة السياحية في مصر هل كان هذا الدافع الحقيقي وراء تركك للمهنة في ذلك الوقت!!
ج : لم تكن هذة المرة الأولي التي أترك بها السياحة فأنا تركتها في عام “94” و ذهبت للدراسة في ألمانيا، و عدت إلي السياحة و أنا أعشقها كمهنة و بعد إندلاع الثورة كانت إحدي العوامل التي ساعدتني علي إتخاذ القرار لترك السياحة ، و كان لها أثر كبير فيكفي أنه لا يوجد عمل و الوضع السياسي كان غير واضح و لا يوجد رؤية .
س : ما هو مدي قوة العلاقة التي تربط بين تخصصي الإرشاد السياحي و الترجمة؟!
الذي يجمع بين الأثنين هي اللغة حيث أن الإرشاد هو من ضمن المجالات المتاحة لخريج اللغات ، و أنا أري أن السياحة هي تعامل بين الشمال و الجنوب و هي تبادل حضارات و يساعد علي هذا التبادل اللغة المشتركة، و الترجمة هي تعامل مع أشخاص من خلال الأوراق فإن التعامل مع الناس مباشرة يكون من خلال السياحة أما في الترجمة فمن خلال الأوراق.
س : منذ أن بدأت حركة الترجمة في مصر في عهد “محمد علي” و كان لها دور بارز و مهم في النهضة الأدبية و العلمية آنذاك هل ما زالت تؤدي ذلك الدور خاصة مع التطور التكنولوجي الموجود حاليا ؟!
ج : “محمد علي” كان لديه رؤية و يفهم أهمية الترجمة في نقل الحضارات و لكن إذا عدنا بالتاريخ إلي العصر العباسي و عصر الترجمة العظمية التي قام بها المسلمون، من ترجمة الآداب اليونانية إلي اللغة العربية ثم نقلها إلي أوروبا ، فإن النهضة الأوروبية التي حدثت هي نتاج لهذة الترجمة التي قام بها المسلمون في ذلك الوقت.
كما أنه في عهد سيدنا “محمد ” كان يطلب من الصحابة أن يتعلموا اللغات الأخري لكي يفهموا لغة العدو و كيفية التعامل معه ، أما بالنسبة لإذا ما زالت موجودة حاليا فأعتقد لا بل هي ضعيفة جدا الآن لدرجة أن فكرة القراءة نفسها أصبحت غير موجودة فكيف بالترجمة !، و لذلك تقوم بعض الحكومات و منها الحكومة المصرية بتولي مشروعات من أجل إستمرار حركة الترجمة.
س : مع التقدم الهائل الذي وصلت إليه المجتمعات الأوروبية هل أكتسبت أوروبا حضاراتها من الحضارة الشرقية و العربية بالفعل ؟!
ج : تمثل الإجابة علي هذا السؤال تاريخ و واقع مسجل سواء في الحضارة العربية أو الأوروبية و لا يستطيع أحد إنكاره ، و يخطر في بالي أحد الكتب الألمانية اسمه (شمس الله تشرق علي الغرب ) و كان يتكلم بشأن هذا الموضوع، فالعرب هم من قاموا بنقل العلوم إلي الغرب أمثال “ابن سينا ” و “ابن رشد” و غيرهم الكثير ، ممن برعوا في علوم الفلك و الطب و الفلسفة و غيرها من العلوم .
س : تمثل الديانة الإسلامية في أوروبا أقلية فمن خلال تدريس حضرتك للدين الإسلامي هناك هل التعامل في أوروبا يقوم علي الجنسية و الوطنية أم الديانة و هل تمارس أي نوع من أنواع العنصرية تجاه المسلمين!!
في الحقيقة أنا لا أستطيع الكلام عن أوروبا بأكملها لكني سأتحدث عن النمسا التي أقيم بها ، النظام في النمسا هو نظام علماني و العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة فهناك مواطن بصرف النظر عن الديانة أو اللون أو العرق ، فأمام القانون الجميع سواسية و الدولة تأتي فوق الديانة .
أما بالنسبة للمسلمين فلهم الحرية الكاملة في ممارسة جميع شعائرهم كما أن الدين الإسلامي معترف به في النمسا، مع ديانات أخري كثيرة و يحتل المرتبة الثانية بعد المسيحية كما أن الدين مادة مقررة في المدارس ، و لا ينفي هذا وجود بعض الإختلافات في وجهات النظر و لكنها إيجابية و يمكن القول بأنه يوجد حرية دينية في النمسا غير متواجدة في بعض الدول الإسلامية .
س : بعد إنفتاح العرب علي الثقافة الغربية منذ الحملة الفرنسية بدأت تختلط الثقافة العربية بالغربية هل حضرتك مع أم ضد هذا التصرف و كيف يمكن معالجته ؟!
ج : إن الإنسان بطبيعته كائن إجتماعي يتفاعل مع الآخر و يتعلم منه و يعلمه ، فحينما أجد من هو أفضل مني علي أن أتعلم منه و أقلده و لكن ليس تقليدا أعمي فآخذ ما يناسبني و ما يناسب ثقافتي ، فالإنسان لديه من الذكاء ما يجعله يرتقي و لكن عليه حسن الإختيار .
س : في الختام نود من حضرتك تقديم نصيحة للشباب المصري خاصة من هم في مقتبل العمر و يتطلعون لمستقبل أفضل لبلادهم .
أقول للشباب عليك أن تؤمن بنفسك أولا و أنك قادر علي الوصول إلي ما تريد ، بالعمل و الجد و الإيمان و لكن بناء المستقبل يستغرق من الوقت الكثير فلابد أن تتحلوا بشئ من التأني و هو صعب بعض الشئ، لأن السمة الغالبة للإنسان التسرع فعليك أن تسرع ولكن لا تتسرع ، فإن في العجلة الندامة و في التأني السلامة و بتوفيق الله و بلغكم الله ما تحبوا و تتمنوا .
2020-08-13